رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الرسالة الأخيرة» إلى السنوار لوقف الحرب: «حماس» توافق.. ونتنياهو ينسف المفاوضات

جريدة الدستور

كشف المحلل الاستخباراتى الإسرائيلى رونين بيرجمان، فى تقرير مفصل نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن الرسالة الأخيرة التى تلقاها زعيم حركة حماس يحيى السنوار، قبل تصفيته نهاية الأسبوع الماضى.

تعود الوثيقة، التى كشفها «بيرجمان»، إلى شهر يوليو الماضى، وتحمل توقيع الوسيط القطرى، وعرضت تفاصيل المفاوضات الأخيرة بين حماس وإسرائيل، أو آخر الاتفاقات، وكذلك النقطة التى توقفت عندها مفاوضات عودة المحتجزين، وتعد الوثيقة آخر رسالة تلقاها «السنوار»، قبل اغتياله.

وتستند الوثيقة والمخطط الذى تتضمنه إلى الاقتراح الإسرائيلى، الذى تم تقديمه فى ٢٧ مايو الماضى، والذى سمى لاحقًا ولسبب ما بـ«مخطط بايدن»، وهو الاسم الذى سمح لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بالادعاء لاحقًا بأن نتنياهو قبله، «أى مخططه الخاص». وتتضمن الوثيقة خمس صفحات باللغة الإنجليزية، تشمل ١٨ قسمًا، وتحتوى على ٢١٩٣ كلمة، وتشمل الخطوط العريضة لصفقة عودة المحتجزين ووقف إطلاق النار وإنهاء الحرب فى غزة والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وعنوان الوثيقة هو «مبادئ عامة للاتفاق بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى فى غزة بشأن تبادل الرهائن والأسرى وعودة السلام المستدام».

وتم تقسيم الوثيقة إلى قسمين، يتضمنان النقاط الخلافية، وأضاف القطريون عنوانًا باللون الأحمر: «هذه الأقسام لا تزال خاضعة للتفاوض».

ووفقًا للتقرير، فعلى أحد جانبى الصفحة المعنونة كُتب «هذا القسم كما جاء فى الاقتراح الإسرائيلى الأخير»، وعلى الجانب الآخر «صياغة حماس»، التى تم تعريفها هناك على أنها «الجانب الفلسطينى»، بمعنى أن كل ما لم يظهر فى الصفحة هو ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين وحظى بدعم وضمانة الدول الوسيطة، الولايات المتحدة ومصر وقطر.

وكشف «بيرجمان» عن أنه على الرغم من الطريقة الإيجابية التى استقبلت بها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الوثيقة فى ٣ يوليو، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أرسل، فى ٢٧ يوليو، «رسالة التوضيح» الخاصة به، وهى الرسالة، التى كما يبدو أوضحت قليلًا وأضافت الكثير.

وأضاف: «على الرغم من ذلك، ادعى مكتب نتنياهو فى سبتمبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى قَبل جميع المقترحات الأمريكية للإفراج عن المحتجزين، وأن حماس رفضتها جميعًا، على الرغم من أن الوثيقة تؤكد أن نتنياهو هو من نسف المفاوضات؟».

وطرح «بيرجمان»، فى تقريره تساؤلًا هو: «أى طرف سوف يتولى التحدى ويحاول سد الفجوات المتبقية عند استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار؟، فهل ستتوقف الولايات المتحدة وقطر ومصر عن الضغط على الطرفين؟، أم أن إسرائيل ستغير التصور القائل بأن هناك حاجة إلى توجيه ضربات إضافية لحماس وتقبل الدخول فى مفاوضات سريعة؟».

وعلق مسئول كبير فى إسرائيل لـ«بيرجمان» على الخطوط العريضة لصفقة إطلاق سراح المحتجزين التى عرضتها قطر نيابة عن الوسطاء فى ٣ يوليو، والتى كانت مقبولة آنذاك لدى حماس، والتى أعلنت منذ ذلك الحين عدة مرات علنًا عن أنها لا تزال مقبولة لديها، هى أرضية صلبة للتوصل إلى اتفاق محتمل، وقال: «هناك ثغرات فيها، بعضها ليس بسيطًا، لكن كان من الممكن حلها لولا إصرار إسرائيل- كما أصر رئيس الوزراء- على إثقال كاهل الاتفاق بصعوبات، وأضافت حماس بعدها صعوباتها. لو لم تفعل إسرائيل ذلك، لربما كنا هنا اليوم بعد الاتفاق وفى طور تنفيذه».

وأشار إلى أن رد فعل مجتمع الاستخبارات وفريق التفاوض عندما وصلت الوثيقة لأول مرة إلى إسرائيل، فى ٣ يوليو، هو أن حماس تقبل معظم الاقتراح الإسرائيلى وتتنازل عن جزء كبير من مطالبها، حيث تبقى الفجوة الأساسية فى قسمين، فجوة ليست سهلة، فيما يتعلق بهوية السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم.

فى المقابل، وبحسب التقرير، يرى مسئول كبير فى إحدى الدول الوسيطة، ومسئولون كبار فى الفريق المفاوض الإسرائيلى، أنها كانت قابلة للحل.

