لماذا استقبل طه حسين يوم العيد بحزن عميق؟.. وهذه ذكرياته في الأعياد
من الأيام التي شغلت بال وتفكير بل وكتابات عميد الأدب العربي طه حسين، هي "أيام العيد"، بينما يبتهج الكثيرون بالعيد، إلا أن العيد عند طه حسين كان يشوبه الكثير من المرارة والحزن، فما السبب؟.
أحاديث طه حسين مع أصدقائه في العيد
فكشف طه حسين في كتابه "من لغو الصيف"، عما كان يشعر به في العيد، قائلًا: "كنت أتحدث إلى نفسي وإلى أصدقائي في أيام العيد أحاديث مختلفة، منها الباسم ومنها العابس، فيها الجِدُّ وفيها الهزل، ولكني كنت أحتفظ لنفسي بأشد هذه الأحاديث مرارة ولذعًا؛ لأني أعلم أن الناس يكرهون في أيام العيد وفي غير أيام العيد مرارة الحزن ولذع الألم".
وأضف طه حسين: وأشهد لقد استقبلت يوم العيد بحزن عميق؛ لأني استعرضت صورًا تعوَّدت أن استعرضها كلما أقبلت الأعياد، وفكرتُ فيمن أزوره ويزورني، وفيمن أسعى إليه ويسعى إليَّ، فإذا كثير من هذه الصور قد مُحِيَ من صفحة الحياة، ولم يبقَ له إلا رسم في صفحة القلب، قويٌّ عند قوم، ضعيف ضئيل عند قوم آخرين.
ذكريات طه حسين أيام العيد
وأشار طه حسين إلى ذكرياته في أيام العيد، خلال مجموعة من الصور تطل بذهنه، واصفًا: مُحيت هذه الصور من صفحة الحياة فلن أسعى إلى أصحابها، ولن يسعى أصحابها إليَّ، إما لأن أصحابها قد نقلوا من هذه الدار التي نضطرب فيها بالألم والأمل إلى دار أخرى لا تعرف الحركة ولا الاضطراب، وإما لأن أصحابها ما يزالون يضطربون معنا في هذه الدار، ولكن ظروف الحياة وأسباب العيش قد نقلت أهواءهم عنا إلى قوم آخرين ليسوا منَّا ولسنا منهم الآن في شيء.
وعن زياراته للأصدقاء، قال: لقد كنت أبدأ زيارات العيد بهؤلاء النفر من الأصدقاء الأعِزَّاء أكون معهم ليلة العيد، فإذا تنفَّس الصبح فكرتُ فيهم، وإذا ارتفع الضحى سعيت إليهم، فلقيتهم وكأننا لم نلتقِ منذ دهر طويل، وقضيت معهم ساعة قصيرة ضيقة لم أفرغ لهم فيها، ولم يفرغوا لي لكثرة المُقبِلِين والمنصرفين، ولكنها على ذلك ساعة عريضة خصبة لكثرة ما فيها من هذا الود الذي ينتقل إلى قلبك مريحًا عذبًا لا لشيء إلا لأن اليد صافحت اليد، ولأن التحية الهادئة البريئة من التكلُّف قد مَسَّتِ الأُذُن فملأت النفس حياةً وغبطةً وسرورًا.
ويبدو أن زيارة الأصدقاء والأحباء كان لها أثرًا طيبًا في نفس طه حسين، حيث وصف سعادته بهذه الزيارات: فإذا قضيتُ مع هؤلاء الأصدقاء هذه اللحظة القصيرة الخصبة خرجتُ من عندهم وقد ادَّخَرت من الغبطة والسعادة ما يعينني على احتمال أثقال العيد، فذهبت إلى دار عدلي ثم إلى دار ثروت ثم إلى دار فلان وفلان.