رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الأديب المنسى".. اعترافات محمد عبد الحليم عبد الله عن بداياته

الأديب محمد عبد الحليم
الأديب محمد عبد الحليم عبد الله

54 عاما مرت على وفاة الأديب محمد عبد الحليم عبد الله، ابن محافظة البحيرة، الذي رحل عن عالمنا في 30 يونيو عام 1970، تاركا إرثا كبيرا من الأعمال الأدبية التي تحول معظمها إلى أفلام سينمائية، مارا بمراحل تطور خاصة كان لها تأثير كبير على عمله الأدبي.

مراحل تطور أدب الأديب محمد عبد الحليم عبد الله
انعكست هذه المراحل على أدب الأديب محمد عبد الحليم عبد الله، وهو ما أكده في مقابلة أدبية مع الكاتب فاروق شوشة بمجلة "الآداب" بعددها رقم 5 الصادر بتاريخ 1 مايو لعام 1962، قائلا: أستطيع أن أؤكد أن حياتي الأدبية تنقسم إلى قسمين؛ الأول كان خاصًا بي وحدي ملأته بمحاولات مختلفة أشبه في مجموعها- مع الفارق- بما كان يفعله أدباء الجيل الذي سبقنا، فقد حاولت نظم الشعر وكتابة الرسائل على غرار ما كان يفعله الحاجظ، وأخيرًا في سن الثامنة عشرة على التحديد وصلت محاولاتي إلى قمتها، فكتبت رواية طويلة تدور أحداثها حول الحب الذي لا تتكافأ فيه طبقة المحبين، ولم يطلع أحد من الأدباء على محاولاتي هذه لسببين؛ أولها أنني خجول بطبعي، فما كنت أجرؤ على أن أقابل أحد أدبائنا، والسبب الثاني أنني أنا شخصيًا كنت أعتبرها أعمالًا لا قيمة لها وأن أطراها بعض من أطلعتهم عليها.

محمد عبد الحليم عبد الله.. "الأديب المنسي"

واستطرد: غير أن هذا القسم من حياتي كان مرحلة تحضيرية أدت إلى المرحلة الثانية التي بدأتها بقصة "لقيطة"، لذلك فإن هذه القصة التي لقيت نجاحا كبيرا إبان ظهورها اشتهر اسمها بين الناس ولم يشتهر معها اسمي، بمعنى أن بعض من قرأوها كانوا يذكرون اسم الكتاب وينسون اسم المؤلف، وذلك راجع إلى ما قلته من أن المرحلة الأدبية التي سبقت ظهورها كانت شخصية لم أتصل فيها بأحد.

"لقيطة" أولى قصص محمد عبد الحليم عبد الله

تابع: بقصة "لقيطة" يبدأ القسم الثاني من حياتي الأدبية، فقد اعتبرت نفسي مسئولا عقب قراءة الناس لها، وأحسست أن كل كلمة يخطها الكاتب لا بد أن يرعاها ضمير، فحاولت جاهدا أن أستزيد من قراءة الأدب الحديث وأن أتصل بالأوساط الأدبية، وأن أستمع إلى النقد المشجع أو المغرض أو الباقي، لكن النقلة الكبرى التي جعلتني أحرص كل الحرص على عملي كانت سنة 1953 حين فوجئت بعد قيام حكومة الثورة بأنني نلت جائزة الدولة في الأدب عن قصة "شمس الخريف".. هنا أحسست بالمسئولية أكثر وأكثر، فتعلمت اللغة الفرنسية وسافرت في الصيف التالي إلى أوروبا على نفقة الحكومة وانكببت على مطالعة كل ما تصل إليه يدي في النقد والقصة والفلسفة وعلم النفس وساعدني الجو "جو المجمع اللغوي" الذي أعيش فيه على أن أواصل عملي، لأن الوظيفة إذا كانت من نوع يخالف الهواية فربما دمرتها.

وأضاف: فالأديب في مصلحة المساحة أو السكة الحديد غير الأديب في وزارة التربية أو إدارة الثقافة، ولعل من يقرأ أولى قصصي "لقيطة" ثم أحدثها "من أجل ولدي" يحس أنني كنت أستفيد من كل كلمة أقرأها أو أسمعها وأنا بطبيعتي شديد الإحساس بالمسئولية في شئوني العادية حتى في عبور الشارع، فما بالك بي إذا ما أمسكت القلم لأكتب ما سيحاسبني عليه كل قارئ؟