رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منة شلبى.. «النوارة» تعيد اكتشاف نفسها

جريدة الدستور

لم يتوقع أحد الحالة الفنية التى وصلت إليها منة شلبى خلال الفترة الأخيرة، هذه الحالة هى التأنى وتحديد كل خطوة، فبداياتها كانت عشوائية، تقدم الأدوار الصغيرة والكبيرة دون أى أبعاد وراء النص المباشر.
رسمت «منة» فى بداياتها صورة لممثلة إغراء، هذه الصورة ساعد فى تثبيتها بأذهان الجمهور كونها ابنة الفنانة الاستعراضية زيزى مصطفى، وهو ما اعتبرته «منة» نفسها عائقًا أمامها فى بدايات حياتها، إذ إنها تعرضت لأزمات نفسية منذ طفولتها بسبب طبيعة عمل والدتها، فكان مَن حولها يضايقونها وينادونها بـ«بنت الرقاصة». لكن مع الوقت كانت لمنة شلبى إرادة واضحة، حولتها من مجرد ممثلة عادية مثل أى ممثلة إلى واحدة من أهم الممثلات التى تكشف فى كل عمل إمكانيات تمثيلية وقدرات خاصة يشيد بها النقاد والجمهور، بدأ ذلك الاتجاه بعد بطولتها الأولى فى فيلم «نوارة» عام ٢٠١٥، أى استغرق هذا التحول ١٤ عامًا، لتكشف عن قدراتها التمثيلية الكامنة بداخلها، وهى نفس المدة تقريبًا التى استغرقتها لتؤكد «يسرا» فى «امرأة آيلة للسقوط» بعد ١٣ عامًا من ظهورها الأول، أنها ممثلة من طراز خاص.
وكان مسلسلا «حارة اليهود» و«واحة الغروب» بمثابة النغمة التى عزفتها منة شلبى للجمهور بكل إتقان، لتؤكد أنها أفضل ممثلات جيلها، وأنها تستطيع التلون من دور إلى دور بكل حرفية، ليس ذلك فقط، فإنها تتلون فى صوتها من نبرة إلى نبرة أخرى، نبرة فرح إلى حزن، إلى انكسار، فى لحظة واحدة مثلما فعلت فى أحد مشاهدها فى فيلم «بنات وسط البلد» لمخرجه محمد خان.
كما أن نظرتها الجريئة وومضتها الساحرة فى «واحة الغروب» أمام خالد النبوى، ثم بكاءها فجأة، كلها مشاهد وإشارات، على سبيل المثال لا الحصر، أكدت بشدة أن منة شلبى أعادت تقديم نفسها للجمهور بشكل مذهل قائم على الاختيار، لا الانتشار مثلما قررت يسرا فى لحظة من الزمن.
وكان انفصال والدها عن والدتها مؤثرًا فى حياتها مثلما حدث مع يسرا، لكن الفرق أن والد يسرا لم يكن يحبها، كان قاسيًا عليها، بينما قالت منة شلبى إن والدها يحبها وتتواصل معه على الدوام، إلا أنها قالت فى أحد حواراتها إن ابتعاد والدها عنها كان يصيبها بخوف دائم ووحدة شديدة، وكانت تهرب من هذا الشعور بالتمثيل وحب الفن.
منة شلبى صاحبة صيت كبير فى الوسط الفنى، باعتبارها صديقة الجميع، بل دبلوماسية، فعلى سبيل المثال، قال عنها المؤلف تامر حبيب: «لا يتخيل أحد كم هى عظيمة وصديقة جدعة وطيبة، هى أقرب إنسان لى.. وقريبة من الجميع، وتسمع للكل وتقف مع الكبير والصغير، هى مذهلة وعظيمة».
وربما تكون منة شلبى صورة أخرى ليسرا التى تمثل الأصل الحقيقى لإرادة الفنان الذى يغيّر مساره ويكون قادرًا بإرادته على أن يكون حرًا فى تحديد خطواته وتطوير نفسه وعدم الاستسهال والاستسلام للرائج، فـ«منة» التى كانت تقول إنها من أهم ممثلى الإغراء منذ سنوات، تقول عن نفسها الآن: «أنا ممثلة نَص.. وأختار الأدوار المعقدة التى تتحدى قدراتى وموهبتى».