الانتخابات الرئاسية فى السينما الأمريكية
فى انتظار إعلان النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، التى يبدو فيها المرشح الرئاسى، دونالد ترامب، متقدمًا على منافسته كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالى، جو بايدن.. يظل المشهد الفريد والشغب والعنف الذى شهده العالم، فى السادس من يناير ٢٠٢١، حيث اقتحمت مجموعات من الأمريكيين المؤيدين للرئيس المهزوم وقتها ترامب، مبنى الكونجرس الأمريكى أثناء اجتماع إقرار نتائج الانتخابات، تعبيرًا عن رفضهم فوز بايدن، متأثرين بمقولات رئيسهم عن تزوير الانتخابات وسرقة الديمقراطيين للمنصب الرئاسى، وإفشال خطط الرئيس ترامب لاستعادة مجد أمريكا، وتحسين أوضاع الفئات المتأثرة اقتصاديًا بالعولمة، سيظل ذلك مشهدًا مؤلمًا فى التاريخ الأمريكى، وفى مسيرة الديمقراطية الأمريكية، كنموذج فريد فى إدارة مصالح المجتمع.. فضلًا عن كونه مناقضًا للمقولات الرائجة عن كون أمريكا بوتقة انصهار للخلافات العرقية والدينية، وأرضًا للأحلام، كما يقول د. حسن أبوطالب، عضو اللجنة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية.
والأهم أن الداخل الأمريكى بات يدرك أن عدوه وعدو نموذجه السياسى الاجتماعى ليس من الخارج، بل هو كامن فى عمق المجتمع نفسه، الذى ما زال مصابًا بداء العنصرية والاستعلاء الطبقى، فضلًا عن أن المؤسسات تؤكد عجزها فى مهمة حماية الفئات الاجتماعية الفقيرة، والتى تأثرت أكثر من غيرها بالتحولات الناتجة عن العولمة، ومن ثَم فقدت ثقة الجمهور، الذى فقد أيضًا ثقته فى الخبراء والسياسيين المخضرمين السائدين فى المشهد العام، بل يُنظر إليهم باعتبارهم متواطئين فى عملية الإفقار المنهجى الذى يتعرضون إليه.. الأمر برمته فاجأ الكثيرين فى الداخل وفى الخارج، لا سيما حين شاركت جماعات اليمين المتطرف كأحد مكونات القاعدة الشعبية للرئيس ترامب، وأبرزهم جماعة حركة «كيو آنون»، وهى جماعات تعتنق أفكار المؤامرة التى تعتقد أن ترامب يقود حركة لتصحيح التاريخ، ويحارب قادة الديمقراطيين الفاسدين، الذين لا يخجلون من التحرش بالأطفال، وهم من عبدة الشيطان ومنتهكى حقوق البشر!.
واستباقًا للأحداث من جهة، والاستعداد لتوعية الجمهور الأمريكى بما قد تؤول إليه الأحوال، إذ تكرر مشهد اقتحام الكابيتول عام 2021، فقد عرضت السينما الأمريكية فيلمًا فى يناير من هذا العام، War Game أو «لعبة الحرب»، من إخراج تونى جيربر، وجيسى موس، لمسئولين أمريكيين يحاكون انقلابًا بعد انتخابات مُتنازع عليها، حيث المتمردون يسيطرون على العواصم، ويشككون فى سيطرة الرئيس العسكرية، فى إطار أن مكافحة التضليل أمر حيوى، ويسلط الضوء على الدفاع الحزبى عن الديمقراطية.. إذ يصور هذا الفيلم بشكل ممتاز، الخوف الذى شعر به سكان المبنى فى ذلك اليوم، والغضب والعنف الذى يستعد اليمين لارتكابه.. كل ما عليك، إلا أن تنظر إلى المراجعات السلبية، لترى مدى انزعاج المحافظين من هذا الفيلم، الذى يُظهِر مدى ما سيفعله اليمين عندما يخسر ترامب.. لقد ذهب الأشخاص الذين ذهبوا إلى مبنى الكابيتول فى السادس من يناير لسبب واحد، وهو وقف انتقال السلطة الديمقراطى.. وكما تظهر المراجعات السلبية، فإنهم حتى يومنا هذا لا يزالون ينكرون أن أمريكا كادت تقع فى انقلاب.
