رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن تكون سماؤنا مُحْرِقة ومياهنا مُغْرِقة

 اليوم، الإثنين، هو عيد قواتنا البحرية السابع والخمسين، والإثنين الماضى، احتفلت قواتنا الجوية، بعيد تأسيسها الثانى والتسعين، بالتزامن مع الذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، الذى جعلها ترجئ احتفالها بعيد تأسيسها، من ٢٣ مايو، إلى ١٤ أكتوبر، ليتزامن مع «معركة المنصورة»، إحدى أهم الملاحم البطولية لرجالها، وأطول وأعنف وأشرس معركة جوية عرفها التاريخ العسكرى الحديث.

فى مثل هذا اليوم، منذ ٥٧ سنة، كانت سينما «ديانا» تعرض فيلم «الزوجة الثانية»، لسعاد حسنى وشكرى سرحان وصلاح منصور.. وشركة النصر للكيماويات الدوائية تعلن عن حاجتها إلى ٣٠٠ دمجانة «برميل» بلاستيك بحالة جيدة، لتعبئة كيماويات سائلة للتصدير.. ومحلات «صيدناوى وشملا» تقدم «أحدث مجموعة لفصل الشتاء».. ورئيس وزراء الصومال يزور القاهرة.. و... و... وقبل أن تغرب الشمس، نقلت وكالة «أسوشيتدس برس» عن «متحدث عسكرى إسرائيلى» أن القوات البحرية المصرية ضربت مدمرة إسرائيلية وأصابتها «بينما كانت تقوم بدورية على شاطئ سيناء»، و«تجرى الآن» عملية إنقاذ ضخمة عن طريق الجو والبحر، لنقل الجرحى إلى المستشفيات العسكرية فى أسدود وبير سبع.

صباح يوم ٢١ أكتوبر ١٩٦٧، تحركت المدمرة «إيلات»، شمال شرقى بورسعيد، واقتربت من الساحل، حتى فصل بينها وبين المياه الإقليمية ميل واحد، ثم عادت وابتعدت حتى ١٨ ميلًا. وفى الساعة الحادية عشرة، واصلت تقدمها واخترقت المياه الإقليمية، ثم استدارت وتراجعت، لكنها عادت فى الرابعة والنصف، لتسير فى خط متعرج نحو المياه الإقليمية، التى دخلتها فى الساعة الخامسة، فتم الاشتباك معها، بعد ٢٨ دقيقة، وإغراقها بأربعة صواريخ، أطلقها أربعة ضباط، كان أكبرهم عمره ٢٩ سنة: النقيب أحمد شاكر الطارح، الملازم أول حسن حسنى محمد أمين، النقيب مصطفى جاد الله، الملازم أول ممدوح منيع. والأبطال الأربعة، أشادت كل الدوائر العسكرية بشجاعتهم النادرة، وبراعتهم فى إصابة الهدف.

البيان الصادر عن القيادة العليا لقواتنا المسلحة، فى ذلك اليوم، قال إن «قطعة من قطع أسطول العدو» اقتربت من شواطئنا بشمال بورسعيد، الساعة الخامسة مساء، ودخلت مياهنا الإقليمية فى الساعة الخامسة والنصف، فتصدت لها بعض وحداتنا البحرية، واشتبكت معها وأغرقتها، و«عادت وحداتنا جميعًا إلى قواعدها سالمة». وعند منتصف الليل، أذاع المتحدث العسكرى باسم القيادة العليا لقواتنا المسلحة هذا البيان: «فى السابعة والنصف مساءً، ظهر هدف بحرى آخر من قوات العدو داخل مياهنا الإقليمية شمال شرقى بورسعيد، فاشتبكت معه وحدتنا البحرية وأصابته إصابة بالغة، وشوهدت عدة انفجارات فى المنطقة، وظهر على شاشة الرادار أن هذه القطعة البحرية تغرق». ونشير، بالمرة، إلى أن مجموعات من ضفادعنا البشرية، بالتعاون مع مخابراتنا العامة، قامت، بين ١٦ نوفمبر ١٩٦٩ و١٥ مايو ١٩٧٠، بتنفيذ ثلاث عمليات هجوم على ميناء إيلات الإسرائيلى، انتهت بتفجير الرصيف الحربى للميناء، وتدمير وإغراق أربع سفن: «هيدروما وداليا» التجاريتين، «بيت شيفع وبات يام» الحربيتين. وتلك هى العمليات التى تناولها فيلم «الطريق إلى إيلات»، الذى كتبه فايز غالى وأخرجته إنعام محمد على.

