رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القائم بالأعمال المصرى بسوريا: نؤيد الحل ‏السياسى.. ولم نغلق أبوابنا فى وجه أحد

 السفير محمد ثروت
السفير محمد ثروت سليم

قال السفير محمد ثروت سليم، القائم بالأعمال المصرى فى سوريا، إن مصر تبنت الحل السياسى منذ بداية الأزمة السورية، كما أنها طرف رئيسى فى أى حل سياسى، ‏ولا تزال تقدم كل الدعم الممكن للقضية السورية.

وأضاف «سليم»، فى حوار صحفى مع «الدستور»، فور عودته من دمشق، وقبيل ساعات من الضربة العسكرية، التى ‏وجهتها كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا إلى النظام السورى، أن مصر تهدف إلى أن ينعم الشعب السورى بالسلام، وأن القاهرة طرف مقبول من الجميع فى المفاوضات.‏

‏■ بدايةً.. كيف ترى مصر التصعيد الأخير فى سوريا؟
‏- نحن دائمًا مع تخفيض حدة العنف والتصعيد، ونأمل فى أن يخفت النشاط العسكرى، وأن ينعم الشعب السورى بالسلام والاستقرار فى أقرب فرصة، وألا يكون هناك تصعيد آخر.‏
‏■ كيف ترى فاعلية الدور المصرى فى الأزمة السورية؟
‏- مصر طرف فاعل فى جميع أطر حل الأزمة السورية سياسيًا، كما أنها طرف مقبول من جانب جميع الأطراف السورية سواء الحكومة أو المعارضة، فكلاهما يرحب بالدور المصرى، وهذا ‏نادرًا ما يحدث.‏
فالأطراف الفاعلة فى أى أزمة قد تميل إلى طرف، فيما يعتبرها الطرف الآخر عدوًا له، إلا مصر، لأنها لم تشارك فى دم أو قتل، وتؤكد دائمًا منذ بداية الأزمة، ضرورة أن يكون الحل سياسيًا ‏وليس عسكريًا، أما الأطراف الأخرى الفاعلة فى الأزمة فلهم بشكل أو بآخر جهد عسكرى فى الأزمة إلى جانب طرف بعينه، وهو ما يغضب الطرف الآخر، إلا مصر التى لم تشارك عسكريًا أبدًا ‏فى هذه الأزمة، ومنذ البداية كان الموقف واضحًا بأن الحل لا بد أن يكون سياسيًا، ولم ولن يكون لنا دور فى قتل أو سفك دماء أى مواطن سورى.‏
‏■ كم عدد المصريين المتبقين فى سوريا حاليًا؟
‏- عندما تزايدت حدة التصعيد فى بداية عام ٢٠١٣، تمكنت السفارة من نقل أكثر من ٩٠٪ من المصريين هناك، لكن هناك عددًا من العائلات تُقدر بالمئات ترتبط بزيجات مع السوريين منذ فترة ‏طويلة، لدرجة أن الجيل الثالث منهم هو الموجود حاليًا فى سوريا، وهؤلاء لا يرغبون فى مغادرة الأراضى السورية، ولا يمكن تحديد عدد معين للمصريين فى سوريا، حيث إن القليل منهم يتجه ‏للسفارة لتسجيل نفسه، والآخرون يتم العلم بهم عندما يرغبون فى القيام بأية عمليات قنصلية من خلال السفارة.‏
‏■ ولكن على مدار السنوات الماضية كانت عمليات إعادة المصريين مستمرة.. فما رأيك؟
‏- المجموعة التى تبقت كانت موجودة فى أماكن مختلفة فى الأراضى السورية، ما بين حلب ودمشق وإدلب وغيرها، وكان هؤلاء يتواصلون مع السفارة إذا شهدت سوريا أى تصعيد، وحينها ‏نرحَّلهم على الفور، سواء بشكل فردى أو جماعى، وكان متوسط عددهم تقريبًا ١٠٠ فرد بعائلاتهم، سنويًا، منذ عام ٢٠١٣.‏
‏■ ماذا عن الجانب الإنسانى فى عمل السفارة المصرية بسوريا؟
‏- السفارة المصرية هى السفارة الوحيدة التى أشرف أفرادها على توزيع المساعدات فى يونيو ٢٠١٦، لـ٥ محافظات سورية، من بينها دمشق ودرعا وسويداء، لمختلف الطوائف السورية، وبالتالى ‏فإن وجود السفارة كان عاملًا مهمًا فى توزيع المساعدات الإنسانية، التى تمت بمساعدة الأمم المتحدة والهلال الأحمر السورى.‏
‏■ ما الجانب الاقتصادى فى عمل السفارة الذى نوهت عنه؟
‏- هناك جانب اقتصادى رغم محدودية حركة التجارة التى قلت بشكل كبير مع تصاعد الأزمة فى سوريا، حيث نعمل على تسهيل أعمال التبادل التجارى لقطاع الأعمال المصرى، وفى الوقت نفسه ‏نساعد رجال الأعمال السوريين خاصة فى مجالات الغزل والنسيج والملابس، الذين غادروا بلادهم إلى مصر فى أعقاب الأزمة، حيث تحظى مصانعهم بأكبر اهتمام من الدولة وعلى أعلى مستوى ‏وبمئات الملايين من الدولارات فى مناطق متفرقة بمصر. ‏
