رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف حقق هانى سلامة السهل الممتنع فى «قمر هادى»؟

جريدة الدستور

لفت الفنان هانى سلامة الأنظار خلال موسم رمضان 2019 بمسلسله «قمر هادى»، الذى اعتمد منذ الحلقة الأولى على تيمة الغموض والتشويق، ليغرد به بطله خارج السرب بعدما اعتمد على «السيكو دراما» فى مسلسله، مما جعل المشاهد ينجذب للعمل منذ المشهد الأول ويظل متشوقًا لمتابعة ما يحدث فيما بعد. وقد جاء التعاون بين «سلامة» والمخرج رءوف عبدالعزيز للعام الثالث على التوالى، ليبين مدى التناغم و«الكيميا» التى جمعت بين الطرفين، وسهلت تقديم عمل متكامل الأركان فنيًّا ودراميًّا لتصبح كل حلقة من حلقات المسلسل أشبه بفيلم سينمائى.
هذا التناغم ظهر جليًا هذا العام مع اختيار الثنائى نصًا مختلفًا للمؤلف إسلام حافظ، توافرت فيه عناصر التشويق وتداخل الخطوط الدرامية بشكل متزن مع بناء خلفيات الشخصيات بصورة مقنعة.
ورغم المنافسة الشرسة فى الدراما الرمضانية بين النجوم والأعمال، فإن مسلسل «قمر هادى» يظل أحد الأعمال المضيئة فى الموسم، كما أن نجومه حققوا نجاحًا ملموسًا أسهم إلى حد كبير فى نجاح العمل ككل.
هانى سلامة أصبح من الفنانين ذوى الثقل فى الوسط الفنى، لذا فهو يبحث دائمًا عن التجديد لأنه ممثل ذكى، يحافظ على عوامل النجاح ويبحث دائمًا عن العمل الذى يضيف لرصيده الفنى ولا ينتقص منه.
ومن الجميل أن نرى فنانًا يتقمص الشخصية بدقة شديدة وإتقان للتفاصيل، كما ساعدته ملامحه فى إتقان الدور الذى يجسده بشكل كبير، ورغم خلفيته الشريرة، فإن الفنان حاول بشتى الطرق أن يزيد من تعاطف المشاهدين مع الشخصية التى يجسدها بشكل كبير، خاصة بعدما وقع فريسة لمؤامرة حاكها جميع أفراد عائلته انتقامًا منه.
حرص «هانى سلامة» فى «قمر هادى» على الاهتمام بتقديم دراما اجتماعية خالية من الابتذال، فضلًا عن تقديم مستوى تقنى مبتكر وكادرات تعبر عن رؤية بصرية مختلفة أسهمت فى تقديم طريقة سرد ممتعة للعمل، خالية من المط والتطويل وتشتيت المشاهد من خلال «الفلاش باك». كما أن جميع المشاهد والخطوط الدرامية كانت مرتبة بشكل كبير ما أضاف للعمل، فضلًا عن أن اختيارات الممثلين كانت موفقة بشكل ممتاز، لذا أجاد كل منهم فى عمله وتحول المسلسل إلى مباراة يبذل فيها كل فرد مجهوده من أجل الفوز. وأظهرت الحلقات كذلك حرص المخرج رءوف عبدالعزيز على ظهور جميع النجوم المشاركين فى العمل بشكل جديد ومختلف تمامًا عما قدموه من قبل فى أعمالهم السابقة، وهو ما برز لدى يسرا اللوزى وداليا مصطفى ومحسن محيى الدين وحمزة العيلى وغيرهم. ويمكن القول إن «قمر هادى» حمل بصمة مميزة من مخرجه تمثلت فى الصورة الرائعة للعمل، التى تعد أفضل صورة خلال ماراثون رمضان الحالى، إلى جانب تنفيذ المشاهد ببراعة شديدة، فضلًا عن النقلات الإخراجية التى جعلت المشاهد فى حالة من الترقب الشديد للأحداث، محققًا المعادلة الصعبة فى الجمع بين القيمة والتسلية.
وإلى جانب ذلك، احتوى العمل أيضًا على العديد من الروحانيات والقيم والمبادئ التى تتناسب مع أجواء وطقوس شهر رمضان، فإلى جانب التشويق والإثارة والغموض، ظهر العمل منذ الحلقة الأولى بأجواء روحانية ظهرت فى التواشيح والابتهالات والقرآن الكريم، حتى إننا لا نكاد نجد حلقة واحدة قد خلت من هذه الأجواء، التى تؤدى إلى تهذيب النفس وتغذى الروح وسط متعة المشاهدة. وكل ذلك جعل الجمهور على درجة عالية من الاستمتاع والشغف، لمعرفة تفاصيل الحلقات، لذا نجح المسلسل بفضل جهود مخرجه فى تحقيق المعادلة الصعبة التى تمثلت فى تقديم عمل فنى هادف ومحترم يعيش فى ذاكرة الجمهور لأطول فترة ممكنة. ويبدو أن «الكيميا» الفنية التى جمعت بين «سلامة» و«عبدالعزيز» كانت حجر الأساس فى ظهور المسلسل بطابع مختلف عن أغلب ما تم عرضه فى الموسم، خاصة مع شجاعة بطله وجرأته فى الظهور بشخصية مركبة جعلت الجمهور يضع علامات استفهام كثيرة حوله.