رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف شعبان: لو استمر الإخوان بالحكم لأصبح المصرى غريبًا فى وطنه (حوار)

الدكتور شريف شعبان
الدكتور شريف شعبان

تحل اليوم ذكرى ثورة 30 يونيو، هذا اليوم الذي نهض المصريون بصوت واحد، لرفض حكم الإخوان، الذي كاد يخرب البلاد ويفتت وحدتها ويمحي ثقافتها، لاستعادة وطنهم من جديد، وبهذه المناسبة، تواصلت الدستور مع الدكتور شريف شعبان، الباحث الأثري والمحاضر بكلية الآثار جامعة القاهرة، في حوار خاص حول شهادته في ثورة 30  يونيو.

وإلى نص الحوار:

ما رد فعلك لحظة سماع نبأ وصول محمد مرسى لحكم مصر؟

عندما تحل ذكرى 30 يونيو من كل عام، تمر على ذاكرتي تلك اللحظات الحرجة من عمر الوطن التي  عاصرتها بكل تفاصيلها، أعود بالذاكرة عاما للوراء مع إعلان نجاح الدكتور محمد مرسي رئيسًا لجمهورية مصر العربية، فقد اعتراني مثلما شعر بقية الناس بنوع من القلق بأن يفوز مرشح لطائفة أو جماعة مجهولة الأفكار سرية التحركات ويصبح رئيسًا للبلاد كلها، خاصة مع انطلاق أنصار الرئيس ومؤيديه بشكل هيستيري وغير مطمئن للاحتفال في الشوارع بفوزه وسط ترقب عوام المصريين، وكأنهم بالفعل ليس من بقية الشعب.

ما الأمر اللافت بالنسبة لك خلال فترة تولى محمد مرسى حكم مصر؟

وقتها زاد هذا القلق على البلاد مع تزايد نفوذ تلك الجماعة بشكل سريع ومتواتر، فيما يعرف "بأخونة مفاصل الدولة"، حيث تولي العديد من أعضاء الجماعة وحزب الحرية والعدالة العديد من المناصب المهمة دون النظر إلى خبراتهم أو سيرتهم الذاتية سوى أنهم أعضاء الجماعة أو الحزب. 

 هل شاركت فى ثورة 30 يونيو 2013 أو اعتصام المثقفين؟ 

نعم، شاركت بمسيرة المثقفين التي انطلقت من الزمالك إلى ميدان التحرير وأصبحت هي شرارة انطلاق 30 يونيو. 

ما دور المثقفين فى ثورة 30 يونيو؟

مع تدهور وضع الحريات وحالة الكبت والمصادرة التي زادت خلال حكم الجماعة، كان يجب على المثقفين التحرك بأقصى سرعة، خاصة مع حالات القمع التي عاصرت أي تظاهرات مضادة لحكم الجماعة، حينما شارك بلطجية تابعون لجماعة الإخوان بالاعتداء على عدد من الناشطات من بينهن شاهندة مقلد، ونور الهدي زكي، والفنانة عزة بلبع، كما كانت قرارات وزير الثقافة آنذاك علاء عبد العزيز المتعسفة والتي كان بها دور في زيادة الصدع بالمجتمع الثقافي المصري، فكان للمثقفين دور كبير في ثورة 30 يونيو، فنتج عن ذلك كله، اعتصام المثقفين بمقر وزارة الثقافة ما يقرب من شهر، بالإضافة إلى تصريحاته الشاذة بأن "المعتصمين بالوزارة لا يمثلون مثقفى مصر".

هل تتذكر رفاقك من المثقفين فى المظاهرات والمسيرات التى انطلقت فى ثورة 30 يونيو؟ 

أتذكر أنني بطبيعة عملي بالمجلس الأعلى للآثار بالزمالك كنت معاصرًا لتلك الأحداث الدامية خاصة مع تجاور المجلس مع وزارة الثقافة بالزمالك، فوجدت نفسي بجوار كوكبة من مثقفي مصر مثل الشاعر الكبير سيد حجاب، والأديبة الكبيرة فتحية العسال، الروائي الكبير صنع الله إبراهيم، الأديب جمال الغيطاني، والمخرج الكبير جلال الشرقاوي، والفنانة القديرة سهير المرشدي، والفنانة القديرة رجاء الجداوي، وغيرهم من قامات مصر الفنية والثقافية الخالدة رغم رحيل أغلبهم.

بماذا كنت تهتف مع مثقفى مصر فى ثورة 30 يونيو؟

 كنا نهتف في ثورة 30 يونيو، دفاعًا عن الحريات ومحاربة الإرهاب الفكري والتطرف الديني.

كمبدع.. ماذا لو كان الإخوان استمروا فى حكم مصر؟ ولم تقم ثورة 30 يونيو؟

إذا ما استمر حكم الجماعة بنفس نمط التفكير والتعصب والاقصاء، كانت ستصبح هوية مصر على المحك، فحالة الهيمنة التي صنعتها الجماعة على مفاصل الدولة والمجتمع وفرض صبغه بصبغة الإسلام السياسي سوف تزيد من حالة الانقسام حتى داخل الأسرة الواحدة، بالإضافة إلى وجود عناصر أجنبية تتزاحم مع المصريين في قوتهم وحياتهم اليومية بدعوى أنهم أعضاء الجماعة العالمية مع عدم اعترافها بالحدود وقدسية التراب الوطنى، حينها كان سيصبح المصري غريبا في وطنه ما لم ينتم لتلك الجماعة أو حزبها. 

برأيك.. ما المشاكل التى يسببها الحكم السياسى باسم الدين؟

الحكم السياسي ذو البعد الديني أثبت دائمًا تعصبه الشديد وفشله في صنع حالة من سلم الاجتماعي وتطور إمكانات الدولة والارتقاء بمواطنيها، فدائمًا ما نجد فكرة فرض الرأي باسم الدين ما يضع أفرادًا ذوي إمكانات محدودة في مواقع سلطة مؤثرة، بالإضافة إلى توجيه الرأي العام وسياسة الدولة حسب توجهات رجال الدين وأهوائهم. 

بالعودة للتاريخ.. هل مر على مصر نموذج شبيه بالحكم الدينى من قبل؟

بالفعل، إذا عدنا للوراء آلاف السنين، سنجد نموذج دولة إخناتون الدينية وتعصبها الشديد قد قوبل بالرفض السياسي والشعبي على السواء، وهو ما أدى إلى وجود حالة انقسام مجتمعية مع انهيار حالة الدولة سياسيًا واقتصاديًا، وانتهى الأمر بسقوط تلك الدولة الدينية واختفائها بين طيات التاريخ لمئات مئات السنين. 

هل يفرز العيش تحت حكم ديني إبداعا حقيقيا؟

باعتباري متخصصا في الآثار والتاريخ، لم أجد أي نموذج لحالة إبداع تمت خلال حكم ديني على مدار التاريخ القديم منه أو الحديث، فعادة ما يكون الحكم الديني مفتقرا لفكرة التعددية الفكرية وحرية الإبداع، يصب تركيزه على السلطة الروحية والتي منها تأتي فكرة التعصب والإنقسام، ولنا في أوائل القرن العشرين في تاريخ مصر الحديث أسوة، حيث العصر الذهبي لليبرالية المصرية والذي نتج عنه إبداع في كل المجالات كالفكر والثقافة والسينما وغيرها.