رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحمار والفيل .. وأنا!


كثيرًا ما تنتابني الغبطة عندما أجد نفسي فى رحاب عالم الحيوان عادة وكان لي الشرف أن تلقيت دعوة من الحمار الديمقراطى والفيل الجمهورى لحضور الليلة رقم 45 فى تاريخ الانتخابات الأمريكية.

فالمكان أحد أحياء القاهرة الراقية، والزمان يوم ستة من الشهر الذي أنا فى ثناياه. دقت الساعة التاسعة حيث موعد اللقاء. أخذني المصعد الذي قادنى للدور الرابع طرقت الباب، وإذ بشابة شقراء, بعيون زرقاء, وشعر ذهبى, تعلو شفتيها ابتسامة طولها يتساوى مع عرضها, ومن ثم قادتني إلى صندوق الاقتراع لأختار بين الحمار والفيل.

لم أصدق نفسى من وأين أنا؟! فعن يمنينى الحمار, وعن يسارى الفيل، من أنتخب؟! أنا مصري, ولست أمريكي وما أنا وصوتى, طالعت استمارة الاقتراع عن كثب, وإذ بأعلاها بالإنجليزية لغير الوطنيين كذبت عقلى, وفهمى وتوهمت أني من بلاد ماوراء البحار، خاصة فالحمار تربطنى به صداقة عشرات السنين؛ أيام طفولتي فى القرية, وكم أصغيت إليه وكم شاركنى ليالى الطرب عندما كنت أقف على ظهره, وهو يسير وأنا أغرد موال أدهم الشرقاوي, وعيون بهية ، والكثير من الذكريات الجميلة كأن أرسله للبيت ليحضر لي الغداء!.

أما الفيل، فلم يكن عهدى به مألوفا. فربما لونه من عالم الوحوش الغير أليفة, فلم أراه سوى على جنبات صفحات كتاب القراءة سوسن ونصر فى السنوات الأول من حياتى التعليمية الابتدائية!

من هنا كانت اللحظة الفارقة التى أرد فيها الجميل للحمار صديقي أن أصوت له!, وكانت نفس اللحظة التى سقط فيها الفيل على الأرض, إثر مرور أحد المدعوين بجانبه هامسًا فى أذُنه!.

فلعنصريتى نحو الحمار، وجدت نفسى أردد الفائز بارك أوباما، والخاسر ميت رومنى صاح السواد الأعظم من الحضور مهلالا وفرحا, وعندها أدركت أني أحُسن إختيار أصدقائى.

مرت الساعات, وبدأت عمليات الفرز. بدأ نجم الحمار يبزغ, والفيل يتوارى بين آذانه العريضيتين على مدار ساعتين تقريبًا, وفجأة انتفض الفيل بخرطومه العملاق ثائرًا؛ ارتعد كثرًا من الحضور من ثورة الفيل لتفوقه على الحمار حتى الساعات الأخيرة من الليل الدامس.

وعلى غرة؛ نعق الحمار قائلًا أنا الذي لا أمل, ولا أيأس بدأ الحمار يعلو ظهر الفيل لمدة نصف ساعة مردد أرقام مندوبيه فى مراكز الاقتراع حتى وصل الرقم 270 الذي يمثل نقطة الفوز؛ فما كان من الفيل إلا أن يُقر بهزيمته معتذرًا للحمار!.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.