رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تدفقات استثمارية أوروبية

الرقم الذى ذكرته وكالة «رويترز»، السبت الماضى، ظل يتزايد حتى تجاوز ٦٧.٥ مليار يورو، هى قيمة ٣٥ اتفاقية ومذكرة تفاهم، جرى توقيعها خلال «مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى»، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وشارك فيه عدد كبير من المسئولين الحكوميين رفيعى المستوى من الجانبين، ومجموعة واسعة من ممثلى شركاء التنمية الثنائيين ومتعددى الأطراف والقطاع الخاص ومنظمات الأعمال المصرية والأوروبية.

تحت عنوان «القارة العجوز وإمكانات مصر»، توقعنا، منذ أيام، أن يتم الإعلان، خلال يومى المؤتمر، ثم فى الأسابيع والشهور التالية، عن استثمارات أوروبية ضخمة، تدعم اقتصادنا وبرنامجنا الإصلاحى، وتعزز تنافسية مصر والقارة العجوز على الساحة الدولية. وأوضحنا أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز انخراط الشركات الأوروبية فى السوق المصرية، فى ضوء الاتفاق الذى جرى خلال «القمة المصرية الأوروبية»، التى استفاضتها القاهرة، فى مارس الماضى، وجمعت بين الرئيس السيسى، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص، إيطاليا، اليونان، النمسا، وبلجيكا، وشهدت الإعلان عن ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الشاملة والاستراتيجية.

مائة يوم فقط، مرت على بدء حقبة الصداقة الجديدة بين مصر والاتحاد الأوروبى، ثم «بدأنا نجنى ثمار هذه العلاقة الوثيقة»، بتعبير رئيسة المفوضية الأوروبية، وهى تعلن، خلال افتتاح المؤتمر، عن «توقيع الشركات الأوروبية أكثر من ٢٠ اتفاقية جديدة بقيمة تزيد على ٤٠ مليار يورو، مع شركائها المصريين»، وكان هذا هو الرقم الذى ذكرته، أو نقلته، وكالة «رويترز»، والذى أشرنا إلى أنه تزايد تدريجيًا. 

بتفصيل أكثر، جرى توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم قيمتها ٤٩ مليار يورو مع شركات تابعة للاتحاد الأوروبى، و٦ اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة ١٨.٧ مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى، سواء كانت أوروبية، غير تابعة للاتحاد، أو مع شركات من جنسيات مختلفة، تستهدف تصدير منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبى. كما كانت جلسات الحوار، الرئيسية والجانبية، فرصة مواتية لنقاشات ثرية بين الجانبين، لبحث فرص إقامة الشراكات الممكنة، وأثنى خلالها شركاء التنمية على الجهود المبذولة والعمل المشترك فى تنفيذ برامج دعم الموازنة وتمويل سياسات التنمية، التى تتم فى إطار من التكامل لتنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية، التى تنعكس أيضًا على تهيئة البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص، وأبدوا استعدادهم للتنسيق من أجل تعظيم الاستفادة من آلية الضمانات الاستثمارية التى يتيحها الاتحاد الأوروبى.

الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، تم توقيعها على مستوى القطاع الخاص، أو بين القطاع الخاص والجهات الرسمية المصرية. وإضافة إلى أنها تحقق مستهدفات كبيرة، فقد عكست قيمتها، أو أرقامها الكبيرة، مدى اهتمام الاتحاد الأوروبى وشركات القطاع الخاص بمختلف المجالات والمشروعات التى تم توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بشأنها، والتى كان على رأسها مشروعات الهيدروجين الأخضر، والسيارات الكهربائية، والبنية الأساسية، والنقل المستدام، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و... و... وغيرها من المجالات، التى حددتها «رؤية مصر ٢٠٣٠»، ومستهدفات الاتحاد الأوروبى لدعم الاقتصاد الأخضر خلال المرحلة المقبلة، استنادًا إلى إيمان الطرفين العميق بأهمية مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، وفى ضوء برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الجاد، الذى واجه بشجاعة، خلال السنوات العشر الماضية، ولا يزال، الاختلالات الاقتصادية الهيكلية، على مدى عقود، دون أن يغفل البعد الاجتماعى.

.. أخيرًا، وإلى أن يتم عقد الدورة الثانية للمؤتمر، فى السنة المقبلة، أو مع انتظارنا أو توقعنا تكرار هذه التجربة الناجحة، سنويًا، بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين، نتمنى أن نرى، قريبًا، ترجمة ما تم طرحه من أفكار ومبادرات، وما جرى توقيعه من مذكرات تفاهم واتفاقيات، إلى مشروعات على أرض الواقع، تسهم فى دعم الاقتصاد المصرى، وتتيح المزيد من فرص العمل، وترفع معدلات النمو السنوية، وتؤكد، مجددًا، قدرة وإرادة مصر على تخطى التحديات الاقتصادية والمضى قدمًا نحو تنفيذ خطة التنمية الشاملة.