رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب على جنوب لبنان.. تقديرات التصعيد وشحنات الاسلحة

هناك شكوك حول طبيعة ما سُمى دوليًا ومن بعض دول المنطقة بـ«التناقضات الأمريكية- الإسرائيلية»، فالتخطيط المعلن من كل الأطراف أن الحرب الآتية على الجنوب اللبنانى، وربما فى عمق لبنان، حالة حرب تنتظر ساعة السفر، برغم أن التصورات فى داخل دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، أن دخول جيش الاحتلال ربما يؤدى عسكريًا سياسيًا إلى سقوط مدوٍ للسفاح نتنياهو، ذلك أن كبريات مراكز الأبحاث الاستراتيجية والأمنية والعسكرية تدعم الآراء حول:
تتزايد المساعى الأمريكية لإحداث انشقاقات داخل حزب الليكود، وبالتالى إضعاف وإنهاء حكومة التطرف التى يقودها السفاح نتنياهو، وسط تخبّط أمنى - سياسى وانهيار اقتصادى، وخلافات أمريكية أوروبية وتراجع فى الرؤية الداعمة فى المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وهى حالة توصف بأنه لا مثيل لها، إذ إن دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تعيش أزمات حول كيفية التعاطى مع الملف الفلسطينى فى الحرب الإسرائيلية النازية على غزة ورفح، وصولًا إلى التصعيد العسكرى فى الجنوب اللبنانى، وطبيعة المواجهة المترتبة عمليًا مع حزب الله. 

* حرب تصنعها التسريبات المتناقضة
بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المعنية مباشرة بالملف اللبنانى، فرنسا وألمانيا واليونان وقبرص  تأتى التسريبات، لتأخذ حيزًا متناقضًا مع التخبط الذى يواجه الجيش الإسرائيلى، وقدرات خوض المواجهة مع حزب الله، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تتردد، من خلال تمرير دبلوماسية مواقف، وزيارات تفتح ملفات عدة، بين «رفض الحرب على جبهة لبنان» و«ممارسة الضغوط لمنعها، أو الادعاء بذلك ظاهريًا»، وفق دبلوماسية المخاوف، والتهديدات الأمنية لحزب الله وبالتالى كل لبنان، ما يؤكد التصعيد الإقليمى، لأن لا الولايات المتحدة ولا أوروبا تناور بصدق حول لمنع ترهات السفاح نتنياهو، وجيش الاحتلال من شن الحرب، التى ستكون دانية، مؤثرة وإقليميًا، لبنانيات فلسطينيًا، مع ابتعاد أى حل سياسى، ديبلوماسى، أمنى. 
فى المؤشر عند المقاومة الإسلامية اللبنانية، وحزب الله، أن الحزب ينطلق من قدرات تعلمها دولة الاحتلال الإسرائيلى، من المواجهة والحرب فى هذا التوقيت المعلن، على الأقل من حزب الله، الذى لجأ إلى حرب إعلامية استباقية هدفها التخويف للإسرائيليين حول قدرته على أذيتهم بشكل كبير، بالإضافة إلى تخويف الأوروبيين والأمريكيين بإشعال المنطقة ككل فى حال توسيع الصراع، حسب تحليل سياسى نشرته بوابة المدن وغير وسيلة فى الإعلام اللبنانى المتناقضة داخليًا.

