رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعاد حسنى: صلاح جاهين قالنا «اتكلموا» وكتم كل أحزانه فى قلبه

سعاد حسنى وصلاح جاهين
سعاد حسنى وصلاح جاهين


علاقة فنية وروحانية وطيدة جمعت السندريلا سعاد حسنى بمتعدد المواهب صلاح جاهين، إذ كانت تعتبره «الأب الروحى» ومستشارها الأول، الأمر الذى جعلهما يتشابهان فى كثير من الأمور فى مقدمتها الحالة النفسية، بمعاناتهما من «الاكتئاب» بصورة دائمة.
كانت سعاد تراه «كتلة ملتهبة من الفن، بيشجى فن، ويضىء بعقله عتمة الدروب، لا يمكن أن يتكرر مطلقًا»، وتصفه بأنه «من ملامح مصر»، وتقول: «من حسن حظى أنى عرفت صلاح جاهين واقتربت منه واستفدت دروسًا فى شرايينى، لا يمكن أن أحددها فى كلمات».
حضرت إحدى المرات التى جلس فيها ليؤلف: «كان يضحك لوحده، ثم تمر سحابة تعاسة على وجهه، ثم يبتسم فجأة، ثم يبحث عن قلم ويحبس إلهامه بسرعة سواء كان مطلع قصيدة أو رباعية أو رسمًا أو جملة حوار».
وتسترجع مساعدته إياها فى تعلم بعض الحركات الراقصة: «كان زى الفراشة بالظبط.. هل تصدقوا إن هو اللى كان بيورينى الحركة الراقصة بتبقى إزاى؟.. يعنى كان بيقف على طراطيف صوابعه- رغم أنه كان مليان جدًا- ويحرك إيديه ويحرك جسمه زى الفراشة».
وتضيف: «كان بيورينا إزاى نقدر نحس بالحركة، وأن الرقصة تعبير كامل عن أحاسيس معينة فإذا كان بيورينا الحركة، فما بالك بقى بالحوار بتاع الأغنية والمشهد؟!! أقول إيه.. هو حلم من الأحلام.. حقيقى حلم.. طيف».
ماذا عن أحزانه إذن؟.. تحكى «السندريلا»: «زعلانة جدًا إن هو مكانش بيقول لنا أحزانه. كان بيخبى علينا ويكتم فى قلبه.. يمكن لو كان قال لنا قطعًا كنا هنقدر نعمل حاجة، لكنه ماكنش بيحب يورى حزنه لحد أبدًا أبدًا أبدًا.. أنا زعلانة إنه ألّف قصيدة بتقول: (اتكلموا.. اتكلموا) بيقول لنا فيها اتكلموا رغم أنه ماكنش بيتكلم عن حزنه».
هذه العلاقة الفريدة بين «سعاد» و«صلاح» تحدثت عنها منى قطان، زوجة الشاعر والكاتب الكبير، قائلة: «علاقة الأستاذ بتلميذته»، موضحة: «سعاد كانت تعتبره مستشارها، منذ تعارفا فى فيلم (خلى بالك من زوزو)، ثم فيلم (أميرة حبى أنا)، وصولًا إلى مسلسل (هو وهى)».
وتضيف لمجلة «نصف الدنيا» عام ٢٠٠١: «سعاد حسنى كان توده وتستشيره فى أعمالها، حتى التى لم يكن يشاركها فيها، وحزنت لفراقه بشكل كبير جدًا، وقبل رحيلها ألقت أشعاره عن المقاومة الفلسطينية فى محطة بى بى سى الشهيرة».
وعن تشابه الحالة النفسية لـ«سعاد» و«جاهين» تقول: «صلاح كان معتادًا على الاكتئاب منذ وقت مبكر فى حياته، لأنه يمتلك هذه الحساسية المفرطة التى تميز جميع الشعراء، لكن الاكتئاب لم يصب سعاد إلا فى نهاية حياتها نتيجة ابتعاد الناس عنها، وتنكر البعض لها، والأمراض التى أصابتها، وشعورها بالظلم».
توصيف علاقة الاثنين بـ«الأستاذ والتلميذ» تطرق إليها أيضًا الشاعر أحمد فؤاد نجم: «صلاح جاهين كان بالنسبة لسعاد حسنى أستاذًا ومعلمًا، فهو الذى صنعها، وكان ونسًا لها، لذا انكسرت بعد وفاته، خاصة أنها كانت رقيقة مثل النسمة، زى الريح الطيبة، زى الحلاوة السمسمية»، وفقًا لما ورد فى المجلة ذاتها.
أما الفنان الراحل أحمد زكى فيرى أن «سعاد» استفادت من «جاهين» لأنه كان مثقفًا موسوعيًا، مضيفًا: «كان بيشجعها حتى لما تعمل عمل عادى، ويقعد معاها يفسر لها ويحلل لها المشاهد كلمة كلمة، ولما مات لقت وش تانى من كل اللى حواليها».
لذلك كله كان طبيعيًا أن يكون خبر وفاة «جاهين» من أصعب اللحظات التى تمر بها «سعاد»، وقد كانت تشاهد التليفزيون الذى قطع إرساله فجأة ليذيع الخبر، واستقبلته السندريلا بذهول شديد وبكاء هستيرى وأخذت تضرب كفًا بكف. اتصلت سعاد حسنى بسامية جاهين، وقالت لها إنها لا تصدق الخبر، فأكدته لها الأخيرة، فأصيبت سعاد بانهيار شديد لدرجة أنها لم تقو على الذهاب إلى منزله إلا ليلًا.
وائل توفيق