رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرقصة الأخيرة.. كيف يستفيد «سلوت» من «صلاح» فى «موسم الوداع» مع ليفربول؟

محمد صلاح
محمد صلاح

مهووس بالتفاصيل مثل بيب جوارديولا، ويلعب بتكتيك مشابه ليورجن كلوب، ويطالب لاعبيه بالمزيد دائمًا، ولديه القدرة على إقناع اللاعبين بالمهام التى يريدها منهم، بهذه الكلمات المقتضبة يمكن تلخيص أسلوب أرنى سلوت، المدير الفنى الجديد لفريق ليفربول الإنجليزى، الذى يلعب له النجم المصرى محمد صلاح.

أرنى سلوت هو مدرب هجومى، تعتمد طريقته على الخروج بالكرة من الخلف بتمريرات قصيرة أرضية واللعب بأسلوب مباشر ولكن دون تمريرات طولية مباشرة من الدفاع للهجوم، مع سحب لاعبى الخصم لإحداث المساحات بين خطوطهم، وضرب هذه المساحات بتمريرات قصيرة.

«سلوت» كشف فى وقت سابق عن حديثه للاعبيه فى ٢٠٢١ عن أهدافه الهجومية قائلًا: «يجب أن تصنعوا ٤ أضعاف فرص الفريق الخصم، وتعملوا ضعف ما يقدمونه، فى كل المباريات التى فزنا فيها هذا الموسم تظهر الأرقام أننا جرينا ٢٠٪ أو ٣٠٪ أكثر من الخصم، وفى المباريات التى خسرناها لم نركض أكثر من ٣٪ إلى ٦٪».

وبدخوله الموسم الأخير فى فترة لعبه مع «ليفربول»، تتعاظم الرغبة لدى محمد صلاح لـ«رقصة وداع» تليق بنجاحاته، ونهاية مثيرة لمسيرته مع «الريدز»، لذا يبرز السؤال: كيف يستفيد أرنى سلوت من وجود محمد صلاح؟، وما التعديلات التى يمكن أن يجريها المدرب الجديد على مركز «مو»؟.

بداية.. يعتمد أرنى سلوت على رسم تكتيكى هو «٤-٢-٣-١» بشكل أساسى، ويلجأ فى بعض الأحيان إلى الرسم الذى اعتمد عليه ليفربول مع «كلوب» فى أغلب فترته، وهو الـ«٤-٣-٣»، إلا أن «كلوب» أيضًا اعتمد فى بعض الأوقات على التنوع بين الرسمين التكتيكيين.

مع «فينورد»، اعتمد «سلوت» على بناء الهجمة بداية من حارس المرمى وتحرك المدافعين بجواره لتسهيل تسليم وتسلم الكرة، مع اقتراب ثنائى وسط الملعب وتمركزهما بشكل عمودى بالقرب من المنطقة، وتسليم الكرة لأحد لاعبى الوسط لإجبار جناح الخصم على الضغط وإيجاد مساحة للظهير للانتقال، أو اللعب بشكل مباشر من لاعب وسط الملعب للمهاجم أو أحد الجناحين.

ولكن على الرغم من اعتماده على أسلوب تحضير اللعب من الخلف بتمريرات قصيرة، فإن الكرة التى قدمها «سلوت» ليست بطيئة، بل امتاز فريقه باللعب بسرعة والضغط على الخصم فى حالة فقدان الكرة لحرمانه من أى فرصة لبناء الهجمة.

أسلوب المدرب الهولندى يعتمد على تنويع مصادر الهجوم لفريقه، سواء عن طريق اللعب المباشر فى العمق للمهاجم، أو التمرير للجناحين والاعتماد على قدراتهما الإبداعية والمهارية.

كما يفضل «سلوت» أيضًا الاعتماد على انطلاقات ظهيرى الجنب على الجناحين، وتوسيع عرض الملعب بتقدمهما لإيجاد المساحة للجناحين للدخول فى منطقة الجزاء والحصول على كثافة عددية داخل المنطقة، والاستفادة من ذلك فى الكرات العرضية، وكذلك الاستفادة من دخول الجناح العكسى إلى المنطقة واستهدافه بالكرات العرضية من الجانب الآخر.

أما بالنسبة لاستخدام الجناحين، فيعتمد «سلوت» على فكرة تجميع اللعب فى أحد جانبى الملعب لإحداث ثغرة فى الجانب العكسى، ليضع جناحه فى موقف «واحد لواحد» مع ظهير الخصم، فمثلًا يلعب لويس دياز على الجناح الأيسر، ثم يدخل للعمق مع اللعب بشكل جماعى مع أحد زملائه ليفرغ مساحة فى الجانب الأيمن للجناح المنطلق.

أما عن «صلاح»، فخلال الموسم الماضى على وجه الخصوص انقلبت أدواره من كونه الهدف الأول لتمريرات زملائه والحل الهجومى الأول لفريقه على مستوى التسجيل، لتتحول إلى صناعة الفرصة لزملائه والدخول لعمق الملعب، لزيادة حلول الضغط واستعادة الكرة، وكذلك تنويع الحلول الهجومية للفريق سواء بكرات عرضية أو تسديدات مباشرة على المرمى.

