صعود مدفوع بتوقعات قوية.. الفضة تنافس الذهب في سباق "الاستثمار الآمن"
شهدت أسعار الفضة في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية، ما جعلها محط اهتمام كبير من قبل المستثمرين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل ما إذا ستصبح الفضة "الاستثمار" المنافس للذهب "المعدن النفيس" في الفترات القادمة من عدمه.
وفقًا للتقرير الأخير الصادر عن “مركز الملاذ الآمن”، فقد سجلت الفضة مكاسب ملحوظة في الأسواق المحلية بنسبة 2.4% خلال الأسبوع الماضي، في حين شهدت أسعار الفضة في البورصة العالمية تراجعًا بنسبة 3.7%.
ومع الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، بدأ العديد من المصريين في التوجه نحو الفضة كبديل استثماري آمن لحماية مدخراتهم من آثار التضخم والانخفاض الحاد في القوة الشرائية للعملة المحلية، فمنذ بداية عام 2024، ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، مما جعل شراء الذهب أمرًا صعبًا بالنسبة للعديد من المواطنين ذوي المدخرات المحدودة، ولذلك، كانت الفضة الخيار المثالي لمواجهة هذه التحديات المالية.
الفضة مقابل الذهب: مقارنة بين العوائد الاستثمارية
وتشير المقارنات بين الذهب والفضة إلى أن العوائد على الفضة قد تكون متقاربة جدًا مع تلك الخاصة بالذهب في بعض الحالات، لكن الفضة توفر ميزة هامة تتمثل في قدرتها على تحقيق مكاسب أكبر من خلال تحركات سعرها النسبية.
على سبيل المثال، إذا قام مستثمر بشراء جرام من الذهب الذي يقدر بنحو 3400 جنيه، واستخدم نفس المبلغ للاستثمار في الفضة، فسيحقق ربحًا مشابهًا في كلا الخيارين في حال ارتفاع الأسعار، ومع ذلك، تتمتع الفضة بميزة أخرى، حيث أن التغيرات الصغيرة في سعر الفضة تمثل نسبة أكبر من قيمتها مقارنة بالذهب، على سبيل المثال، ارتفاع سعر جرام الفضة بمقدار 3 جنيهات يمثل زيادة بنسبة 6.5% من قيمتها، بينما نفس الارتفاع في سعر الذهب يمثل فقط 0.088% من قيمته.
رئيس شعبة الذهب والمجوهرات: مكاسبها أكبر ومخاطرها أكبر
يعلق على هذا الأمر هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية في حديثه "للدستور" موضحًا أن معدن الفضة يُعتبر من المعادن النفيسة وله قيمة اقتصادية كبيرة، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد الذهب في ترتيب المعادن من حيث الأهمية الاقتصادية والاستثمارية.
ويضيف ميلاد أن الفضة تتمتع بخصائص تجعلها جذابة للمستثمرين، إلا أن هناك بعض الفروق الجوهرية بينها وبين الذهب يجب أن يكون المستثمرون على دراية بها.
أوضح ميلاد أنه على الرغم من أن للفضة قيمة عالية إلا أنها تُعتبر أرخص بكثير من الذهب، مما يجعل أسعارها أكثر تقلبًا، فعلى سبيل المثال، أي زيادة أو نقصان في سعرها يكون له تأثير ملحوظ على قيمتها السوقية بشكل كبير، إذ في الوقت الذي تعني فيه الزيادة في سعرها تحقيق ربحًا كبيرًا، إلا أنه في الوقت نفسه يمثل الانخفاض في سعرها مخاطرة كبيرة حيث يمثل خسارة كبيرة أيضًا، وهو ما لايتحقق في الذهب الذي يعد دائمًا "ملاذًا آمن" وذلك لكون الذهب معدن ذو قيمة عالية، فإن أي تغير طفيف في أسعاره لا يؤثر بشكل كبير على قيمته الإجمالية، وهو ما يقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمار فيه مقارنة بالفضة.
وأشار ميلاد إلى أن الفضة تُعتبر استثمارًا جيدًا في حال تم شراءها على شكل سبائك، حيث تظل قيمة السبيكة مستقرة نسبيًا بناءً على السعر العالمي للفضة.