* إشارات أمريكية لدعم إسرائيل 
.. فى أى حرب تخوضها دولة الاحتلال، الحرب القائمة على الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية فى غزة ورفح، والحرب المرتقبة فى لبنان قامت الدبلوماسية الأمريكية الأوروبية والعربية جزئيًا، بالكون إلى محركات الدبلوماسية الأمريكية التى تناور بين التحذير، وترقب فترات السماح التفاوضى، بمعنى إثارة التفاؤل، دون مسارات فاعلة فى قرب الوصول إلى اتفاق دبلوماسى، والمفاوضات حول إيقاف الحرب على غزة ورفح. 
ذلك يبرز؛ أن «الولايات المتحدة، لن تكون قادرة على كبح جماح جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى إذا استمر الوضع على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، شمال دولة الاحتلال فى المواجهات التى تنتقل إلى ذروة التصعيد العسكرى». 
.. وفى ظل غياب معطيات أمنية حقيقية، تنثر الدبلوماسية الغربية، أن التصعيد نتيجة «معركة فى داخل حزب الليكود«، و«متاهة السفاح نتنياهو فى الحرب على غزة ورفح».
.. وربما، حسبما تشير المعطيات فى الساحات الفلسطينية اللبنانية، والغربية، فقد أخفت الولايات المتحدة أنها تعمد خلط الأوراق بهدف الانتقال من مرحلة الضغط لتحويل مسار المعركة، فى الجنوب اللبنانى، متزامن مع حرب غزة، من التصعيد إلى القتال المحدود والموضعى، إلى مرحلة جديدة، وهى محاولة تمرير اتفاق وقف إطلاق النار وإسقاط نتنياهو، كمقدمة لوقف الحرب.
وفى ذلك ستكون المعركة ليكودية بامتياز. أى داخل حزب الليكود. إذ تتزايد المساعى الأمريكية لإحداث انشقاقات داخل الليكود وإضعاف نتنياهو. وهو ما سيحاول الإسرائيليون استثماره خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، إلى واشنطن. وهو على خلاف كبير مع نتنياهو.

التحليل السياسى داخل لبنان، أن المعلومات فى أمريكا تشير إلى أن البحث يتركز على إنتاج حل ديبلوماسى فى لبنان ومنع التصعيد، بالإضافة إلى التخطيط لكيفية إسقاط حكومة السفاح نتنياهو. على المستويين السياسى والعسكرى، لأنه غير قادر على اتخاذ قرار بالدخول فى حرب ضد حزب الله ولبنان. بل هو يريد إطالة أمد الواقع القائم مع زيادة وتيرة الضربات. وهذا يفتح بابًا من أبواب الاستنزاف الواسع للإسرائيليين، ولن تكون إسرائيل قادرة على تحمله، لا على المستوى العسكرى ولا على المستوى السياسى، ولا اقتصاديًا واجتماعيًا، بالإضافة إلى استمرار تهجير السكان. ما يشكل ضغوطًا شعبية كبيرة، وسط تفاوت لتقديرات مواقف الجمهور بين من يؤيد الحرب وشنها بطريقة خاطفة، ومن يرفضها. فيما الخلاصة أن الجو الشعبى الحقيقى يريد الانتهاء من الواقع القائم وإعادة الاستقرار مع ضمانات، سواء حصل ذلك بعملية عسكرية أم باتفاق دبلوماسى، وهى رؤية تقود المنطقة نحو الدمار نتيجة التخبط.

* مناورات حرب مع لبنان 
تتبادل الأخبار عبر العالم وفى داخل دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، أن السفاح نتنياهو ورئيس الأركان الإسرائيلى، يشرفان على مناورات حرب مع لبنان.
ويقول الخبر، بلغة تهديد، على طريقة ما استبق به حزب الله:
اضطلع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، على مناورة تشكيل «رأس الحربة» فى المنطقة الشمالية على الحدود مع لبنان. وقال السفاح بعد أن شاهد المناورة: «إن تدريبات اللواء مثيرة للإعجاب للغاية، فى القدرات وفى التعبئة وفى الوقوف، وكذلك التنفيذ». وتابع فى تعليقه على التدريب «إنهم مصممون ومتمسكون بمهمة الدفاع عن إسرائيل». واستمع من قائد المنطقة الشمالية الجنرال أورى جوردين، وقادة الألوية والكتائب، إلى شرح حول أداء مظليى الاحتياط الذين شاركوا فى جميع حروب إسرائيل وفى قطاع غزة.
فى المقابل، تفقد رئيس الأركان الإسرائيلى، هرتسى هاليفى، تدريبًا عسكريًا يحاكى الحرب فى تضاريس جبلية ومناطق مدنية.
.. وكانت هيئة البث الإسرائيلية، كشفت؛ مساء الأربعاء، عن أن «هاليفى تفقد أو أشرف بنفسه على تدريبات عسكرية لقوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلى على الحدود الشمالية لبلاده بهدف رفع جاهزية قواته العسكرية». وأوضحت القناة على موقعها الإلكترونى أن «التدريبات العسكرية أقيمت على الحدود الشمالية للبلاد وتضمنت التدريب على القتال فى مناطق جبلية ومناطق مدنية».
والتقى السفاح نتنياهو قبل ذلك بـ٢٤ ساعة، مقاتلى وقادة تشكيل «رأس الحربة» (اللواء 55)، فى خضم مناورة للواء بالتخطيط الشمالى. ويأتى هذا التمرين ضمن سلسلة من التدريبات التى ينفذها العديد من الأقسام فى الجيش الإسرائيلى لزيادة الكفاءة والتحقق من صحة خطط الهجوم فى حال الدخول فى حرب شاملة على جبهة الشمال.

