بوصلة الأبناء.. دور الأسرة فى تشكيل الوعى ضد الفكر المتطرف
تشكل الأسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات، وهي المؤسسة الأولى التي فيها يتلقى الفرد القيم والمبادئ الأساسية التي تشكل شخصيته، ومن ثم يخرج إلى المجتمع الأكبر ويواجهه.
واتساقًا مع هذا تلعب الأسرة ذلك المجتمع الأولي الذي ينشأ فيه الطفل، دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الفكري للأبناء، بما في ذلك توجيههم نحو العديد من القيم منها التسامح والاعتدال، كما تحصنهم ضد الانجراف وراء الفكر المتطرف.
وفي ظل التحديات التي تواجه المجتمعات اليوم، يتزايد الحديث عن أهمية دور الأسرة في مواجهة الفكر المتطرف وتعزيز القيم الإيجابية التي تسهم في استقرار المجتمع.
الخبراء التربويون أجمعوا على أنه ومنذ اللحظات الأولى لحياة الطفل، تبدأ الأسرة في نقل القيم والتوجهات الفكرية التي تشكل شخصيته، وأن التربية الأسرية السليمة تعتمد على مجموعة من المبادئ والقيم التي تُغرس في الأبناء، وهي القيم التي في حال كانت إيجابية تشكل جدارًا واقيًا أمام الفكر المتطرف، والعكس صحيح.
أهمية الحوار
تناول الخبراء أهمية الحوار داخل أفراد الأسرة الواحدة باعتباره الوسيلة الأكثر فعالية في تنمية التفكير النقدي وتقبل وجهات النظر المختلفة، مؤكدين أنه عندما تُنشئ الأسرة الأبناء على الحوار المفتوح واحترام الرأي الآخر، فإنها تُنشئ جيلًا على قيم التسامح ويدركون أن الاختلاف في الرأي أو الدين أو اللون ليس مبررًا للعداء أو العنف، وهو ما يحارب التطرف شكلًا وموضوعًا.
التأكيد على قيم المواطنة
كذلك تأتي قيم المواطنة وتقبل الآخر باعتبارها قيمة مهمة تلعب في تأسيسها داخل الطفل أسرته، حيث تتحمل الأسرة مسئولية تعزيز قيم المواطنة ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضًا على المستوى العالمي، وذلك عندما يفهم الأبناء أنهم جزء من مجتمع عالمي متعدد الثقافات والأديان، بما يجعلهم أكثر تقبلًا للتنوع وأكثر قدرة على التصدي للأفكار المتطرفة التي تستند إلى الكراهية والتفرقة.
القدوة الحسنة
ولا يخفى دور الأسرة الرئيسي في صنع القدوة الحسنة في السلوكيات اليومية أمام الأطفال، إذ يتعلم هؤلاء الأطفال الكثير من خلال المراقبة والتقليد من أفرادها، وعندما يكون الأهل قدوة في تعاملاتهم مع الآخرين، ويتبعون سلوكيات تعبر عن التسامح واحترام الاختلافات، فإن ذلك ينعكس على الأبناء في بناء توجهاتهم الفكرية.
بناء وعي
وبالحديث عن محاربة الفكر المتطرف ودور الأسرة نجد أنه لا يقتصر دور الأسرة فقط حسبما أوضح خبراء التربية على تلقين الأبناء قيم التسامح والاعتدال، بل إنها تتطلب أيضًا بناء وعي فكري سليم يعتمد على التفكير النقدي والقدرة على التمييز بين الأفكار الصحيحة والمغلوطة.
التعليم الديني المعتدل
ولا تختلف مسئولية الأسرة في تعليم القيم الأخلاقية المختلفة للأطفال عن دورها الرئيسي في تعليمهم الديني المعتدل، وتقديم الفهم الصحيح والمتوازن للدين، وهو الذي يقوم على مبادئ الرحمة والتسامح واحترام حقوق الإنسان، إذ يعد تعليم الدين المعتدل هو أحد الأسلحة الرئيسية في مواجهة الفكر المتطرف الذي يسعى إلى تحريف الدين لخدمة أهداف سياسية أو أيديولوجية.
التحكم الكافي في المؤثرات الخارجية
ولكي يمكن للأسرة القيام بوظائفها على الوجه الأكمل، أكد الخبراء ضرورة أن تكون هذه الأسرة في الوقت الحالي على قدر كافٍ من التحكم في المؤثرات الخارجية التي تحدث حاليًا بسبب الانفتاح العالمي وعصر الإنترنت الذي لا تتوقف سرعته.
وشدد الخبراء على ضرورة أن تكون الأسر على دراية كاملة بهذه التأثيرات وبكيفية التعامل معها، فيما يخدم أداء وظيفتهم ومسئولياتهم أمام الأبناء، وأن تعمل على توجيه هؤلاء الأبناء نحو الاستخدام الصحيح والآمن للتكنولوجيا للعبور بهم إلى بر الأمان بعيدًا عن التطرف والجهل.