هذا الفيلم ليس الأول الذى يتناول انتحابات الرئاسة الأمريكية، حيث يشهد السباق إلى البيت الأبيض توترًا متصاعدًا، ويسرى هذا التوتر على أبرز ما تنتجه هوليوود من مسلسلات ووثائقيات وأعمال الدراما.. وتعد الانتخابات الحالية هى الأكثر اضطرابًا فى تاريخ الولايات المتحدة، فقد تم تغيير مرشح قبل أشهر من موعد السباق الانتخابى، وشهدت مناظرة بايدن وترامب، ثم مناظرة بايدن وكامالا هاريس الكثير من الدراما، بجانب ترقب لاحتمال وصول أول امرأة إلى سدة الرئاسة الأمريكية.. لكن السباق إلى البيت الأبيض جذب اهتمام صنّاع الأفلام على مدى عقود، وكان بعض النتائج مذهلًا إلى حدّ ما.. ففرانك كاربا، المخرج الإيطالى الأمريكى، الفائز بجوائز عن أعماله فى الثلاثينيات والأربعينيات، تناول الموضوع بنظرة متشككة.. وقد حملت بعض هذه الأعمال أسلوب الرواية الخيالية، بينما مزج البعض الآخر بين الخيال وتفاصيل واقعية عن الانتخابات، لكنها جميعًا تناولت موضوعات تمسّ قلب الديمقراطية والمبادئ الأمريكية.. وحتى ظهور النتائج النهائية لانتخابات اليوم، دعونا نمضى الوقت فى نتاجات السينما الأمريكية عن هذا الموضوع المهم.
● عام 1998 صدر فيلم Primary Colors «ألوان أساسية»، وهو واحد من أفضل أعمال المخرج مايك نيكولز، وأقلّها شهرة، بينما يعود السيناريو للكاتب إيلاين ماى.. يصور هذا العمل الساخر بشكل واضح لا يمكن إنكاره، رحلة بيل كلينتون خلال الانتخابات التمهيدية للسباق نحو البيت الأبيض، رغم أن شخصيات الفيلم تحمل أسماء مغايرة لكلينتون وأفراد حملته.. أدى جون ترافولتا بشكل بارع غير متوقع، دور جاك ستانتون، الحاكم الجنوبى الذى يستطيع أن يتجاوز أى مأزق أو تحدٍّ بفضل فطنته.. أبدع ترافولتا فى محاكاة كاريزما كلينتون وتقليد نظرته المتعاطفة، التى كانت تجسد شعار «أشعر بألمكم»، دون أن ينحدر الأمر إلى سرد هزلى.. وتلعب إيما تومبسون دور زوجته سوزان، التى يفترض أن تكون هيلارى كلينتون، قبل أن يكون لها مسار سياسى خاص بها، لكنها تملك بصيرة حادة.. الفيلم مقتبس من رواية كتبها الصحفى جو كلاين عام 1996، نُشرت فى الأصل تحت اسم Anonymous، وتناول الفيلم ما يدور وراء الكواليس، فى الوقت الذى كانت تحاول فيه الحملة تبديد الشائعات بعضها صحيح وبعضها غير صحيح حول فضائح ستانتون النسائية.. وهناك أيضًا شخصية أدريان ليتسر، وهو مدير حملات انتخابية مثالى، يجسد فكرة البراءة المفقودة، الموجودة فى العديد من الأفلام التى تتناول الانتخابات الأمريكية.. احتوى الفيلم على نسبة كبيرة من الكوميديا، حتى مع طرحه لواحدة من الأسئلة الأساسية فى السياسة، فى القرنين العشرين والحادى والعشرين: هل من الضار ممارسة القليل من الخداع والتضليل، إذا كان من شأن هذا أن يساعد فى وضع شخص، سيبذل قصارى جهده لخدمة الولايات المتحدة فى البيت الأبيض؟.. يقدم ستانتون فى الفيلم الإجابة عن السؤال بالقول إن رئيسًا بارزًا على شاكلة إبراهام لينكولن قد زيف الحقيقة.