* أسلحة لحرب موعودة
بين دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية والعاصمة الأمريكية، حديث آخر فى موضوع شحنات الأسلحة الأمريكية، وقد أفاد وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت عن بإحراز تقدم ملحوظ، على صعيد حصول جيش الاحتلال على مزيد من شحنات. 
وقال جالانت: «أحرزنا خلال الاجتماعات تقدمًا ملحوظًا، تمت إزالة العراقيل ومعالجة مكامن الضعف».
التقدم، فى أسلحة الحرب الموعودة عبر جبهة غزة ورفح وجنوب لبنان، يشتمل عدة دفعات: «مسائل مختلفة» بينها «موضوع تعزيز القوة وإمدادات الذخيرة التى يجب أن نأتى بها إلى إسرائيل»، وهنا قال جالانت: «أود أن أشكر الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكى لدعمهما المستمر لدولة إسرائيل».
وجاءت تصريحاته إثر لقائه مستشار الأمن القومى الأمريكى جايك سوليفان مختتمًا زيارة لواشنطن التقى خلالها أيضًا وزير الخارجية أنتونى بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن.
وقال البيت الأبيض إن سويفان كرر التزام الرئيس جو بايدن ضمان حصول إسرائيل على كل ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها عسكريًا، ومواجهة خصومها المدعومين.

* تقديرات صهيونية 
فى مسارات الإعلام الصهيونى، ذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن «التقديرات تشير إلى الاقتراب من لحظة الحسم مع لبنان» و أن «الجيش بدأ نقل قواته إلى شمال البلاد قرب الحدود اللبنانية»، وهو ما زادت علية صحيفة «معاريف»، فى تحليل عسكرى: «ما يبدو حاليًا هو أنه لا مفر من حرب شاملة مع لبنان تؤدى إلى هزيمة حزب الله»، مشيرة إلى أنه «من أجل إدارة هذه الحرب بشكل صحيح، يجب على إسرائيل أن تُوضح للدولة اللبنانية أنها هى أيضًا ستدفع ثمنًا باهظًا». هناك 3 خيارات مطروحة على الطاولة: اتفاق ينهى حالة الأعمال العدائية مؤقتًا، أو استمرار المناوشات ذات الكثافة المتزايدة التى تجمع بين إطلاق النار من الاتجاه المعاكس وطلعات هجوم جوى على أهداف عسكرية لحزب الله، أو شن هجوم عسكرى على طول خطوط الحدود ضد حزب الله فى جنوب لبنان واحتلال المنطقة والقضاء على قوات الحزب وعناصره العسكرية.
معاريف، تحذر، تتلاعب فرضيات الحرب: «يبدو أنه لا مفر من الخيار الثالث. رحلات الوسيط الأمريكى آموس هوكشتاين للتوصل إلى اتفاق مع حزب الله لوقف الصراع، لم تؤد إلى نتيجة حتى الآن. إن الاستمرار فى المناوشات وشن حرب استنزاف ثابتة أمر غير وارد. عشرات الآلاف من الذين تم إجلاؤهم والأرض المحروقة ثمن لن تتحمله البلاد طويلًا. ما تبقى هو حرب شاملة ستؤدى إلى هزيمة حزب الله. ومن أجل إدارة هذه الحرب بشكل معقول، يجب المضى نحو مواجهة الجهة الأساسية وهى الدولة اللبنانية، وعمليًا، فإن القرار 1701 يتطلب سلطة لبنانية ذات سيادة وليس حزبًا يفتقر إلى الوضع القانونى والسياسى»، فى إشارة إلى حزب الله.
.. والواضح فى معاريف، لغة التهديد، لتقول إن هجمات إسرائيل ستؤدى إلى إغراق بيروت بالظلام وضرب مراكز إمدادات المياه للمدينة وإغلاق مطار بيروت الدولى، وتابع: «الحرب هى عالم من عدم اليقين كما قال بحق الخبير الاستراتيجى كارل فون كلاوزفيتز، ولكن فى بعض الأحيان لا يمكن تجنبها. وفيما يتعلق بقرار تجنب الحرب بأى ثمن، قال استراتيجى آخر، ونستون تشرشل: (بين الحرب والعار، إذا اخترت العار، فستحصل فى النهاية على الحرب والعار معًا).. فى إسرائيل، لقد سئمنا من العار».