وفى الموسم الماضى مثلًا، كان «الفرعون المصرى» أكثر لاعبى «الريدز» تسجيلًا وصناعة للأهداف، مساهمًا فى ٢٨ هدفًا بين صناعة وتسجيل، ولكن وفى ظل الوضع الحالى لقائمة ليفربول، فإن الأزمة التى تواجه الفريق هى مركز قلب الهجوم فى ظل المستوى المهتز الذى قدمه داروين نونيز، مهدرًا ٢٧ فرصة خلال الموسم، ليظهر أول استخدام مختلف لـ«صلاح» فى أدواره بالملعب، وهو مركز قلب الهجوم.

وبوجود «صلاح» فى هذا المركز سيحصل «الريدز» على أفضلية فى عملية الضغط العالى على الدفاع، خاصة مع الأندية التى تحاول بناء الهجمة من الخلف، بجانب إجادته التسلم تحت الضغط والتحرك بين خطوط الخصوم واللعب المباشر على المرمى.

هذا الوجود لـ«صلاح» فى مركز قلب الهجوم لن يكون اعتمادًا كلاسيكيًا عليه كمهاجم صريح، ولكن قد يتشابه الأمر مع استخدام بيب جوارديولا، وقت تدريبه فريق برشلونة، للأرجنتينى ليونيل ميسى فى هذا المركز، ولكن بأدوار «المهاجم الوهمى»، الذى تقوم أولى مهامه على الرجوع لوسط الملعب فى حالة استحواذ فريقه على الكرة، وإضافة لاعب فى تدوير الكرة بالوسط بجانب إحداث المساحة لتحرك أحد الجناحين إلى العمق وتسلم الكرة فى المساحة خلف المدافعين، وبعدها يضع مدافعى الخصم فى حيرة، إما بتركه حرًا وتزيد خطورته أو بتحرك أحد المدافعين خلفه لمراقبته وإحداث ثغرة فى الخط الخلفى للفريق.

ووفقًا لذلك، فإن لعب «صلاح» مهاجمًا وهميًا سيمنح «سلوت» ديناميكية هجومية، فى ظل اختفاء مركز صانع الألعاب، والاعتماد على جناحين صريحين والاستمرار فى الـ«٤-٣-٣» أو فى حالة اللعب بـ«٤-٢-٣-١»، وسيكون الحل فى هذه الحالة هو وجود كودى جاكبو على الورق فى مركز صانع الألعاب، وقلب الأدوار بينه وبين «صلاح» فى حالة الاستحواذ على الكرة، ليتحول الأسلوب الهجومى لـ«٤-٣-٣» والاستمرار فى عملية الضغط.

وتحقق هذه الخطة عبر «صلاح» واحدًا من أهداف «سلوت»، وهى زيادة نسبة الفرص الهجومية التى يخلقها الفريق على مرمى الخصوم، لامتلاك «الفرعون المصرى» سرعة البديهة فى التمرير، وكذلك القدرة على رؤية المساحة فى دفاع الخصم واستهدافها بالتمريرات الطولية أو القصيرة.

«جاكبو» أيضًا، الذى يجيد اللعب فى كل مراكز الخط الهجومى، سيكون ورقة إبقاء «مو» فى مركزه الأساسى، ففى حالة استقرار «سلوت» على وجود صلاح فى مركز الجناح سيقوم «جاكبو» بأدوار صناعة اللعب والهجوم من عمق الملعب وإخراج الفريق بالكرة، مستغلًا قدراته الإبداعية ومهاراته.

ورغم ذلك، يظل بقاء «صلاح» فى مركز الجناح الأيمن أحد الحلول المتاحة أمام أرنى سلوت، وإن كان الحل الأول بدخوله لعمق الملعب هو الأكثر واقعية مع الاعتماد على لاعب آخر فى الجناح الأيمن، وتحرير «مو» من أدوار إبقاء الجبهة اليمنى مفتوحة هجوميًا، بالاعتماد على انطلاقاته ودخوله فى المواقف الفردية مع المدافعين.

وفى حالة بقاء «صلاح» بمركز الجناح الأيمن، فإن هذا سيعيد للأذهان بعضًا من فترة ذروة تعاونه مع ألكساندر أرنولد، الظهير الأيمن، فى خلق جبهة هجومية مميزة لـ«الريدز»، وكذلك إجادته استغلال المساحات خلف المدافعين وأدوار الجناح العكسى لتجميع اللعب، بجانب امتلاكه القدرة على الدخول لعمق الملعب والتعاون مع زملائه فى التمريرات لخلق مساحة للظهير المنطلق من خلفه، أو حتى تهديد المرمى بشكل مباشر، أو اللعب بشكل عرضى للجناح المنطلق فى الزاوية العكسية للدفاع.

أما إذا أراد أرنى سلوت اللعب بالطريقة التقليدية له، وهى الـ«٤-٢-٣-١»، فإن إبقاء «صلاح» على الجناح الأيمن لن يكون أمرًا مجديًا، نظرًا لقلة معدلاته البدنية عن المواسم الماضية، ويظل من الأفضل الاستفادة من دخوله إلى عمق الملعب واستهدافه بالتمريرات القصيرة المباشرة من الوسط، وكذلك إضافة حلول هجومية للفريق فى جناحى الملعب، ومنحهم واجبات دفاعية بدعم الظهيرين عند افتقاد الكرة.

ويمكن القول إن هذه الأدوار هى التى حُرر منها «صلاح» طوال السنوات الماضية، وسيحتاج «سلوت» لإسنادها للجناحين لإراحة لاعبى الوسط، وتكليفهما بأدوار الخروج بالكرة من الدفاع للهجوم وزيادة حلول الضغط للفريق.