رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عنف واستغلال وإثارة.. كيف قاد المشاهير جيل الشباب إلى فخ إعلانات السوشيال ميديا؟

تاثير الإعلانات التجارية
تاثير الإعلانات التجارية على الاطفال والشباب

تطور كبير شهدته وسائل الإعلام خلال السنوات الأخيرة، مع الانتشار الواسع لمنصات ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تستهدف بالأساس جيل الشباب، وأصبحت الإعلانات التجارية عنصرًا أساسيًا في كل ما نتابعه من محتوى، بما لها من تأثيرات على القيم الأخلاقية والسلوكيات اليومية.

في هذا التقرير، نستعرض تأثير الإعلانات التجارية على الشباب خاصة تلك المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي أو التلفزيون، في تعزيز أنماط سلوكية معينة قد تتعارض مع قيم المجتمع وأخلاقياته.

تقدم هذه الإعلانات التجارية باستخدام المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي أو المشاهير في التلفزيون، رسائل تسويقية تبدو غير مباشرة، لكنها تحمل تأثيرات نفسية واجتماعية قوية.

في هذا السياق، قد تتجاوز تلك الإعلانات دورها التقليدي المتمثل في ترويج المنتجات إلى دور أعمق يتمثل في توجيه الاتجاهات الثقافية والسلوكية، إذ أنه في الكثير من الأحيان، تروج لأنماط حياة معينة تمثل رموزًا للنجاح أو السعادة أو الجاذبية، ولكن هذه الرموز قد لا تتماشى مع القيم الأخلاقية التي تربى عليها الشباب في مجتمعاتهم.

تغيير الأولويات

وبحسب خبراء التعليم السلوكي والتربوي، يعد بين أبرز التأثيرات التي تتركها الإعلانات التجارية تغيير الأولويات والمبادئ الأخلاقية لدى الشباب، فعلى سبيل المثال، تٌروِّج العديد من تلك الإعلانات لفكرة أن النجاح أو السعادة مرتبطًان بالثروة، أو الجمال الخارجي، أو الشهرة، وهو الأمر الذي يتم من خلال تصوير نماذج محددة، مما يولد لدى الشباب رغبة في تقليدهم أو الاقتداء بهم، حتى وإن تعارض ذلك مع القيم الأخلاقية التقليدية مثل البساطة، القناعة، والتواضع.

الإثارة الجنسية

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الإعلانات في كثير من الأحيان عناصر الإثارة الجنسية أو الغرائز البدائية لجذب الانتباه، وهو ما يتعارض مع القيم التقليدية المتعلقة بالاحتشام واحترام الجسد، وهذه الصور المتكررة قد تؤدي إلى تبلد الحسّ الأخلاقي لدى الشباب وتقليل إحساسهم بأهمية تلك القيم.

كما يتعرض المراهقون والشباب يوميًا لمئات الرسائل الدعائية من خلال مواقع مثل فيسبوك، إنستغرام، ويوتيوب، وغالبًا ما تكون هذه الرسائل موجهة بشكل مخصص اعتمادًا على اهتماماتهم وسلوكياتهم عبر الإنترنت.

عدم الرضا

وهنا يأتي التأثير الأخطر، حيث أن العديد من الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد على الاستغلال النفسي والاجتماعي لتحقيق أرباح تجارية، فعلى سبيل المثال، يتم الترويج لصورة الجسد المثالي أو النجاح السطحي، وهو ما يعزز شعور الشباب بعدم الرضا عن حياتهم الواقعية، وبالتالي يدفعهم إلى تبني سلوكيات غير صحية أو مكلفة لتحقيق الصورة المثالية التي يتم عرضها في الإعلانات.

تعزيز المقارنة

كذلك، تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تعزيز المقارنة الاجتماعية بين الشباب، إذ يعتقد البعض أنهم بحاجة إلى امتلاك المنتجات أو تبني أنماط الحياة التي يروها في الإعلانات حتى يكونوا مقبولين أو محبوبين، وهو الأمر الذي أكد خبراء علم النفس أنه قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس والإحساس بالنقص إذا لم يتمكن الشباب من مجاراة هذه المعايير المادية والاجتماعية.

وأوضحت دراسة صادرة ضمن منشور الدوريات المصرية عام 2018  للدكتورة مروى السعيد السيد حامد الاستاذ مساعد بقسم الإعلام بکلية الأداب - جامعة المنصورة أنه نظرًا لارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بناء على نتائج العديد من الدراسات السابقة وانخفاض نسب مشاهدة التليفزيون وتزايد حجم الانفاق الإعلاني بدأت شرکات التسويق تتجه إلى الإعلان على صفحات المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بحيث تضمن أن الجمهور لن يقوم فقط برؤية منتج أو خدمة العلامة التجارية ولکنهم سيکونون مدفوعين للتفاعل والشراء بناءً على توصيات المؤثر.

رابط الدراسة: https://journals.ekb.eg/article_107088_0.html

دس رسائل العنف الرمزي 

توليد العنف بصورة غير مباشرة كذلك هو واحدًا من الآثار التي تنتج عن مشاهدة بعض الإعلانات التجارية، والتي تستخدم أساليب تعتمد على "العنف الرمزي" من خلال بثها رسائل غير مباشرة بضرورة اقتناء بعض المنتجات وإلا يكون العنف بديلًا.

وتؤدي بعض الإعلانات التجارية كذلك إلى تعزيز ممارسات التمييز بين الشباب، حيث يتبنى البعض فكرة أن النجاح أو الجاذبية تعتمد على الاستهلاك المادي بدلًا من القيم الحقيقية مثل العمل الجاد أو الإبداع، كما تشجع على فكرة المقارنة المكروهه التي أثبت الخبراء ضررها على الإنسان وعلاقاته مع الآخرين.

القيم الاستهلاكية

كما تشجع الإعلانات التجارية على القيمة الاستهلاكية بشكل مباشر، حيث تصوّر أن السعادة مرتبطة بالقدرة على شراء المنتجات الفاخرة أو العيش بنمط حياة مرفه، وهذه الرسالة المستمرة قد تؤدي إلى انتشار "الاستهلاكية المفرطة" بين الشباب، حيث يتم تحديد قيمة الفرد بقدرته على استهلاك المنتجات والخدمات.

أكدت دراسة بعنوان "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على ثقافة الاستهلاک في المجتمع" للدكتورة هدى عبدربه حميد القرشي جامعة أسيوط صدرت عام 2021، أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين دور الإعلان وزيادة معدلات ثقافة الاستهلاك

رابط الدراسة: https://mfes.journals.ekb.eg/article_184014.html

تغير في سلم القيم الأخلاقية

وينتج عن هذا التأثير تغير في سلم القيم الأخلاقية، إذ تصبح المظاهر المادية والرفاهية أكثر أهمية من القيم التقليدية مثل التضامن الاجتماعي، العطاء، والكرم، ويسهم هذا النمط في خلق فجوة بين القيم المجتمعية التي تُعلم في الأسرة أو المدرسة وبين ما يتم الترويج له في وسائل الإعلام، مما يولد صراعًا داخليًا لدى الشباب.