أما إذا كان الاستثمار في مشغولات فضية (مثل الحلي والأدوات الفضية)، فهناك تحديات قد تؤثر على الربحية، إذ أن تكاليف المصنعية للمشغولات الفضية قد تكون في بعض الأحيان مقاربة لسعر المعدن نفسه، وهو ما يجعل القيمة النهائية للمشغولات الفضية أقل بكثير عند إعادة بيعها، من جانب آخر، أكد ميلاد أن الذهب يظل محتفظًا بقيمته حتى عند استبعاد قيمة المصنعية منه، حيث أن سعر الذهب لا يتأثر بشكل كبير بهذه العوامل.
وفيما يتعلق بزيادة الاهتمام بالفضة في الآونة الأخيرة، أكد ميلاد أن هذا يعود إلى عاملين رئيسيين: الأول هو انخفاض أسعار الفضة مقارنة بالذهب، ما يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص استثمارية منخفضة التكلفة نسبيًا، والثاني هو الجاذبية البصرية للفضة، حيث تتمتع بلمعة ورونق خاص يجعلها محط اهتمام العديد من الأفراد سواء للمقتنيات الشخصية أو الاستثمارات.
وفي ختام تصريحه، دعا ميلاد المستثمرين إلى ضرورة دراسة السوق بعناية وفهم الفروق بين المعادن المختلفة قبل اتخاذ قرارات استثمارية، مؤكدًا أن الاستثمار في المعادن النفيسة مثل الفضة والذهب يحتاج إلى متابعة دقيقة للاتجاهات الاقتصادية والتقلبات السوقية التي قد تؤثر على قيمتها بمرور الوقت.
ارتفاع الطلب على الفضة: الأسباب والعوامل الدافعة
جديرًا بالذكر أنه كان قد أكد التقرير الأخير الصادر عن “مركز الملاذ الآمن” أن أحد أبرز العوامل التي تساهم في ارتفاع الطلب على الفضة كذلك هي الزيادة الكبيرة في استخدامها في الصناعات التكنولوجية والبيئية، ففي عام 2024، شهدت الفضة زيادة في الأسعار تجاوزت 47% منذ بداية العام، متفوقة بذلك على الذهب من حيث العوائد.
جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بالزيادة المستمرة في الطلب من قطاعي الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، إضافة إلى الاستخدامات العسكرية المتزايدة.
وأشار التقرير إلى أن الطلب على الفضة قد يتجاوز العرض في السنوات المقبلة، حيث من المتوقع أن يسجل السوق عجزًا قدره 215 مليون أوقية بحلول عام 2025.
وتأتي هذه التوقعات في وقت حساس بالنسبة للاقتصادات الكبرى، خاصة في ظل إعلان روسيا عن تعزيز احتياطاتها من الفضة والبلاتين، ما يساهم في زيادة الضغط على العرض وبالتالي رفع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة.
الألواح الشمسية سببًا لرواج الفضة
بالإضافة إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أن الطلب على الفضة في الأسواق العالمية سيواصل النمو بسبب استخدامها المتزايد في صناعة الألواح الشمسية (الألواح الكهروضوئية)، مما يجعلها مادة أساسية في التحول نحو الطاقة النظيفة.
وتوقع التقرير أن تصل الواردات المصرية من الفضة إلى نحو 13.7 مليون دولار بحلول عام 2026، بزيادة تقدر بحوالي 5.1% مقارنة بعام 2021.
الفضة في مصر: أنواعها وأسعارها
والفضة في السوق المصري تأتي بعدة أنواع تتناسب مع الاستخدامات المختلفة، ما بين الاستثمار الشخصي والصناعي، الفضة 925، والمعروفة بالفضة الإسترليني، تحتوي على 92.5% من الفضة، ما يجعلها مثالية لصناعة المجوهرات والأدوات الفضية بفضل قوتها وصلابتها.
كما توجد الفضة التقليدية المصرية بعيار 800، والتي تستخدم في صناعة الحلي والأدوات المنزلية، بالإضافة إلى الفضة عيار 999 التي تتمتع بأعلى درجة نقاء وتستخدم غالبًا في السبائك.
وتعتبر سبائك الفضة وعملاتها من الخيارات المفضلة للمستثمرين الراغبين في تحقيق عوائد من خلال الفضة، وتبدأ أوزان سبائك الفضة الأكثر شيوعًا من 10 جرامات وحتى 15 كيلو جرام، بينما يصل وزن الجنيه الفضة إلى حوالي 8 جرامات.
أما عن أسعار الفضة في مصر تتأثر بعدة عوامل رئيسية مثل سعر الأونصة العالمي، وسعر الدولار في السوق الموازية، والعرض والطلب المحلي على المعدن.