● كل رجال الرئيس، أو All the President›s Men، أخرجه ألان جاى باكولا عام 1976.. واحد من أفضل أفلام عصرنا، يركّز بالطبع على الصحافة، لكن إن ألقيت نظرة أخرى، سترى أنه يتناول أيضًا السياسة القذرة فى الحملات الانتخابية.. يُجسد روبرت رديدفور وداستين هوفمان، دور بوب وودوارد وكارل برنشتاين، وهما اثنان من مراسلى صحيفة «واشنطن بوست»، يحاولان معرفة الحقيقة خلال الفضيحة السياسية التى اشتهرت باسم «ووترجيت»، وأدت إلى استقالة ريتشارد نيكسون، الرئيس السابع والثلاثين للولايات المتحدة.. ويتبع الفيلم تحقيقات الصحفيين عن تورط لجنة انتخابية للحزب الجمهورى، فى المحاولة الفاشلة لسرقة معلومات من مقر الحزب الديمقراطى فى بناية ووترجيت، فيما كان مجرد مقدمة أدت إلى الكشف عن المزيد من الممارسات البغيضة فى الحملات الانتخابية.. ولا يزال الفيلم مشوقًا عند كل مرة تشاهده فيها، لأنه يخلق صورة متسقة عن الولايات المتحدة، حيث الفساد الكامن وراء حملة نيكسون الانتخابية عام 1972، هو أحد الموضوعات التى يتناولها الفيلم الذى دائمًا ما يحذرنا من مغبة هذه الانحرافات السياسية.
● هزّ ديل الكلب أو WAG THE DOG، أخرجه بارى لفينسون، عام 1997.. ويبدو هذا العمل الساخر من التسعينيات، أكثر ملاءمة للوضع الحالى من أى وقت مضى، خصوصًا، فى ظل ما نعيشه من تطور لتقنية الذكاء الاصطناعى والانقسامات الحادة حول الحقيقة.. أدى روبرت دنيرو أحد أفضل أدواره الكوميدية، عندما جسد شخصية كونراد برين، وهو مستشار حملات انتخابية يتم استدعاؤه، بعد انتشار الأنباء حول علاقة الرئيس بامرأة شابة، قبل أسبوعين على موعد الانتخابات التى ستبقيه فى منصبه.. واللافت أن الفيلم تم عرضه للمرة الأولى، قبل شهر من انتشار أخبار فضيحة بيل كلينتون ومونيكا لوينسكى.. فجاءت التطورات خلال رئاسة كلينتون بمثابة هدية بالفعل لصناع الأفلام.. ولإنقاذ الحملة الانتخابية، يقرر برين الاستعانة بمنتج سينمائى من هوليوود جسّد داستن هوفمان شخصيته النرجسية بشكل مذهل ليختلق حربًا وهمية مع ألبانيا عبر الكاميرات.. كما قاموا بخلق بطل للحرب لا علاقة له بالبطولة.. وقد صدقت الصحافة والرأى العام، فمن الذى سيكون قادرًا على معرفة ما هو الحقيقى بعد الآن؟.. كما صوَّر الفيلم العلاقة بين هوليوود والسياسة باعتبارها أمرًا مسلمًا به فى زمننا الحالى.. لكن الفيلم جمع بشكل مثالى بين السيناريو الذى كتبه ديفيد ماميت، وإبداع بارى ليفنسون فى الإخراج.
● غرفة الحرب أو War Room، من إخراج دى آى بينيبايكر، وكريس هيجدوس عام 1993.. يستند هذا الفيلم الوثائقى الرائد على كواليس ترشح بيل كلينتون للرئاسة للمرة الأولى عام 1992، ويمثل النسخة الحقيقية من فيلم «ألوان أساسية».. يظهر كلينتون قليلًا فقط.. ومن الشخصيات الأساسية، هى المُخطط الاستراتيجى جيمس كارفيل، ومدير الاتصالات جورج ستيفانوبولوس، قبل أن يصبح لاحقًا مقدم نشرات إخبارية.. اللافتة على حائط مكتب الحملة الانتخابية تحمل عبارة كارفيل الشهيرة التى صارت فيما بعد شعارًا سياسيًا مهمًا، «إنه الاقتصاد يا غبى».. يقوم ستيفانو بولوس بإخماد حرائق وسائل الإعلام، بما فى ذلك محادثة هاتفية يخبر فيها مراسلًا يعمل على نشر شائعة حول كلينتون، أنه سيبدو أحمق ولن يكون له مستقبل، إذا كتب هذه الكذبة، فى طريقة تجعل الأمر أشبه بسرد حقائق وليس تهديدًا.. وهذه الشائعة تم دحضها فى الواقع منذ زمن بعيد.. ويرصد الفيلم الطاقة الشبابية، خلال حملة قائمة على الأمل والأدرينالين.
