رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الربط الرابع للسلام والتنمية

لربط السلم والأمن بالتنمية المستدامة، فى القارة السمراء، وسعيًا إلى إيجاد حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية، أطلقت مصر، خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى، سنة ٢٠١٩، «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، الذى جعلته نتائج ومخرجات نسخه الثلاث السابقة منصة رائدة لتناول التهديدات المعقدة، التى تواجه دول القارة، سواء بإسهامها فى التوصل إلى رؤى مشتركة لسبل مواجهتها، أو بدعم جهود منع النزاعات وبناء السلام، استنادًا إلى عدة مبادئ أبرزها المنفعة المتبادلة واحترام السيادة الوطنية.

من منظور العلاقة التكاملية بين السلم والأمن من جهة، والتنمية المستدامة والشاملة من جهة أخرى، وتحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، تستضيف القاهرة، أمس واليوم، الثلاثاء والأربعاء، النسخة الرابعة للمنتدى، التى افتتحها سامح شكرى، وزير الخارجية، وشارك فى جلسته الافتتاحية، موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، وأحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولفيف من الوزراء ووفود رفيعة المستوى من مسئولى الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة، إضافة إلى ممثلى أهم المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بقضايا السلم والأمن والتنمية، وعدد من المفكرين والصحفيين والإعلاميين.

النسخة، التى تحمل عنوان، أو شعار «إفريقيا فى عالم متغير.. إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية»، تأتى، كما لعلك ترى، فى توقيت دقيق، تشهد فيه المنطقة، بل والعالم كله، تحديات جسيمة، وتفاقمًا غير مسبوق للحروب والنزاعات والأزمات الإنسانية، ما يضاعف أهمية ربط السلم والأمن بالتنمية المستدامة، وتبنى الدول الإفريقية رؤية شاملة وجادة لمواجهة التحديات الأمنية والتنموية. 

يضاعف أهمية النسخة الرابعة لمنتدى أسوان، أيضًا، تزامنها مع الذكرى العشرين لتأسيس «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، وكذا مع احتفال «مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، أمس الأول الإثنين، بمرور ثلاثين سنة على إنشائه. إضافة إلى اقتراب «قمة المستقبل»، التى تعقدها الأمم المتحدة، بمدينة نيويورك، فى ٢٢ سبتمبر المقبل، لتعزيز أجندة التنمية المستدامة الأممية ٢٠٣٠، وتقديم خارطة طريق لمواجهة التحديات المستقبلية، وإعادة النظر فى سبل بلورة نظام دولى جديد، أكثر تكيفًا مع تحديات السلم والأمن، الآخذة فى التفاقم، والتى تؤثر على مسيرة التنمية، وتنفيذ الأجندة الأممية.

المهم، هو أن الجلسة الموضوعية الأولى للمنتدى، كان عنوانها «عوالم متباعدة.. الربط بين السلام والأمن والتنمية فى عالم ممزق»، وشارك فيها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وكريستوف هويسجن، رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، وأدارتها الدكتورة كومفورت إيروو، رئيسة مجموعة الأزمات الدولية، وتناولت، بشكل معمق، حالة الضبابية وعدم اليقين والتوترات الجيوسياسية والاستقطاب وازدواجية المعايير، التى باتت تمثل سمات المشهد الدولى الراهن، وسبل التعامل مع قصور أطر الحوكمة العالمية عن مواجهة التحديات التى تموج بها المنطقة والعالم كله.

فى مداخلته، خلال هذه الجلسة، استعرض وزير الخارجية عددًا من أزمات دول القارة، مؤكدًا أن مصر ترى أهمية تطبيق مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التى تسهم فى تعقيد الأوضاع. ثم استعرض جهود مصر بشأن الأزمة السودانية، ومساعيها المستمرة من أجل وقف الحرب فى البلد الشقيق، مشددًا على أن أى حل سياسى حقيقى لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، دون إملاءات أو ضغوط من أى أطراف خارجية، وبالتشاور مع أطروحات المؤسسات الدولية والإقليمية الفاعلة، لافتًا إلى أهمية معالجة الأزمة من جذورها عبر التوصل إلى حل سياسى شامل، حفاظًا على مصالح الشعب السودانى ومقدراته، وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل.

.. وتبقى الإشارة إلى أن النسخة الرابعة لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين» شهدت إطلاق مبادرات لتعزيز الملكية الإفريقية لجهود السلم والأمن، من بينها تدشين شبكة جديدة لمنع التطرف المؤدى إلى الإرهاب، تجمع مراكز القارة العاملة فى هذا المجال. وفى إطار ريادة الرئيس السيسى لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات بالاتحاد الإفريقى، جرى الإعلان، لأول مرة، عن جائزة «منتدى أسوان لإعادة الإعمار والتنمية»، لدعم جهود النماذج الإفريقية الواعدة، فى بناء السلام وتحقيق التنمية.