رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف توصل "العقاد" إلي حقيقة موت "ابن الرومي"؟

العقاد
العقاد

عباس محمود العقاد، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1889، والذي وصوف بـ “العملاق” وأستاذ الجيل، ذاعت شهرته كعدو للمرأة، ويعد من أبرز جيل الرواد في الأدب المصري بدايات القرن العشرين.

جيل الرواد بين العقاد وطه حسين

وفي المقارنة بين العقاد وطه حسين وريادتهما، ذكر الناقد الراحل رجاء النقاش خلال إحدي البرامج التلفزيونية عرض في العام 1989 وتزامن مع مئوية ميلاد العقاد وطه حسين، أن العقاد وطه حسين كاتبان كبيران ونجمان ساطعان في حياتنا الثقافية والعامة. هذان الكاتبان الكبيران ولدا معا في عام واحد هو 1889. 

وحول أسئلة من نوعية، ماذا يبقي لنا وللتاريخ من هذين الكاتبين بعد مرور هذه المدة؟ يجيب “النقاش”: في الحقيقة هناك أشياء كثيرة جدا ستبقي من هذين الكاتبين، أشياء تكاد تشمل معظم ما قدموه إلي الحياة الأدبية والثقافية والعامة.

ويوضح “النقاش”: أول ما يخطر علي بالي من هذه الأشياء أن حياة هذين الكاتبين درس عظيم والذي يجب أن ندرسه ونتذكره ونتأمله ونكرره. طه حسين هذا الصعيدي الفقير الضرير الذي ظهر في عصر لم يكن فيه عليم ولم تكن فيه حياة اقتصادية سليمة في مصر وبالذات في الصعيد. يشق طريقه في التعليم بالأزهر ثم في الجامعة المصرية، ثم يكون أول من يحصل علي الدكتوراه في هذه الجامعة المصرية بعد إنشاءها.

ويعرج “النقاش” بالحديث عن العقاد لافتا إلي: العقاد الصعيدي الفقير لم تقو أسرته تعليمه ولم يستطع أن يحصل إلا علي الابتدائية. وقد قال بعض الباحثين أنه لميحصل حتي علي هذه الابتدائية، لأنه لم يتمكن من ظروفه المادية من ذلك. ومع ذلك هذا الفقير الآتي من الصعيد، الذي لا يملك شيئ، يشحذ إرادته ويبني ثقافته ويقرأ ويتعلم الإنجليزية تعلما يجعله من الذي يعرفونها جيدا. وتتسع ثقافته حتي يسمو علي الكثيرين من الذين تعلموا في مصر والذين تعلموا في العواصم الأوروبية المختلفة.

 

ويستطرد “النقاش”: قصة الحياة هذه بما فيها من قوة إرادة وعزيمة وسعة ثقافة، وإيمان بضرورة تقديم شيئ إلي المجتمع والحياة، شيئ مفيد ينبض بالقيمة والأهمية، هذه القصة يجب أن نتحدث عنها كثيرا وأن نضعها مصباحا منيرا أمام الأجيال المختلفة جيلا بعد جيل ليتعلموا منها أن الحياة هي الجد والإرادة والأهداف العظيمة، مهما كانت الصعاب والعقبات.

 

قضية المنهج عند العقاد

ويتابع رجاء النقاش حديثه عن العقاد، متطرقا إلي قضية المنهج لديه: اتخذ العقاد المنهج العلمي وسيلة لتقديم كافة الدراسات التي قدمها في الأدب والثقافة والمجتمع. قبل العقاد وطه حسين كان هناك عصر طويل وقرون متعددة من الفكر العربي سيطر عليها الظلام، وسيطرت عليها الخرافة، وسيطرت عليها الأفكار التي لا تقوم علي أساس عقلي دقيق وله منطق مفهوم.

ويشدد “النقاش” علي أن المنهج العقلي لدي العقاد مسألة بالغة الأهمية، وهو شيئ ثابت نتعلمه في هذا الجيل ويتعلمه من بعدنا من الأجيال القادمة إلي ما شاء الله. 

ففي كتاب العقاد “ابن الرومي” والذي يذهب مؤرخي الأدب أنه مات مسموما، لكن العقاد تتبع سيرة ابن الرومي مظاهر مرضه ليصل ولأول مرة في تاريخ الأدب العربي إلي تفسير يضعه احتمالا مقبولا يميل إليه العلم، وهو أن الشاعر ابن الرومي لم يمت مسموما بل بمرض السكر والذي لم يكن معروفا في عصره، ولكن العقاد بتفسيره ودراسته للأعراض التي ظهرت علي الرومي قبل موته من شدة العطش وغيرها من أعراض مرض السكر التي توصل لها الطب الحديث، واستطاع العقاد من خلال اتباع المنهج العلمي الوصول لهذه النتيجة.