«مصر وتونس وباريس».. حكايات أماكن بيرم التونسي
عندما سئل أمير شعراء الشعب بيرم التونسى عن قصة حياته لخصها فى ثلاثة سطور قائلا : “الأولة مصر قالوا تونس ونفونى، الثانية تونس وفيها الأهل جحدونى والثالثة باريس وفى باريس جهلونى”.
بهذا الاختصار العجيب استطاع الشاعر العظيم أن يقول كلمته ويقدم نفسه للناس وللتاريخ فى أعظم صورة جمعت بين العديد من المتناقضات والمتعمق فى دراية هذه السطور الثلاثة سيكتشف أيضا مأساة “بيرم” من خلال كلماتها، فهو مصرى المولد والمنشأ والكفاح والأشعار وأشياء أخرى كثيرة لم تشفع له من أجل البقاء فى المحروسة والعيش تحت سماءها برغم حبه وولعه لها.
حكايات بيرم
هو أيضا تونسى الأصل من ناحية أجداده ووالده، ومع ذلك لم يعتبره أهل تونس من أهلها، لذا رفضوا أن يقيم بينهم أثناء محنته التى قضاها منفيا لمدة عشرين عاما.
فى ربوع باريس ومدن فرنسا التى وصلها مطرودا من مصر بسبب مواقفه الوطنية ضد الملك وضد الاحتلال البريطانى آنذاك أهملوه وضاعت من ملامح الأيام وطوال العشرين عاما التى قضاها هناك ماتت أحاسيسه الخاصة وإن زادته قوة ووطنية وأصبح يحن لمصر من حين لآخر حتى عاد إليها هاربا من المنفى.
كفاح شاعر
إنها قصة كفاح شاعر وأديب تستحق أن ترويها كثيرا لما فيها من عظمة وصمود وإصرار على رفض الأخطاء مهما عظمت وتلك أهلته لكى يكون من بين عظماء هذه الأوراق من أعلام الفكر والأدب
إن عظمة بيرم شاعر الشعب وأمير شعرائه أنه بالفعل كان نموذجا للشخصية المصرية وابن البلد الذى عاش فى خضم المتناقضات الاجتماعية التى كانت سائدة فى مصر لسنوات طويلة مع مطلع هذا الرن وقد استطاع من خلال كلماته النارية مقاومة المستعمر بطريقته الخاصة كما استخدم أشعاره من أجل الحرية مثلما فعل غيره من أدباء فرنسا من أمثال فولتير وجان جاك روسو وآخرين.
الشاعر بيرم التونسي
من مميزات الشاعر الفنان على حد قول النقاد إنه لم يكن يتعامل مع الفن أو مع الأدب معاملة ناعمة وإن اختلف منهجه هذا فيما بعد حين أخذ يكتب لأكبر المطربين والمطربات من أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب والسبب فى ذلك كان يرجع إلى شعوره الدائم بالثورة على التقاليد الاجتماعية التى خربت نفوس الناس، حسبما ذكر حنفي المحلاوي في كتابه "الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء".