رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة فى التغيير الوزارى

 
بعد تكتم شديد، بالغ الصرامة، بدأت ملامح التغيير الجديد تتضح، وهي أيضا في نطاق التكهنات التي لا تصل لمرتبة الأخبار المؤكدة. 
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر حكومي مطلع، أن مراسم حلف اليمين للوزارة الجديدة، ستتم غدا الأربعاء بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، والتغيير الوزاري شامل وشهد دمج وزارات واستحداث أخرى في إطار توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير السياسات الحكومية لمواكبة التحديات التي تواجهها الدولة.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد كلف الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة، من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، تعمل على تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه في هذا الصدد، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل، على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
وتضمنت تكليفات الرئيس بشأن تشكيل الحكومة الجديدة مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات.
ومن المحتمل أن يشمل التغيير عددا من الوزارات منها العدل، والخارجية والهجرة، والبترول، والكهرباء، والعمل، والثقافة، والمجالس النيابية والقانونية، والتنمية المحلية، والطيران المدني، والسياحة والآثار والزراعة. 
وربما استراح الناس بعد تغيير وزراء التموين والكهرباء والبترول، وكانت وزارة التموين قد شهدت إخفاقات كثيرة من التعامل مع انفلات الأسعار وعدم كبح جماح التجار في الأزمة الاقتصادية الأخيرة مما جعل الناس تعاني الويل من الأسعار التي كانت ترتفع يوميا دون مبرر أو ضابط، مما خلق انطباعا لدى الناس بأن الحكومة متواطئة مع التجار. 
اما وزيرا الكهرباء والبترول فقد اشتركا معا في خلق أزمة الكهرباء وما نتج عنها من هذا النظام الكئيب المتمثل في تخفيف الأحمال الذي أصبح بمثابة كارثة يومية، وإهانة بالغة للمصريين، وما شكله من ضرر على الشارع المصري والتجار وحركة البيع والشراء، وما نتج عنها من خسائر في الأرواح بسبب توقف المصاعد فجأة، وكذا خسائر الكثير من الأجهزة الكهربائية، نتيجة الانقطاع المفاجئ للتيار.
وهو الأمر الذي دعا رئيس البلاد للتدخل أكثر، وبعده رئيس الوزراء، الذي لم يجد تبريرا منطقيا ليقدمه للمصريين تبريرا للأزمة. كما أشار بعض الإعلاميين إلى أن الحكومة لا تعتذر للشعب عن فشلها في إدارة ازمة الكهرباء، مما جعل الرئيس يقف في التالي ويعلن اعتذاره للمصريين في سابقة هي الأولى على مستوى الدولة المصرية. 
وكنت أتوقع أن تساهم الحكومة في تعويض المتضررين من هذا النظام الفاشل.
كان من المفترض أن يصاحب اعتذار رئيس الوزراء نوعا من التخفيف عن الناس في أسعار الكهرباء، أو استعداد الحكومة لتحمل تعويضات الخسائر الناجمة عن التيار الكهربائي للمواطنين البسطاء، في وقت ارتفعت فيه أسعار الأجهزة الكهربائية إلى حد يصعب على المواطن تعويض ما فقده من الأجهزة التالفة سواء كانت غسالة أو ثلاجة أو شاشة تليفزيون أو جهاز تكييف.
وقد رشح من تلك الأزمة إغلاق بعض مصانع الأسمدة التي كانت تساهم في تخفيف الأعباء عن الفلاحين، ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار الأسمدة ارتفاعا رهيبا، ستظهر نتيجته على الحاصلات الزراعية وخسائر الفلاحين.
وكأنه كتب على هذا الشعب ان يتحمل بإذعان عقود الكهرباء بأسعارها الباهظة وفشل وزرائها وسوء إدارتهم. 
أما عن وزارة الثقافة التي أصبحت حكرًا على فناني الموسيقي والرقص والنحت، كنا نتمنى أن يعين فيها شخص مثقف معروف له وزنه الثقافي ومعروف لكافة المثقفين لينهض بالثقافة التي تجمدت منذ أن غادرها الوزير المصلح فاروق حسني، وتضاؤل صوت مصر الثقافي دوليا وعربيا، وانتقل مركز ثقل الثقافة العربية إلى الخليج، بعدما كان في القاهرة، ولم تعد هناك أي مشروعات قومية جديدة تخدم المثقفين المصريين سوي تلك المهرجانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، أو ما يعرف بثقافة الضجيج. 
عموما، كانت الجماهير تتطلع إلى تغيير وزاري شامل ينتظره المصريون منذ فترة والذي سيعلن عنه خلال الأيام القليلة القادمة، ما يتوقعه المصريون أن يكون التغيير شاملا لكل مفردات الوزارة، ويشمل السياسات التي كانت قائمة.
ولكن ثقتهم في الرئيس السيسي وحكمته جعلتهم يتقبلون على مضض التغيير الجزئي. 
ونتمنى التوفيق للوزارة الجديدة.