رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل أضحى سلاح "حزبُ الله" أكبر من طاولة قصر بعبدا؟!


على أمل أن تتجاوز أجواء الاحتقان في لبنان، تلتئم اليوم جلسة الحوار اللبناني في قصر "بعبدا"، لكن كل المعطيات تدل على أن ذلك وهمٌ ليس إلا، والتنافر حول سلاح حزب الله سيكبر، لأن قضية السلاح نفسه ستعصى على الحل.

ويرى بعض المراقبون فى لبنان أن الكثير من اللبنانيين يعتقدون أن عقد جلسة الحوار القادمة في لبنان اليوم، أي بعد أيام قليلة على زيارة تاريخية للبابا بينيديكتوس السادس عشر، إنما هو تدبير "رباني لينعم هذا الحوار بنعمة الرعاية الإلهية التي أسبغها بابا روما على لبنان وأهله".

ويستبشر لبنانيون في أن يكون "الإرشاد الرسولي الجامع للأديان والأطياف والمتناقضات الطبق الرئيس على المائدة متى التقى المتحاورون اللبنانيون المتناكفون، فتداعوا لوضع الحلول على الطاولة بدلا من المشكلات".

غير أنى أرى أن من بوادر "إنقشاع الغيمة الباباوية المظللة هي عودة الأطراف كلهم على تراشق إعلامي افتقدوه ثلاثة أيام (هي هدنة الزيارة الباباوية) في مختلف الملفات اللبنانية الساخنة أبدا..

ويبدو من المعطيات لا يبشر بدخان أبيض من قصر بعبدا خصوصا في ظل ظاهرتين طبيعيتين في 8 آذار ، مستهجنتين في 14 آذار:

1-  تأكيد القائد الأعلى للحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري وجود عناصر من الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان بصفة مستشارين.

وبالرغم من التفسيرات التي قدمها السفير الإيراني لدى لبنان غضنفر ركن أبادي للرئيس اللبناني ميشال سليمان حول تصريحات الجعفري ، وتأكيده على أن ما قاله قائد فيلق القدس في الحرس الثوري أتى جوابا لسؤال حول سوريا، وأن لا عناصر أو قوات للحرس الثوري في لبنان، بقي الأمر رهن الاستفهام.

فأبادي كان واضحا في تأكيده ما قاله الجعفري وفاضحا في الوقت نفسه. فالجعفري ذكر المستشارين ولم يذكر المسلحين، بينما نفى أبادي وجود المسلحين ولم يذكر المستشارين، نافيا ما لم يقله الجعفري أصلا.

وفي ذلك ما سيثير ضوضاء على هامش الحوار خصوصا أن البند الأول ويكاد يكون الأوحد هو السلاح غير الشرعي وارتباطه بالشرعية اللبنانية. والسلاح غير الشرعي إنما هو سلاح حزب الله، الذي أعلن أمين عامه يوما فخره بأن يكون جنديا في جيش ولاية الفقيه، تاليا في حرس ولاية الفقيه الثوري.

هذا الربط، فى رأيى، سيفاقم الهوة بين حزب الله من جهة، وبين كتلتي المستقبل والقوات اللبنانية من جهة أخرى. كما سيحرج من يقف في الوسط ممسكا العصا من وسطها أو محاولا ذلك، كرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس جبهة النضال النائب وليد جنبلاط.

ويحتمل هذا الخروج أكثر من رسالة، لكن أهمها التأكيد على استمرار المعركة بين حزب الله وأمريكا، وتحول حزب الله إلى عنصر أساس في الصراع الإيراني الأمريكي، وبالتالي خروج سلاحه من منطق تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى منطق الدفاع عن الأمة الإسلامية المستهدفة أولا بخنق إيران وإجهاض نوويتها في مهدها..

2-  باستهداف الرسول والإساءة إليه، هذا ما لم ينكره حزب الله يوما، وما لم يهرب من الاعتراف به. لكن الموقف اليوم مختلف، حتى لو طرح النائب محمد رعد ورقة الاستراتيجية التحريرية في وجه البحث في الاستراتيجية الدفاعية.

فقد اتخذت المعركة أمس أبعادا مختلفة، خصوصا أن الرئيس السوري بشار الأسد، كما نقلت التقارير الصحفية عن ضابط كبير انشق عن النظام السوري، يفكر جديا في نقل أسلحة كيميائية إلى حزب الله ليستخدمها في حربه مع إسرائيل. فإن صدق هذا أو كذب ، سيتحول سلاح حزب الله الموجود منه وما قد يأتي إلى أكثر من عقدة لبنانية في منشار الحوار..