* ساعة يوم القيامة
.. وبإتفاق مع الإعلام الصهيونى، صحيفة أمريكية، تكشفان: إصرار الرئيس الأمريكى بايدن على تجنب التصعيد الإقليمى يتسبب فى التصعيد عمليًا.
.. وهو ما أشارت الية صحيفة «The Hill» الأمريكية، المقربة من البيت الأبيض، إلى أن حزب الله يقترب بشكل خطير من نقطة اللاعودة فى حربه المستمرة عبر الحدود مع إسرائيل. وبينما تهدد إسرائيل برد واسع النطاق، تواصل إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن استهلاك الوقت والطاقة فى كل أنحاء الشرق الأوسط دون تحقيق أى نتيجة تُذكر وأنه: منذ الهجوم على إسرائيل فى 7 أكتوبر، أدى التبادل شبه اليومى للهجمات الصاروخية والمدفعية وهجمات الطائرات من دون طيار إلى مقتل أكثر من 22 إسرائيليًا وتشريد 60 ألف مدنى من شمال إسرائيل، كما اندلعت حرائق غابات متعددة فى أنحاء الجليل بسبب صواريخ حزب الله.
.. إننا نشهد عدًا تنازليًا، تقول ذا هيل: نحو الانفجار الكبير فى الشرق الأوسط، والوضع العام يتطور بسرعة. ومع ذلك، فإن بايدن غير قادر على إيقاف ساعة يوم القيامة، ناهيك عن استباق المنحنى استراتيجيًا. من جانبها، تقترب إيران أكثر فأكثر من إنتاج الأسلحة النووية ونشرها، وهى الآن، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، «تتحدى» البيت الأبيض من خلال «تغذية مجموعات اليورانيوم من أجهزة الطرد المركزى المتقدمة من طراز IR-4 وIR-6 فى منشأة التخصيب فى نطنز».
.. وفى نطاق الرؤية الأمريكية: الساعة تدق، ويبدو أن إدارة بايدن ليست لديها إجابات، ولن يكون من السهل على إسرائيل ترهيب حزب الله، فقدراته العسكرية الهجومية أكثر تقدمًا بكثير من حماس. وهددت إيران فى الماضى بتدمير حيفا وتل أبيب إذا شنت إسرائيل هجومًا واسع النطاق على حزب الله. وفى حين أن دفاع الجيش الإسرائيلى الناجح ضد الهجوم الصاروخى والطائرات من دون طيار الإيرانى فى 13 أبريل قد خفف الكثير من هذا القلق، فإن حزب الله يمكن مع ذلك أن يلحق أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية الإسرائيلية الحيوية والمنشآت العسكرية ويحتمل أن يتسبب فى خسائر مدمرة فى صفوف المدنيين. ويبدو أن الإسرائيليين، بفارق كبير، مستعدون لاغتنام الفرصة. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست»، فإن 62% من اليهود الإسرائيليين يؤيدون الهجوم على حزب الله فى لبنان بكامل القوة.
وتابعت الصحيفة: يواصل بلينكن، فى الوقت الحالى، التقليل من احتمال نشوب صراع شامل بين حزب الله وإسرائيل. كما يحذر البنتاجون، المنهك بسبب استراتيجية بايدن فى الشرق الأوسط، إسرائيل من التورط فى حرب أوسع مع حزب الله. إذن، يستمر العد التنازلى نحو الانفجار الكبير فى الشرق الأوسط على حساب بايدن.
.. كل ذلك يحدث ويفتح الصورة على تصعيد قادم دون أى حلول، لأن الحرب فعلًا قائمة منذ السابع من أكتوبر الماضى.