وأوضح «بيرجمان» أنه خلافًا لادعاءات مكتب نتنياهو وممثليه فى وسائل الإعلام، فإن حماس وافقت على الصفقة، ولم تصر على عشرات التغييرات كما ادعى مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلى. ولفت إلى أنه فى الربيع وأوائل الصيف، واصل الوسطاء من قطر التفاوض، ومن أجل التغلب على معارضة نتنياهو لمناقشة وقف الحرب أو الانسحاب، تم تحديد الخطوط العريضة لثلاث مراحل، مدة كل منها ٤٢ يومًا، على أن تتم إعادة جميع المحتجزين إلى إسرائيل، ووضع نهاية رسمية للحرب. ونوه إلى أن بعض الملاحظات المهمة من الوثيقة أنه بعد أن رأت حماس أن إسرائيل تفرض المزيد من المطالب، وأدركت على ما يبدو أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، فإن «السنوار» قام بتشديد الشروط من جانبه.

والاستنتاج الذى يظهر من تلك الوثيقة- بحسب المحلل الإسرائيلى- هو أنه لو عدنا بالزمن إلى تلك النقطة فى المفاوضات، لكانت الفجوات صغيرة نسبيًا. وإذا تخلى نتنياهو عن عناده ومطالبه وقتها، فربما كانت تسحب حماس أيضًا مطالبها. وكان هذا أقرب ما توصل إليه الجانبان للتوقيع منذ بدء وقف إطلاق النار الأول فى نوفمبر، أى قبل ما يقرب من ١١ شهرًا. وأضاف: «الآن، ولإتمام صفقة وقف إطلاق نار جديدة، يحتاج نتنياهو إلى اتخاذ ثلاثة قرارات استراتيجية مؤلمة: الانسحاب من قطاع غزة بأكمله أو معظمه، والموافقة على اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بضمانات دولية لا يمكن انتهاكها بسرعة، وإطلاق سراح الأسرى، ومن الصعب الافتراض أن نتنياهو سيتخذ تلك القرارات».

 

.. والحركة تتجه لإخفاء هوية رئيس المكتب السياسى خوفًا من اغتياله

 

رجحت مصادر فى حركة «حماس» أن تلجأ الحركة إلى إخفاء هوية رئيس مكتبها السياسى الجديد بعد اغتيال إسرائيل زعيمها يحيى السنوار فى قطاع غزة، كإجراء أمنى يحول دون اغتياله.

وكشفت المصادر عن أن هذه الخطوة هدفها منح رئيس المكتب السياسى الجديد، المتوقع اختياره خلال أيام، مساحة أكبر للعمل مع تجنيبه الاغتيال، كما تسمح أيضًا بتسيير العمل بسلاسة أكبر، والحفاظ على النظام العام داخل الحركة وتماسكها، فضلًا عن وضع إسرائيل فى حيرة بشأن من سيتخذ القرارات إذا ما تم استئناف المفاوضات حول وقف النار وتبادل الأسرى والمحتجزين فى قطاع غزة.

وفيما تبحث قيادة الحركة عن بديل لـ«السنوار» تطرح على الطاولة عدة أسماء ستتم المفاضلة بينها لاختيار رئيس المكتب السياسى لـ«حماس».

الاسم الأول من بين الاختيارات، هو محمد درويش أو أبوعمر حسن، وهو رئيس مجلس شورى «حماس»، ويعدُّ شخصية غير معروفة، ويُلقب برجل الظل.

والثانى هو خليل الحية، نائب «السنوار»، والذى تحوّل إلى عنوان للحركة فى ظل اختفاء رئيس مكتبها السابق فى القطاع وبعد مقتله.

أما الاسم الثالث فهو خالد مشعل، الذى احتفظ بمنصبه رئيسًا للمكتب السياسى لـ«حماس» حوالى ٢١ عامًا، وهو يشغل الآن منصب رئيس «حماس» فى إقليم الخارج.

والرابع هو موسى أبومرزوق، أحد مؤسسى حركة «حماس» عام ١٩٨٧، وكان الرئيس الأول لمكتبها السياسى، وهو حاليًا نائب رئيس الحركة فى الخارج. 

والاسم الخامس هو محمد نزال، الذى يعد أحد صقور «حماس»، وأحد قياداتها فى الضفة.

وسبق ولجأت الحركة لتكتيك إخفاء اسم قائد «حماس» فى عام ٢٠٠٤، بعد اغتيال إسرائيل مؤسسها أحمد ياسين ثم خليفته عبدالعزيز الرنتيسى بعد أقل من شهر، ولم تعلن «حماس» بعدها لفترة طويلة اسم قائدها فى فلسطين لتجنيبه الملاحقة الإسرائيلية.

وأجبر اغتيال «السنوار» الحركة على بدء مشاورات واسعة يفترض أن تطال لاحقًا سياستها فى المستقبل فيما يتعلق بالمواجهة الحالية والمفاوضات حول وقف النار.

وأعاد رحيل «السنوار» القرار فى «حماس» للخارج بعدما كان قطاع غزة مركز ثقله، وأغلب الظن أن تخضع القرارات فى المستقبل إلى نقاش جماعى أوسع مع غياب قادة تاريخيين مؤثرين.

ومنذ تأسيس «حماس» عام ١٩٨٧ تولى ٤ أشخاص رئاسة المكتب السياسى، وهم موسى أبومرزوق الذى تولى أول منصب رئيس للمكتب السياسى من ١٩٩٢ إلى ١٩٩٦، وخالد مشعل الذى تولى رئاسة المكتب السياسى من ١٩٩٦ إلى ٢٠١٧، وإسماعيل هنية خلفًا لمشعل منذ عام ٢٠١٧ حتى اغتياله هذا العام، ثم يحيى السنوار.