● الرجل الأفضل أو The Best Man حيث يستعيد المخرج فرانكلين شافنر، بسيناريو جور فيدال، عصر جون كنيدى، لكن تناوله لمكائد اختيار مرشح رئاسى فى مؤتمر حزبى تنقسم فيه الآراء حول المرشحين، لا يزال يمسّ العديد من القضايا الراهنة فى سياسات الحملات الانتخابية، بما فى ذلك المال والوعود التى تُقدّم مقابل تقديم التبرعات للمرشحين.. يؤدى هنرى فوندا دور ويليام راسل، وزير الخارجية المُخضرم، الذى وصفه أحد أنصاره بالمثقّف.. يسأله أحد المراسلين: «هل تعتقد أن الناس لا يثقون فى أمثالك من المثقفين فى عالم السياسة؟».. يلعب كليف روبرتسون دور السيناتور جو كانتويل، المنافس الشاب الذى يعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.. كل من المرشحين على دراية بفضائح منافسيه، لكن هل سيلجأ أحدهم إلى استخدام ذلك الأمر؟.. ينتقد فيدال رُهاب المثلية فى ذلك العصر، من خلال الإشارة إلى مزاعم عن علاقة مثلية، على أنها واحدة من تلك الأسرار، ويتعقد الأمر أكثر، عندما يتبين أن الأمر لا يعدو كونه شائعة كاذبة.. وتبدو النهائية الأخلاقية السعيدة وكأنها مقحمة على الفيلم، الذى رغم نهايته تلك، يبدو مليئًا بالمؤامرات وأسئلة البحث عن الذات.
● خطاب حالة الاتحاد أو State of the Union Address.. عمل درامى قوى لكنه غير معروف، من إخراج فرانك كابرا عام 1948، بطولة سبنسر ترايسى وكاثرين هيبورن.. سخريته اللاذعة من العمل السياسى يجعل منه أحد أقل أعمال المخرج سخافة.. فجرانت ماثيو، رجل أعمال ناجح متزوج من مارى، لكنه على علاقة بكاى ثورندايك، مالكة مجموعة صحفية وذات طوح سياسى كبير.. تريد كاى استخدام مالها وتأثيرها لتضع جرانت فى البيت الأبيض، لكنهما يحتاجان إلى مارى لتلعب دور الزوجة المخلصة.. تُصاب مارى بإحباط وخيبة أمل، عند إدراكها أنها كانت تستخدم كأداة.. جرانت، وهو رجل طيب فى الأساس، ينخرط بشكل متزايد فى الطموح والاستغلال السياسى.. ومثل أى فيلم لكابرا، نهاية هذا العمل مثالية، لكن ما يجعل هذا الفيلم مهمًا لنا اليوم، هو تناوله بوضوح إغراء السلطة والتسويات التى تدخل فى انتخاب الرئيس.
● الرئيس الأمريكى أو U.S. President 1995 من إخراج روب راينر.. وقد كتب آرون سوركين، سيناريو هذا العمل الرومانسى ذا الصبغة السياسية، والمستوحى من قصة «مَنْ لروب راينر» عن أندرو شيبرد، الذى يلعب دوره مايكل دوجلاس بشكل ساحر، فهو الرئيس الأرمل والأب العازب الذى يترشح لإعادة انتخابه.. وحين يقع الرئيس فى حبّ ناشطة بيئية اسمها سيدنى إلين وايد قامت بدورها آنيت بينينج، يطلب منه مستشاروه أن يجعلها بعيدة عن أعين العامة، بينما يبدأ منافسوه فى مهاجمتها.. ويلعب مارتن شين دور مدير موظفى الرئيس وصديقه الحميم.. يحمل العمل لمحة من المسلسل التليفزيونى The West Wing، خصوصًا فيما يتعلق بالصراع للحصول على الأصوات اللازمة، بهدف إقرار مشروع قانون الجريمة، الذى اقترحه شيبرد فى الكونجرس، إلى جانب السؤال حول ما إذا كان سيُعرِّض إعادة انتخابه للخطر من خلال دعم مشروع قانون بيئى.. لكنّ العنصر الأكثر تميزًا فى فيلم سوركين هو المثالية الوردية حول إمكانية أن تحقق السياسة بعض الخير، وهى فكرة تجعل هذا الفيلم غريبًا ومبهجًا، بين الأفلام السياسية الأكثر واقعية فى التسعينيات.
● اليوم المشئوم The fateful day 2011 من إخراج جورج كلونى.. وهو فيلم ديناميكى، من بطولة ريان جوسلينج وجورج كلونى أيضًا.. لم يترك الفيلم تأثيرًا كبيرًا عند عرضه فى زمن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، إذ إن تلميحه إلى فضائح كلينتون الجنسية بدا مملًا ومستهلكًا بشكل كبير.. عند مشاهدته الآن، نرى أنّه يستغل بذكاء، الفكرة المستمرة المتمثلة فى البراءة السياسية المفقودة، التى تتجسد فى شخصية ستيفن مايرز، التى يؤديها ريان جوسلينج، وهو شاب يتمتع بالذكاء ويعمل فى استراتيجيات الحملات الانتخابية.. يقرر مايرز العمل مع مايك موريس «كلونى»، حاكم موهوب فى السياسة يترشح للرئاسة.. لعب فيليب سيمور هوفمان دور رئيس ستيفن المُتعب، ولعب بول جياماتى دور مدير حملة منافسه، فى فريق يضمّ جيفرى رايت وماريسا تومى.. وتلعب إيفان رايشيل وود دور متدربة شابة لدى موريس، ويكفى ذكر هذا الدور لتعرف إلى أين تتجه الحبكة.. لكنّ الخداع بين المرشحين، وبين الحملات والصحافة، ذكى ومتقن إلى الحد الذى يجعل القدرة على التنبؤ بالنتائج غير ذات أهمية.
● تغيير اللعبة Game Changer، أخرجه جاى روش، عام 2012.. هذا الفيلم من نوعية الأعمال التى قد تدفعك إلى الضحك، عوضًا عن الانخراط فى البكاء نتيجة للحقائق التى يرويها.. يتناول اختيار حملة جون ماكين لحاكمة ألاسكا، سارة بالين، ليعينها نائبة له فى الانتخابات الرئاسية عام 2008، وهى خطوة ساخرة وعشوائية، أدت إلى نتائج عكسية بكل الطرق الممكنة.. وتبقى الكوميديا التى يقدمها جاى روش، والتى تشوبها أخطاء، قريبة من الواقع.. والفيلم مقتبس من كتاب لجون هيلمان ومارك هالبرين، وفى بعض الأحيان نرى مشاهد لسياسيين حقيقيين مع الممثلين.. يلعب وودى هارلسون دور ستيف شميدت، الخبير الاستراتيجى الذى يصرّ على أن على ماكين إد هاريس أن يفعل شيئًا يُغير من قواعد اللعبة، مثل اختيار امرأة، ليحظى بفرصة التغلّب على أوباما.. مع نفاد الوقت، والقليل من التدقيق، يختارون بالين الجذابة عديمة الخبرة.. لعبت جوليان مور دور بالين بواقعية ملحوظة مع بعض التعاطف.. هى جاهلة للغاية بالشئون الخارجية، لدرجة أن نيكول والاس لعبت دورها سارة بولسون، مديرة الاتصالات التى تحاول إرشادها، وتستسلم للواقع.. قد يكون هذا الفيلم، الواقعى والمرح، هو الجانب المشرق الوحيد فى كارثة بالين.
● رأس الدولة Head of State 2003 من إخراج كريس روك.. كانت أمريكا تحتفى برئاسة أوباما، حين كتب وأخرج وقام كريس روك بدور البطولة فى هذا العمل، عن ميس جيليام، سياسى متواضع محلى فى واشنطن، يتبناه الديمقراطيون للترشح للرئاسة بعد وفاة مرشحهم، قبل وقت قصير من موعد الانتخابات.. لكن الأمر برمتّه خدعة، فما يريده الديمقراطيون هو ادعاء الفضل فى الدفع بمرشح أسود لا شك أنه سيخسر، على أن يرشحوا أحد ساستهم البارزين فى الانتخابات التالية.. سينقلب الأمر عليهم بالطبع.. فميس رجل صريح، على اتصال بالعاملين ومستعد لإخبارهم بالحقيقة الواضحة حول كل شىء، مشيرًا إلى عدم المساواة وجاعلًا الجماهير تهتف، «هذا ليس صحيحًا!».. وغالبًا ما تكون كوميديا كريس روك الارتجالية ساخرة، لكن هذا الفيلم كوميدى على نطاق أوسع يلعب بيرنى ماك دور شقيق ميس الصاخب والأكثر جدية.. ويردد الفيلم السؤال الذى طرحه فيلم «خطاب حالة الاتحاد» عام 1948: هل يمكن لمن يقول الحقيقة أن يفوز؟.. لكن هذا العمل لم يحظ بنجاح كبير.
ويبقى علينا انتظار نتائج الانتخابات الحالية، التى يقترب فيها دونالد ترامب من فرصة الفوز، لحصوله، حتى كتابة هذا المقال، على 267 صوتًا فى المُجمَّع الانتخابى، من أصل 271 صوتًا مطلوبة لفوزه، على منافسته كامالا هاريس، التى حصلت حتى الآن على 224 صوتًا فقط.. لكن تظل العِبرة بالنهايات.. لنرى، هل تتكرر لعبة الحرب؟.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.