المهم، هو أن المدمرة الحربية «إيلات»، كانت أكبر قطع الأسطول الإسرائيلى، واشترتها دولة الاحتلال من بريطانيا فى يونيو ١٩٥٦، وتم تسجيل معركة إغراقها أو تدميرها، ضمن أشهر المعارك فى تاريخ الحروب البحرية، لكونها العملية الأولى من نوعها، وباعتبارها بداية لمرحلة جديدة فى تطوير الأسلحة البحرية واستراتيجيات القتال البحرى فى العالم. وعليه، وقع الاختيار على ذلك اليوم، ليكون عيدًا لقواتنا البحرية، التى يتولى رجالها، بعيون لا تنام، حماية حدودنا البحرية، الممتدة لأكثر من ألفى كيلومتر على البحرين الأبيض والأحمر، وتأمين ٢١ ميناءً و٩٨ هدفًا بحريًا، إضافة إلى المجرى الملاحى لقناة السويس.

احتفالًا بعيدها السابع والخمسين، استعرضت قواتنا البحرية إمكاناتها المتطورة لمواجهة مختلف التحديات، وتابعنا بفخرٍ وإعجاب نشاطها فى مجالات مكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى تعاونها مع أقوى القوات البحرية العالمية، فى مجالات متعددة، للحفاظ على الأمن البحرى الإقليمى، ومجابهة الأنشطة المشبوهة بالبحر، التى تُؤثر على أمن وسلامة المجال البحرى، وآخرها تولى مصر قيادة قوة المهام المشتركة، كأول دولة إقليمية تتولى قيادة تلك القوة بعد الولايات المتحدة الأمريكية.. وتحدث قائدها، الفريق أشرف عطوة، عن قدراتها المتصاعدة والتطور الكبير الذى شهدته فى عهد الرئيس السيسى، مؤكدًا أن القيادة السياسية استشرفت مبكرًا حجم المخاطر والتحديات الراهنة، والمستقبلية، على الأمن القومى المصرى، وتأثيرها على مصالح ومقدرات الشعب المصرى. 

فى لقاء ودّى عقده مع عدد من الصحفيين والإعلاميين، بدأ قائد القوات البحرية حديثه بالإشارة إلى كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال الندوة التثقيفية الأربعين لقواتنا المسلحة، بشأن ضرورة نشر الوعى وتوخى الحذر من المعلومات الكاذبة والمضللة، وأن النصر لا يتحقق فى الميدان إلا بتكاتف الشعب مع قواته المسلحة، لافتًا إلى المخاطر شديدة الصعوبة التى تواجهها مصر فى ظل الأوضاع الإقليمية وتطوراتها، وأن المواجهة تبدأ وتنتهى بوعى وصمود الشعب المصرى. وحين سأله الزملاء عن جاهزية قواتنا البحرية، لمواجهة التحديات المختلفة، والمخاطر المتزايدة، أوضح الفريق أشرف عطوة أن قدراتنا تعززت بوجود الميسترال «جمال عبدالناصر، وأنور السادات»، وامتلاك العديد من الوحدات مختلفة الطرازات، التى تم بناء بعضها فى ترسانات القوات البحرية، مثل الفرقاطات جوويند وميكو، إضافة إلى مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية، فى مجال التسليح وبناء السفن، التى كان لها تأثيرًا مهمًا فى تأمين وحماية السواحل المصرية، وفرض سيادة الدولة على المياه الإقليمية والاقتصادية، وتحقيق مصالحها الاستراتيجية على جميع الاتجاهات، والحفاظ على الأمن البحرى وحرية الملاحة والتجارة العالمية.

