رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمهات قتلن " فلذات الأكباد".. جناة أم ضحايا ؟

جريدة الدستور

تطالعنا الأنباء يوما بعد يوم بأم تقتل أطفالها، دون أن يجفل لها جفن، فتثير في نفوسنا مشاعر من الاشمئزاز والكره، والرغبة في القيام بعقابها اشد العقاب لتكون عبرة لمن تسول لها نفسها الإقدام على هذا الفعل والتجرد من أمومتها لقتل فلذات أكبادها، دون رغبة أو محاولة لسماع دفاعها عن نفسها، ومعرفة ما يجول بصدرها .
أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأم تلجأ إلى قتل رضيعها كخوفها من الفضيحة نتيجة كونه ثمرة لعلاقة غير شرعية، إضافة إلى احتمالية كونها شخصية سيكوباتية تتميز بالسلبية وعدم الاكتراث لعواقب تصرفاتها، فكل ما يهمها هو الحفاظ على جمالها وإشباع رغباتها ولو كان طفلها هو الثمن.
وأشار فرويز إلى أن معاناتها من الاكتئاب وخاصة الاكتئاب السودوي يلعب دورا فعالا في إقدامها على هذا السلوك، فهى ترفض الحياة وتشعر بأنها لا تستحق العيش، مفضلة الانتحار على البقاء في مثل هذا العالم الملئ بالشرور، كما يدفعها شعورها بالشفقة على طفلها إلى قتله حماية له.
وأكد فرويز على أن الوسواس القهري يعد من أهم العوامل التي تدفع الأم إلى ارتكاب هذا الجرم، حيت تسيطر عليها ومضات فكرية تطالبها بقتل طفلها، كما أن المرض العقلى الفصام وما يسببه من هلاوس سمعية قد يحملها على قتل أطفالها، لذا فعلى جهات التحقيق عرض الأم أولا على لجنة نفسية، وإيداعها في إحدى المصحات النفسية حال معاناتها من مرض نفسي.
أوضحت الدكتورة ابتسام مرسي، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية الإنسانية جامعة الأزهر، أن قيام الأم بقتل طفلها حالات نادرة، أتت نتيجة لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها عقدة الذنب الذي تعجز عن تحمله، الأمر الذي جعلها تتجرد من إنسانيتها وتنافي طبيعتها البشرية.
وأشارت مرسي، إلى أن المجتمع يعد شريكا أساسيا في هذه الجريمة نتيجة نظرته إلى المرض النفسي على أنه وصمة تلحق العار بصاحبها، لذا يتم إهمال الاضطرابات النفسية التي تعانى منها المرأة ، وهو ما يؤدي إلى تفاقم المرض إلى حد يكون علاجه مستحيلا فتقدم على الانتحار وقتل أقرب الناس إليها.
وقالت مرسي، إن هذا الأمر يحدث نتيجة نقاط سوداء تكونت بداخلها لاختبارها لعدد من الانتهاكات والحوادث السيئة خلال طفولتها، كما أن كرهها لزوجها من الممكن أن يدفعها إلى التخلص من طفلها للتقليل من معاناتها، مشيرة إلى أن العجز عن الإفصاح بمشاكلها إلى أقربائها يجعل هذا الأمر هو المنفذ الوحيد لها.
وأشارت مرسي إلى ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل، ولن يحدث ذلك إلا بتغيير نظرة المجتمع إلى المرض النفسي، فهو مرض كباقي الأمراض يحتاج إلى علاج، كما أنه لا بد من ملاحظة الأعراض الذي تظهر على المرأة أثناء الحمل والولادة، لاحتمالية معاناتها من اكتئاب ما بعد الولادة، الذي يدفعها إلى تصرفات لا يتقبلها العقل.