رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عندما تقدم أهل الإبداع الصفوف فى 30 يونيو

كان لأهل الإبداع في كل أشكاله ونوعياته ومعطياته، حدوتة تاريخية مع جماعة لها تاريخ أسود امتد عبر ما يقارب القرن من الزمان، بعد أن عانوا خلال كل ممارساتهم لفنونهم الكثير من تداخلات سوداوية لمقاومة دعم أهل الإبداع، ولم يكن في مخيلة الفنان المصري ولا المبدعة الوطنية أن يقفز على كراسي حكم البلاد والعباد تلك الفئة من البشر الكارهة للفنون والجمال والحب والسلام والتذوق المتفاعل مع الريشة والنغمة وبيت الشعر وشاشة العرض السينمائي والتليفزيوني والمسرحي!
نعم، هي جماعة ضد الإبداع وكارهة للجمال، ولذلك كانت الإرهاصة الشعبية الأهم - من وجهة نظر كاتب السطور - لثورة ٣٠ يونيو من جانب أهل الإبداع والتنوير والجمال وأبناء الحضارة المصرية العظيمة هي التي بدأت من أمام مكتب وزير الثقافة الإخواني المغلق بأمرهم فى وجه أول وزير ثقافة محمل بكل نوايا الغدر بكل أصحاب التاريخ الإبداعي، وبالفعل كان من أول قراراته الغبية المتعجلة إقالة معظم قيادات وزارة الثقافة ليكشف عن الوجه الظلامي القبيح لجماعة غير وطنية قررت بكل بشاعة "حرق مصر" المدنية المستنيرة التي تُعلي من شأن كل قيم التقدم..  
وعليه، كان قرار اعتصام عدد هائل من المثقفين والفنانين والصحفيين وأهل الرأي ورموز التنوير المصرية بمقر وزارة الثقافة بالزمالك، وإعلانهم عن رفض الحوار مع  د. علاء عبدالعزيز، وزير الثقافة المعين من قِبل مكتب الإرشاد الإخواني، معتبرين أن وجوده يُعد دليلًا قاطعًا على نية جماعة الحكم الاستيلاء على مصر التنوير ومقدراتها، وأكدوا في بيان أصدرته جبهة الإبداع المصري التى كانت قد تشكلت على وجه العجل، أن مطالبهم متجاوزة أي مطلب فئوي أو مهني، وصرخوا في وجه البغاة ليعلنوها  ثورة غضب وطني في مواجهة حكم قرر أن يُخاصم شعبه ويُقصى معارضيه ويهدد هويته وتراثه الفكري والثقافي، وأشاروا إلى أن رفض وزير الثقافة ليس مرتبطًا بشخصه، وإنما هو رفض لسياسات حكم جماعة ترى الوطن غنيمة، وينبغي أن يتم توزيع البيان على الأتباع والمؤيدين، مؤكدين أن المعتصمين في وزارة الثقافة قاموا بخلع كل رداء حزبى أو فكرى ليتشح الجميع بعلم مصر الوطن والتاريخ والحضارة وليعبروا عن طموحات شعبها الذي أنجب مبدعين لهم جذورهم العائلية الممتدة في العمق المصري ريفًا ومدنًا، عمالًا وموظفين، تجارًا وحرفيين..
ودعا البيان جميع المبدعين والمثقفين والفنانين فى أقاليم مصر للإعلان عن فعاليات أمام مديريات الثقافة وقصورها تدعم الاعتصام وتنشر ثقافته، مشيرًا إلى أنه سيتم تنظيم - خلال أيام الاعتصام فى السادسة من مساء كل يوم - فعاليات فنية للمؤيدين من أبناء مصر أمام مقر وزارة الثقافة بشارع شجرة الدر بالزمالك..
ومن بين من شارك فى تلك التظاهرة السلمية البديعة والاعتصام التاريخي، الروائي الكبير الراحل بهاء طاهر، والكاتب الكبير يوسف القعيد، المنتج محمد العدل، المخرج مجدي أحمد علي، الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب السابق والفنان أحمد عبدالوارث.. وغيرهم من أهل الإبداع والتنوير والفنون والصحافة والإعلام..