لقواتنا البحرية، أيضًا، دور إنسانى مهم، على المستويين الإقليمى والدولى، إذ كانت، مثلًا، صاحبة التحرّك الأول لإنقاذ الأشقاء فى ليبيا بعد إعصار دانيال، وعبرها انتقلت المساعدات إلى الأشقاء فى السودان، وتتعامل بشكل فورى مع أى إشارة بوجود مركب هجرة غير شرعية، وقامت مرات عديدة، بإنقاذ المئات من موت مُحقّق، فى عرض البحر، وقدمت الرعاية الكاملة لهم حتى وصولهم إلى الشواطئ المصرية. كما لعبت، ولا تزال، دورًا كبيرًا فى حماية الشباب من المخدرات بالتعامل المبكر مع عمليات التهريب عبر البحر، ونجحت، الأربعاء الماضى، فى التصدى لمحاولة تهريب كميات كبيرة من نبات البانجو المخدر، بمجرد أن رصدت إحدى نقاط المراقبة الساحلية، التابعة لقاعدة البحر الأحمر البحرية، نشاطًا غير معتاد لبعض مراكب الصيد، غير المصرح لها، بالقرب من ساحل شرم الشيخ.

تلك هى قواتنا البحرية، التى جعلت، ولا تزال مياهنا مغرقة، لكل عدوٍّ يدفعه شيطانه، أو أى قوى أمارة بالسوء، إلى الاقتراب منها. أما قواتنا الجوية، فأكد قائدها الفريق محمود فؤاد عبدالجواد، خلال احتفالها بعيد تأسيسها وذكرى «معركة المنصورة»، أنها ماضية بكل عزم فى تنفيذ كافة المهام، التى توكل إليها، للحفاظ على أمن الوطن وصون مقدساته ضمن منظومة العمل المتكاملة للقوات المسلحة، وفقًا لأحدث نظم التسليح العالمية فى أنظمة الطيران القتالية، مشيرًا إلى الدعم المستمر الذى توليه لها القيادة السياسية والقيادة العامة لقواتنا المسلحة، مؤكدًا أن رجاله، نسور قواتنا الجوية، مستعدون، دائمًا، بعون الله، للقضاء على كل من تسوّل له نفسه المساس بسماء مصر، أو بمقدرات، هذا الشعب الأبى.

فى تمام الساعة الثانية ظهر يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، بتوقيت القاهرة، وصل الخبر بأن طائراتنا عبرت قناة السويس، بينما كانت ٢٢٢ طائرة، تفوق سرعتها سرعة الصوت، قد انتهت من ضربتها الأولى فى ثلث ساعة بالضبط، محققة نتائج مذهلة، ممهدة الطريق لأبطال قواتنا المسلحة، حتى يحققوا ذلك النصر، الذى أعاد لنا الثقة الكاملة فى قدراتنا، واستعاد ثقة العالم فيها. وتضيق المساحة عن شرح «كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»، كما تضيق المساحة، أيضًا، عن استعراض ما حققه المصريون، خلال السنوات العشر الماضية، بالتماسك وتحمل الصعاب، من أجل بناء قوتنا المسلحة، للحفاظ على سلامة هذا الوطن الغالى، و«تبديد أى أوهام لدى أى طرف»، لو كُتب علينا القتال، الذى هو كُرهٌ لنا، وسيظل كذلك، مع ثقتنا الكاملة والمطلقة فى تحقيق نصر جديد، يفوق ما حققناه سابقًا.

المهم، هو أن قواتنا الجوية، اعتادت منذ ٥١ سنة، على أن ترجئ احتفالها بعيد تأسيسها، من ٢٣ مايو، إلى ١٤ أكتوبر، ليتزامن مع «معركة المنصورة». صحيح أن ٩٦ سنة ستمر، فى ٣٠ نوفمبر المقبل، على قرار الملك فؤاد، سنة ١٩٢٨، بإنشاء «القوات الجوية للجيش المصرى»، غير أن الميلاد الحقيقى لـ«سلاح الجو المصرى»، بدأ حين قام الطيارون المصريون، فى ٢٣ مايو ١٩٣٢، بقيادة أول ٥ طائرات من طراز «تايجرموث»، لمدة ٧ أيام، ولمسافة ٣ آلاف ميل من المملكة المتحدة إلى مطار ألماظة. و... و... وفى يوم عيدهم، وجّه الفريق عبدالجواد الشكر والتقدير لرجال قواتنا الجوية، على الجهد المبذول فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية، تنفيذًا لرؤية القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة، وطالبهم بمواصلة العمل ليلًا ونهارًا لاستمرار تحقيق النجاحات التى يحققها نسور القوات الجوية بكل كفاءة واقتدار تحت مختلف الظروف، مذكرًا رجال القوات الجوية من مختلف تخصصاتهم بملحمتهم البطولية، التى تجسدت صباح يوم ١٤ أكتوبر، حين حاول العدو الهجوم على القواعد الجوية والمطارات المتمركزة فى منطقة الدلتا، ووجهَ قوته الضاربة صوبها، فتفاجأ بنسور القوات الجوية تلقنه درسًا قاسيًا، لن يمحوه الزمن من ذاكرته، رغم تفوقه النوعى والكمى، وتصدّت له فى أطول معركة جوية امتدت لأكثر من ٥٠ دقيقة، فقد فيها ١٨ طائرة، ولم يستطع باقى طياريه مواصلة القتال ولاذوا بالفرار.

