رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

30 يونيو.. ضحك ولعب وجد وحب

أتذكر بعد مرور 11 سنة على ثورة 30 يونيو الوطنية العديد من الذكريات التى تقع تحت كلمات.. طالما سمعناها وأسعدتنا وأدخلت البهجة على قلوبنا، وهى ضحك ولعب وجد وحب. وأرى أنها تنطبق تمامًا على حال المرأة المصرية.

ضحك على أوهام العقلية الذكورية التى كرست ثقافة التمييز والعنف ضد المرأة، وهو ما اعتبره البعض من المسلمات والمحرمات فى آن واحد، المسلمات باعتبار أن حالها لن يتغير وعليها أن تستسلم لما تفرضه العقلية الذكورية التى حولت أفكارها إلى ثقافة ذكورية مكتسبة، يروج لها مجتمع ذكورى متخلف. ومن المحرمات باستخدام كل الأساليب بما فيها التراث والتفاسير الدينية ربما على عكس حقيقتها للمزيد من قهر المرأة سواء بسلب حقوقها أو سرقتها أو استحلالها بكل الأساليب بما فيها استخدام بعض نصوص القانون على عكس المراد منها، وأنه لا سبيل لغير ذلك.

لعب العقلية الذكورية بالمرأة، ووضعها تحت الوصاية مدى الحياة ولأجل غير مسمى سواء من والدها أو أخواتها الذكور سواء كانوا أكبر أو أصغر منها سنًا، ثم تحويل صك ملكيتها تحت إطار الزواج بعد تسليعها وتسليمها لمن يدفع أكثر ليفوز بمزاد ملكيتها، وسرعان ما تنتقل تلك الملكية إلى أبنائها، ثم إلى المجتمع الذى يمارس كل أشكال السلطوية البطريركية عليها، وهى السلطة التى تسلبها جميع حقوقها سواء فى الورث أو حقوقها الشرعية فى الولاية على أطفالها.. تأكيدًا للقول المأثور "شغل المحامين الأمريكانى".

جد فى نية النظام السياسى المصرى فى استدعاء حقوق المرأة المفقودة، وذلك من خلال خطاب سياسى واضح مع حقوق المرأة، وترجمة ذلك إلى قوانين ولوائح وإجراءات. ولكن يظل الأهم فى مقابل كل تلك الجهود القيمة هو تغيير نمط التفكير الذكورى الذى سيطر على المجتمع لسنوات طويلة مرتكزًا على كلمات وآراء شيوخ الفضائيات الذين يستدعون من التراث أسوأ ما فيه ليطبقوه للمزيد من سيطرتهم وشهرتهم وتحقيق مصالحهم الشخصية والمالية. والنموذج الفج على ذلك من تكتشف فجأة أنها تعيش مع زوجها الذى منحته شبابها وجمالها وأمانها، وهى مطلقة بدون أن تدرى. وهى مشاكل.. تستحق مقالًا منفردًا عن الطلاق الشفهى.

حب بدون حدود، تمنحه المرأة لأبنائها. ورغم ذلك نتيجة تربية المجتمع الذكورية التى تؤثر فى تربيتنا لأبنائنا، نجد أن نظرتهم تتحول بشكل عدائى للمرأة بما فيها من أنجبتهم وأعطتهم من قلبها طريق الحياة، وهو ما يجعلنا نرى من يطرد أمه طمعًا قى شقتها أو ميراثها، ومن يتجاوز ضد أمه سواء بالإهانة أو غير ذلك مما يجعلها ترى سواد الليل أثناء ضوء النهار بعد أن ظلمها من اعتبرته هدية السماء لها.

نقطة ومن أول الصبر..
أثبتت ثورة 30 يونيو أن مسألة فرض الحقوق ودخولها حيز التنفيذ هى إرادة سياسية وطنية فى المقام الأول، والتى تتحول تدريجيًا إلى سلوك مع مرور الوقت. ويظل التحدى الرئيسى هو إعادة رسم ملامح وعى هذا المجتمع الذى أصبح أكثر شراسة واستباحة للمرأة بدون رحمة أو شفقة لحالها ومشكلاتها، وقبل ذلك استباحة إنسانيتها.