رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا الحرب مع حزب الله ستكون صعبة على إسرائيل؟

الحدود اللبنانية
الحدود اللبنانية الإسرائيلية

في الأسابيع الأخيرة ازدادت الأصوات في إسرائيل الداعية إلى توسيع المعركة في الشمال، مع تزايد التقدير أنه من دون حرب واسعة لا يمكن تحقيق الاستقرار والأمن على الحدود مع لبنان، وخلال الأيام الأخيرة ازداد الحديث عن احتمالية بدء حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، قد ينضم إليها ميليشيات إيرانية أخرى في المنطقة..

على الرغم من استعداد إسرائيل لهذه الحرب المتعددة الجبهات منذ وقت طويل، إلا أنها سيكون صعبًا على إسرائيل لعدة أسباب يمكن تناولها على النحو التالي:

حرب صعبة

أهم الأسباب التي تجعل الحرب بين إسرائيل وحزب الله صعبة على إسرائيل، هي أن الجيش الإسرائيلي منهك، بعد 8 أشهر من القتال في غزة، بالإضافة إلى هجمات من طرف دول أُخرى في الشرق الأوسط، فقد أصبحت إسرائيل والجيش منهكَين، وفي حاجة إلى التقاط أنفاسهما، كما أن الجيش الإسرائيلي الذي خطط طوال سنوات لحروب قصيرة وقوية وجد نفسه في مواجهة حرب طويلة أدت إلى تآكل منظومته القتالية، خصوصًا منظومة الاحتياط.

من الناحية المادية، فإن الحرب ستشكل عبئًا اقتصاديًا، وقد ازدادت الفجوة في الميزانية الإسرائيلية وتجاوزت، خلال الربع الأول من السنة، عجز العام كله. والموارد أصبحت شحيحة وتتضاءل على الرغم من المساعدات الأمريكية، ودخول حرب في لبنان يمكن أن يؤدي إلى أضرار واسعة النطاق في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وشلّ الاقتصاد، وسيزيد تضاؤل الموارد.

من الناحية العسكرية، فإن حربًا ضد حزب الله يمكن أن تؤدي إلى هجوم إيراني واسع النطاق سيكون من الصعب على إسرائيل مواجهته، فحزب الله ليس مجرد ذراعًا لإيران، إنما هو شريك استراتيجي لنظام الملالي، وإذا اعتقد الإيرانيون أن حزب الله يوشك أن يتعرض لضربة قوية، فمن الممكن أن يضعوا كل ثقلهم من أجل دعمه، وستجد إسرائيل نفسها في خضم حرب إقليمية شاملة، وفي أوضاع سيئة جدًا بالنسبة إليها.

ومن الناحية الاستراتيجية، فإن النظرية السائدة في إسرائيل بأن استخدام القوة فقط يحقق الأمن، ليس مؤكدًا ناجها، وهي لم تنجح بالفعل في غزة التي لاتزال تقاوم، فقد استخدمت إسرائيل قوة غير مسبوقة في غزة، وضحّت بحياة مئات الجنديات والجنود، وعدد غير معروف من المخطوفين من مواطنيها، ولا تزال "حماس" صامدة، وهو ما يمكن حدوثه مع حزب الله ولكن بصورة أكبر وبدون حسم أوضح.

وحتى لو كان بإمكان الجيش الإسرائيلي السيطرة على أراضٍ في الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني، لكن كما هو الوضع في قطاع غزة، فإنه ليست لدى الحكومة الإسرائيلية خطة لتحوّل هذا الإنجاز العسكري إلى أداة لتحقيق الأمن على المدى البعيد، وسنواصل سماع الحديث ذاته عن خطة اليوم التالي، وخطة إنهاء الحرب، وقد تضطر إسرائيل إلى الانسحاب من دون إنجازات، أو أن نقيم مجددًا منطقة أمنية في جنوب لبنان ستدفع إسرائيل أثمانها الباهظة. إن إدارة منطقة أمنية في جنوب لبنان بينما الجيش الإسرائيلي غارق في حرب استنزاف في غزة، والوضع في الضفة الغربية يتصاعد، مع التهديد الإيراني الذي يحوم فوق هذا كله، وهذا كله يشكل وضعًا صعبًا على إسرائيل.