تقديرات حلف شمال الأطلسى، الناتو، والاتحاد السوفيتى، القوى العظمى الثانية، وقتها، قالت إن عدد الطائرات الأمريكية، الإسرائيلية، التى نجحنا فى إسقاطها، خلال حرب أكتوبر، إجمالًا، يتراوح بين ٢٤٠ و٣٦٠ طائرة، بينما لم تذكر تقاريرنا غير ١٨٠ فقط، لأن القيادة العامة لقواتنا المسلحة، لم تكن تسجل إسقاط طائرة إلا بعد الاستحواذ على حطامها أو أسر قائدها، بينما اعتمدت تقارير الناتو والاتحاد السوفيتى على الأقمار الصناعية. أما «معركة المنصورة» فبدأت فى الثالثة وخمس عشرة دقيقة، عندما أنذرت مواقع الرادارات المصرية، على ساحل الدلتا، باقتراب ٢٠ طائرة، من طراز الفانتوم، من ناحية البحر المتوسط، لتجنب حائط الصواريخ، على الضفة الغربية لقناة السويس. فكان أن قررت قيادة قواتنا الجوية عدم اعتراض الموجة الأولى، لإفشال مهمتها فى جذب المقاتلات المصرية، فعادت أدراجها، عبر البحر المتوسط، إلى القواعد الجوية الإسرائيلية. وفى الساعة الثالثة والنصف، أظهرت شاشات الرادارات المصرية، وجود ٦٠ طائرة قادمة من بورسعيد، وبلطيم، ودمياط، فأقلعت ١٦ طائرة، «ميج ٢١»، من مطار المنصورة الجوى، ثم ٨ طائرات من قاعدة طنطا الجوية، للتصدى لها. وبعد ثمانى دقائق، رصدت قواتنا الجوية اقتراب ١٦ طائرة إسرائيلية، قادمة من اتجاه البحر المتوسط، على ارتفاع منخفض، ليبدأ القتال الجوى، فوق سماء الدلتا. ومع تدفق باقى طائرات العدو، التى وصل عددها إلى ٢٠٠ طائرة، ١٢٠ منها من طرازات الفانتوم وسكاى هوك والميراج ٢٠٠٠، تصدت لها من جانبنا ٨٠ طائرة فقط، غالبيتها من طرازى ميج ٢١، وسوخوى ٧، واشتعلت سماء مصر، لمدة ٥٣ دقيقة، بأطول وأعنف وأشرس معركة جوية فى التاريخ العسكرى، لم نخسر خلالها إلا خمس طائرات فقط، اثنتان منها بسبب نفاد الوقود. وكان لاشتراك ٤ مطارات حربية، مصرية، فى هذه المعركة، الفضل فى رفع تقييم القوات المصرية، لصعوبة تنسيق خروج الطائرات من تلك المطارات، وتوقيتات الاشتباك الجوى، والعودة بسلام.

لتطوير وتحديث إمكاناتها، جرى وضع خطة شاملة، وفق رؤية استراتيجية، لدعم القوات الجوية بالعديد من الطائرات الحديثة من مختلف الطرازات، بما يعزز قدراتها على حماية سماء مصر، ودعم ركائز الأمن القومى المصرى. وتصادف أن تنطلق، الثلاثاء الماضى، فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا ١٣»، بدولة اليونان الصديقة، والذى يستمر لعدة أيام بنطاق مسرح عمليات البحر المتوسط، بمشاركة عناصر من قواتنا الجوية والبحرية والدفاع الجوى والقوات الخاصة المصرية واليونانية والقبرصية والفرنسية والسعودية، إضافة إلى قوات من إيطاليا والبحرين ورواندا وبلغاريا والمغرب، بصفة مراقب. وهو التدريب الذى يتضمن تنفيذ عدد من الأنشطة للدول المشاركة، والتخطيط المشترك لإدارة أعمال قتال بحرية وجوية ضد كافة التهديدات، وكذا تنفيذ عدد من الأنشطة القتالية والرمايات غير النمطية، التى عكست مدى التدريب الراقى الذى وصلت إليه القوات المشاركة فى مختلف التخصصات. كما تلعب قواتنا الجوية دورًا إنسانيًا مهمًا وكبيرًا، أيضًا، على المستويين الإقليمى والدولى، وأسهمت، ولا تزال، فى تخفيف حدة الظروف المعيشية الصعبة التى يعانى منها الأشقاء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلى، الذى لا يزال مستمرًا، واستمرارًا لهذا الدور، أقلعت مساء أمس الأول، السبت، عدد من طائرات النقل العسكرى، محملة بعشرات الأطنان من المساعدات الغذائية ومواد الإغاثة العاجلة لتنفيذ أعمال الإسقاط الجوى على شمال قطاع غزة، فى ظل الأزمة التى يعانى منها الأشقاء فى القطاع.

سماؤنا تحميها، كذلك، قوات الدفاع الجوى، التى صدر، فى أول فبراير ١٩٦٨، القرار الجمهورى رقم ١٩٩ بإنشائها، لتكون هى القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة، والتى حلّت، فى ٣٠ يونيو الماضى، الذكرى الرابعة والخمسين لبناء «حائط الصواريخ»، الذى لم يكن مجرد تجميع جديد مبتكر للصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، بل كان نقطة تحول فى تاريخ الدفاع الجوى، وأسهم بدور كبير فى تحييد، أو شلّ القوات الجوية الإسرائيلية، خلال حرب أكتوبر، ما سهّل عبور قواتنا إلى الضفة الشرقية لقناة السويس.

المعاهد الاستراتيجية العالمية، لا تزال تطلق على الأسبوع الأول من يوليو ١٩٧٠، اسم «أسبوع تساقط الفانتوم»، منذ أن تمكنت قوات دفاعنا الجوى، من إسقاط عدة طائرات من هذا الطراز، الذى لم يكن قد سقط من قبل، ما أجبر العدو على قبول مبادرة «روجرز»، لوقف إطلاق النار، اعتبارًا من صباح ٨ أغسطس التالى. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن «حائط الصواريخ» دخل التاريخ، مرة أخرى، حين أفشل ثانى محاولة أمريكية، لاستخدام الطائرات بدون طيار، بعد نجاح التجربة جزئيًا فى حرب فيتنام، وأرجأ تسجيل، أو تأريخ، أول مشاركة حقيقية لهذه الطائرات، إلى يونيو ١٩٨٢ حين استخدمتها الولايات المتحدة، عبر وكلائها، فى معركة «سهل البقاع»، التى انتهت بتدمير غالبية بطاريات الدفاع الجوى السورى، ١٥ بطارية من أصل ١٩، كما تم إسقاط ما بين ٨٢ و٨٦ طائرة سورية دون أن تصاب أى طائرة إسرائيلية أو أمريكية. وقد تبدو الإشارة مهمة أيضًا، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت تحتكر صناعة وتطوير الطائرات بدون طيار، حتى سنة ٢٠٠٠، ما يجعلنا أمام دليل إضافى أو إثبات جديد على أنها، فعليًا وعمليًا، كانت هى العدو الأساسى فى حرب أكتوبر، وأنها لم تتدخل فقط، لمساعدة الإسرائيليين.

.. أخيرًا، وبغض النظر عن الفارق بين تاريخ التأسيس والميلاد الحقيقى لـ«سلاح الجو المصرى»، فإن ما يعنينا، الآن، هو أن الطفرة النوعية، تنظيمًا وتدريبًا وتسليحًا، التى شهدتها قواتنا المسلحة، خلال السنوات العشر الماضية، رفعت قدراتها وكفاءتها وجاهزيتها، وأتاحت لها أن تواصل سيرها على طريق النصر، المؤكد، ومواجهة كل التحديات والتهديدات، الراهنة والمستقبلية، بأحدث منظومات القتال فى العالم، وبقدرات غير مسبوقة، متنوعة المصادر فى كل المجالات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوى.