زيارة «بحرية» مهمة
بينما كان «الهبد» لا يزال مستمرًا بشأن السفينة «كاثرين» وحمولتها ووجهتها، كان الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، يناقش مع أرسينيو دومينجيز، الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، مساء أمس الأول، الجمعة، الترتيبات النهائية لافتتاح مكتب التمثيل الإقليمى للمنظمة، الخاص بالدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمدينة الإسكندرية، خلال الأشهر القليلة المقبلة، وكيف أن استضافة مصر هذا المكتب ستعزز التعاون بين المنظمة الأممية ودول المنطقة، وستدفع به الى آفاق أرحب.
يمثل «دومينجيز»، Arsenio Dominguez، دولة بنما، لدى المنظمة، التابعة للأمم المتحدة، منذ سنة ٢٠٠٤، مستشارًا فنيًا، ثم سفيرًا وممثلًا دائمًا، وفى ١٨ يوليو ٢٠٢٣، تم انتخابه أمينًا عامًا، وتولى مهام منصبه، فى أول يناير الماضى، وبعد ثلاثة أيام، أدان هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية فى البحر الأحمر، أمام مجلس الأمن، ودعا إلى وقف تصعيد التوترات فى منطقة الشرق الأوسط، التى تسببت فى تلك الهجمات، وأكد أن المنظمة تعمل على تسهيل المحادثات بشأن الأمن البحرى بين الأطراف المعنية.
فى زيارته الأولى للقاهرة، منذ توليه مهام منصبه، حرص المسئول الأممى على تناول كل ما يتعلق بمسار التعاون بين مصر والمنظمة. وفى هذا السياق أكد وزير الخارجية حرص الدولة المصرية على تعزيز أطر التعاون المشترك، واهتمامها البالغ بنطاق عمل المنظمة، لما يمثله النقل البحرى من أهمية متقدمة بالنسبة لنا، فى ضوء أهمية قناة السويس كأحد أبرز الممرات المائية الدولية. وأيضًا، لما نمتلكه من سواحل ممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط. كما أشار إلى أن مصر سوف تستمر فى لعب دورها الريادى، داخل المنظمة، انطلاقًا من عضويتها فى مجلسها التنفيذى واهتمامها البالغ بمجال النقل البحرى.
المنظمة الأممية، التى يقع مقرها فى العاصمة البريطانية لندن، هى السلطة الدولية المختصة بوضع معايير السلامة والأمن والأداء البيئى الخاصة بالشحن البحرى. وكان الهدف من تأسيسها هو إنشاء إطار تنظيمى، عادل وفعّال، لمكافحة تلوث البحار والمحيطات، ومواجهة أعمال القرصنة والسطو المسلح على السفن، وإرساء نظام لتعويض المتضررين، من هذا وذاك، وتأسيس نظام دولى لنداءات الاستغاثة وعمليات البحث والإنقاذ. إضافة إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة والتكنولوجيا الجديدة والابتكار والتعليم والتدريب وتطوير البنية التحتية البحرية. وسعيًا إلى تحقيق ذلك، اتخذت المنظمة سلسلة من التدابير، من بينها بناء الهياكل الثنائية، وتدريب الطواقم، واعتماد اتفاقية بشأن تدريب البحَّارة وإصدار شهادات صلاحيتهم للعمل.
بحصولها، فى ديسمبر ٢٠٢٣، على ١٤٢ صوتًا من إجمالى ١٦٦، احتفظت مصر بعضويتها، المستمرة منذ سنة ١٩٧٧، لسنتين إضافيتين، فى المجلس التنفيذى للمنظمة، بجهود متضافرة بين وزارتى النقل والخارجية والسفارة المصرية فى لندن. ومع مكتبى كوت ديفوار وغانا، المخصصين لغرب ووسط إفريقيا، ومكتب كينيا، لشرق وجنوب القارة السمراء، والفلبين لشرق آسيا، وترينيداد وتوباجو، لمنطقة البحر الكاريبى، سيعمل مكتب الإسكندرية، الذى يقع مقره داخل الهيئة المصرية للسلامة البحرية، حسب الموقع الرسمى للمنظمة البحرية الدولية، على توسيع شبكة مكاتب الوجود الإقليمى للمنظمة.
بالإضافة لمشاركتها فى كل المنتديات الإقليمية والدولية، التى تهدف إلى نقل وتبادل الخبرات فى مجال النقل البحرى، كانت الدولة المصرية، أيضًا، من أول وأبرز المساهمين فى جهود المنظمة الأممية، لإنشاء الجامعة البحرية الدولية، فى مالمو بالسويد. ولعلك تعرف أن مدينة الإسكندرية هى المقر الرئيسى للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، التابعة لجامعة الدول العربية، والتى تأسست، سنة ١٩٧٢، بالتعاون بين الجامعة والمنظمة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، والمنظمة الاستشارية البحرية للحكومات، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية استعرض، خلال لقائه الأمين العام لـ«المنظمة البحرية الدولية»، أمس الأول الجمعة، تداعيات هجمات الحوثيين على السفن التجارية المارة عبر باب المندب، وجنوب البحر الأحمر، وتأثيراتها السلبية على المصالح المصرية، لافتًا الى أن تلك التأثيرات كبدت الاقتصاد المصرى خسائر بالغة لعوائد قناة السويس، تقدر بنحو ستة مليارات دولار.