رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السنوار صفحة من الماضى.. ماذا بعد؟

ذهب يحيى السنوار إلى حيث ما كان متوقعًا، والسنوار ليس بالشخصية السهلة التى من الممكن أن يكون غيابها أمرًا عاديًا، الرجل هو رئيس المكتب السياسى لمنظمة حماس، وهو القائد الميدانى لمعركة غزة، فضلًا عن ما قيل حول دوره الأساسى فى الترتيب للسابع من أكتوبر. 
التاريخ الطويل للسنوار فى سجون الاحتلال الإسرائيلى وفى دروب غزة وفى دهاليز حماس جعل منه واحدًا من أكبر الصقور فى المنظمة، كما جعل كلمته هى العليا حتى فى وجود قيادات الخارج، والآن تدخل غزة ومعها منظمة حماس فى مرحلة جديدة بعد غياب السنوار عن المشهد.
وأنا لا أتعامل مع بيان نعى المنظمة للسنوار بالجدية الكافية، ولا أصدق ما تقوله قيادات الخارج حول السير على طريق السنوار الحربى، المرحلة الجديدة من وجهة نظرى سوف تشهد تسارعًا لإنهاء الحرب فى غزة وغلق صفحة الرهائن وبحث سيناريوهات المستقبل سواء شكل الحكم فى غزة بعد الحرب أو إعادة الإعمار.
حتى فى الداخل الإسرائيلى بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بإنهاء الحرب فى غزة، طالما نجح نتنياهو فى القضاء على رأس الحركة معتبرين ذلك انتصارًا لهم، كما يعتبر الجانب الإسرائيلى أن هدف القضاء على منظمة حماس وترسانتها العسكرية قد تحقق بنسبة عالية ولم يتبق من أهداف الحرب سوى عودة ما تبقى من الرهائن، ولذلك سوف يتلقف الجانبان الحمساوى والإسرائيلى أى مبادرة سياسية تساعدهما فى إنهاء الحرب وبدء التخطيط لليوم التالى لها.
ولو لاحظنا بدقة سوف نرى أن نتنياهو قد سبق المبادرات المتوقعة بعرضه على خاطفى الرهائن الاستسلام، وقد يفكر الجانب الإسرائيلى فى فكرة النفى بدلًا عن القتل لمن يتعاون منهم، وعلى ذات الخط استمعنا إلى الرئيس الأمريكى جو بايدن وهو يتحدث عن إمكانية تحقيق انفراجة.
إنهاء الحرب ممكن ومتاح وفى ظنى أن نتنياهو سوف يستخدم مقتل السنوار لتجديد مطالبته بأنه لا فرصة لحماس فى اليوم التالى للحرب لحكم غزة مرة ثانية، ولأن كل الشواهد فى كل المفاوضات السابقة التى تمت برعاية مصرية قطرية تقول إن العنيد نتنياهو هو الذى كان يعمل على تخريب أى اتفاق وأنه صاحب قرار استمرار الحرب، هذه الشواهد لم تعد سرًا أمام المجتمع الدولى، لذلك سوف تتزايد الضغوط عليه من الخارج كما هى فى الداخل ضاغطة أيضًا من أجل غلق صفحة حرب غزة، والإعلان عن خطة اليوم التالى للحرب مع عدم إغفال ملف الرهائن والانتهاء منه بحله بأى طريقة ووفق أى صفقة يتم عرضها.
إعادة الرهائن هى الذريعة الأخيرة لإسرائيل لاستمرار حربها، والانتخاب الأمريكية على الأبواب وترامب المغامر دخل على خط الاستثمار السياسى لمقتل السنوار، وأعلن أنه يرتب لمكالمة مع نتنياهو، هنا مع ترامب يظهر ملف إيران وتوعد إسرائيل لها بضربة ردًا على هجوم إيران الصاروخى على إسرائيل عقب اغتيال حسن نصرالله.
الاستثمار السياسى لاغتيال السنوار لا يقتصر على طرف دون آخر، نتنياهو يواصل بكل ما أوتى من قوة كى يظل فى المشهد السياسى فى إسرائيل وكسب بالفعل بعد اغتيال السنوار، ولكنه يسعى نحو الجائزة الكبرى بضرب إيران حتى ولو ضربة محدودة، لذلك يحاول السيطرة من خلال حلفائه على الجبهات الثلاث غزة ولبنان واليمن.
يبقى أن نسأل عن الجانب العربى، ولا أقول الفلسطينى، وعن استعداده لرفض أو قبول أى سيناريو قد نراه الأيام المقبلة، حتى الآن لم نشهد سوى الاجتماع الذى انعقد بالقاهرة لقيادات من حماس وفتح لبحث خطة اليوم التالى للحرب وبعدها ساد الصمت، كلنا أمل أن يكون لدينا ما نقدمه فى إطار حماية الأمن القومى العربى، دون إفراط ودون تفريط.