لا شك أن استرداد الدولة المصرية وانتشالها من أيدي العابثين بقيام ثورة ٣٠ يونيو، والدفاع باستبسال دون تغيير طابعها المدني الذي لا يخاصم الدين، بل يدعم كل قيمه العظيمة الخالدة كان من أهم مطالب أهل الإبداع، بالإضافة للتحذير من خطر العبث بمؤسسات الثقافة والتنوير والإبداع المصري، الذى كانت تجريه جماعة الشر تمهيدًا لإسقاطها، لقد كانت بحق ثورة إعادة الهوية المصرية، فقد سبق وحاولوا فرض أجندتهم على ثورة يوليو فرفضت الثورة ذلك وقاومتهم، وفي الثلاثين من يونيو كانوا قد وضعوا أيديهم على الدولة واستأثروا بها وأقصوا كل الأطراف حتى من سبق وتعاهدوا معهم على التحالف البغيض مع قياداتهم لتصالح المصالح! 
إنها حقوق المواطنـة التي من أجل تحقيقها نزلت الملايين في شوارع وطرقات المحروسة في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، عندما انكشف لهم أمر نية الإجهاز على ما تأسس من جهود أولية لبناء دولة المواطنة، ومن ثم إعادة الرؤية بعد ٢٥ يناير في الكثيـر مـن القضايا الفكرية والسياسية والإشكالات التى يطرحها مفهوم المواطنة، من هنا كان تبني ثورة ٣٠ يونيو بزعامة الرئيس السيسي لهدف إقامة مجتمع جديد يتوفر لمواطنيه نيل حقوق وامتيازات                   " المواطنة الكاملة وتبعات تحقيق الوحدة الوطنية..
لقد كانت جرائم جماعة الإخوان الإرهابية لا تُعد ولا تُحصى، بعد أن قرروا معاداة كل فئات المجتمع المصري، والقفز على كراسي الحكم بشكل طائفي إرهابي، كانوا مثالًا نموذجيًا لجماعة طائفية إرهابية، فمنذ تسلم محمد مرسي السلطة بدأ ممارسة الكثير من الأخطاء والخطايا في حق الوطن والمواطن، وصولًا إلى إعلان دستوري مكمل جديد يعطيه الكثير من الصلاحيات الإضافية، ويضمن له الاستحواذ على السلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس شعب جديد، يليها العديد من المشاهد المأساوية التي زادت من بشاعات ظلمه، فجميعها مشاهد عبثية مليئة بالاعتداء من قِبل الإخوان الإرهابية، ومنها المذبحة الأولى للقضاء المصري في ظل الحكم الطائفي، بعد محاولة مرسي التدخل في السلطة القضائية بعزل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وتعيين نائب عام جديد، وتحصين الإعلانات الدستورية، والقوانين الصادرة عنه، بحيث تكون غير قابلة للطعن عليها أمام القضاء، بخلاف تدخله المتعسف لوقف عدد من المحاكمات، ومحاولة إملاء الحكم على القضاة، وقيام أنصاره بحصار المحكمة الدستورية لإرهاب المحكمة حتى لا تنظر فى حل الجمعية التأسيسية، وبطلان مجلس الشورى كما سبق قبل ذلك حصارهم لمجلس الدولة، والاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية كان من ضمن المشاهد التي لم تحدث في التاريخ، وكان المسئول الرئيسي عنه هو تلك الجماعة التي سعت للحكم بالشكل الطائفي..
لقد كان حضور الرئيس السيسي وقيادته لمشهد الثورة من الأهمية بمكان في فترة من أهم فترات الحضور الوطني، وجعله الله قائد سفينة النجاة التي عبرت بالوطن إلى بر الأمان، ولقد أدار مرحلة ما قبل ثورة 30 يونيو بتجرد شخصي تام، فكان هدفه الأول حماية الوطن والدفاع عن الشعب المصري، وقدمت القوات المسلحة العديد من التضحيات فداءً لشعب مصر وانحازت لمطالب المصريين، ولذلك وثق المصريون في توجهات ومبادئ القائد المحارب وقتها، وطالبوا به رئيسًا لكل المصريين، وكانت البراعة والحكمة والاجتهاد والإصرار على النجاح والبناء من أسباب نجاح القائد الذي تم على يديه الشروع في تحقيق حلم بناء الجمهورية الجديدة.