‏■ ما كواليس هدنة الغوطة الأخيرة.. وما الأطراف التى تواصلت معها مصر حينها؟
‏- نتواصل مع جميع الأطراف، وساهمنا فى التوصل لأكثر من هدنة، وليس فى الغوطة الشرقية فقط، ودائمًا مستعدون بأى طلب من أى جهة والمشاركة فى أى جهد للتوصل إلى وقف الأعمال ‏العسكرية، والهدنة التى توصلت لها مصر تمكنت من تخفيض حدة العنف فى فترات معينة، وبعض هذه الهدن تمت ثم عادت المعارك ثم عادت الهدنة مرة أخرى.‏
‏■ وهل تسعى مصر للتوصل لهدنة جديدة على غرار ما حدث بالغوطة؟ ‏
‏- دائمًا مستعدون لتقديم الدعم لأى هدنة إذا طُلب منا ذلك.‏
‏■ ولماذا لم تشارك مصر فى محادثات أستانا؟
‏- أستانا كانت مقتصرة على الأطراف الثلاثة الضامنة، والموجودة على الأرض، فقط، للتنسيق فيما بينها، ولكن مصر شاركت فى المحافل الدولية الأخرى، وآخرها مؤتمر سوتشى الذى فى ‏روسيا.‏
‏■ كيف يتم تأمين مقر البعثة الدبلوماسية المصرية فى سوريا؟
‏- سقطت بالفعل قذائف عديدة على مقر السفارة، ونتخذ إجراءات الأمن المستدامة، وهناك عدد من أفراد الأمن أيضًا يشاركون فى عملية التأمين، ويتمتعون بأكبر قدر من اليقظة والحرص، إلا أن ‏هناك بعض القذائف التى لا يمكن منعها، ولكننا نتخذ احتياطاتنا، ففى الأوقات التى نشهد فيه قذائف متعددة نكون بأماكن تم إلحاقها بساتر بعيدًا عن الأماكن المكشوفة بالسفارة، فمهما اتخذنا من ‏إجراءات فإن هناك حالات قدرية لا يمكن منعها، فى أوقات الحرب، خاصة فى حالة القذائف العشوائية التى لم تستهدف جهة معينة.‏
‏■ ما تقييمك لجهود مصر فى استقبال اللاجئين السوريين؟
‏- مصر هى واحدة من الدول الخمس التى تستقبل اللاجئين السوريين، ولكنها الدولة الوحيدة، من بين تلك الدول، التى لا تعد من دول الجوار السورى، بخلاف تركيا والأردن ولبنان، وعدد من ‏السوريين فى مصر مختلف عليه، لأن العديد دخلوا بطريقة غير شرعية، ولم تقم مصر بترحيل أى مواطن سورى ضد رغبته، حيث يحظون بكل أشكال الرعاية الصحية والتعليمية، وهى من أكثر ‏الجهود التى تكلف الدولة المصرية.‏
وهناك ٤٣ ألف طالب سورى فى المؤسسات التعليمية المصرية، منهم أكثر من ٣٥ ألفًا فى المدارس الحكومية تعليمًا مجانيًا على نفقة الدولة، وكل مواطن سورى يحصل على رعاية صحية سنويًا ‏تُقدر على الأقل بـ١٠٠ دولار، وهو ما يكلف الخزينة المصرية الكثير.‏
‏■ بعض الدول مثل تركيا تستقبل اللاجئين بمقابل مادى من جانب الاتحاد الأوروبى.. ماذا عن مصر؟
‏- مصر لم تحصل على مقابل مادى لاستقبالها اللاجئين لسبب آخر، وهو أن المواطنين السوريين فى مصر لم يعيشوا فى مخيمات للاجئين، وفى تركيا وغيرها يتم تقديم المقابل المادى وفق عدد ‏اللاجئين فى هذه المخيمات، ولكن فى مصر، المواطنون السوريون أصبحت لهم أحياء كاملة فى مصر، وليس مخيمات، ومصر تقدم وستستمر فى تقديم المساعدة الطبية والتعليمية وجميع أنواع ‏الدعم الذى يحظى به المواطن المصرى.‏
‏■ مع أى أطراف تتعامل الحكومة المصرية بشأن الأزمة السورية؟
‏- نتواصل مع جميع الأطراف سواء الحكومة السورية من السفارة فى دمشق، أو أطراف المعارضة فى الداخل السورى، أو المعارضة فى الخارج، والتى تتواصل معهم وزارة الخارجية ‏المصرية، ومصر نسقت أكبر مؤتمر للمعارضة «مؤتمر القاهرة» وإحدى منصاته «منصة القاهرة»، التى تتميز بأن المعارضة فيها لم تحمل أى نوع من السلاح أبدًا، ونحن مؤمنون بالحل السلمى ‏وضد العنف بكل أشكاله، ومصر تدعم ذلك التوجه، وتدعم أى طرف سورى ضد العنف، إيمانًا منها بأن الحل فى سوريا لن يتم إلا سلميًا.‏
لماذا توقفت مؤتمرات المعارضة خلال الفترة الأخيرة؟
‏- عندما يكون هناك تصعيد عسكرى على الأرض يخفت الصوت السياسى، وفى النهاية لا بد من أن نصل إلى حل سياسى، كما أن مسار جنيف مثلًا توقف بعد صعود صوت المدافع ‏وخفت صوت السياسة.‏