سيف الدين قطز.. يوم تكلمت مصر عن العرب
793 عامًا مرت على ميلاد الملك المظفر سيف الدين قطز محمود بن ممدود بن خوارزم شاه، إذ ولد في 2 نوفمبر عام 1231، نشأ كأي مملوك تم شراؤه، مثل بقية المماليك الأرقاء القادمين من بلاد ما وراء النهر من بلاد المغول والترك؛ فالترك من قبائل المغول التي سكنت شرق آسيا، ومنهم التتار الذين خرج منهم جنكيز خان وهولاكو، ويُوصف قطز بأنه أحد أمراء الدولة الخوارزمية الإسلامية التي كانت مجاورة لإمبراطورية المغول، التي أسسها خان المغول جنكيز خان.
سيف الدين قطز وحكم مصر
نشأ "قطز" نشأة الأمراء وتدرب على فنون القتال على يد خاله، وبعد سقوط الدولة الخوارزمية بِيع مملوكًا في الشام، ثم انتقل لمصر وبِيع مملوكًا للملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الدولة الأيوبية، فتعلم فنون القتال والخطط الحربية في مدارس المماليك، وشارك جيش الملك الصالح في صد الحملة الصليبية السابعة، وتحقيق الانتصار في معركة المنصورة عام 648 هـ الموافق 1250، وتدرّج في ترتيب السلطة حتى كان يوم السبت 24 ذو القعدة 657 هـ الموافق 11 نوفمبر 1259 عندما نُصّب ثالث سلاطين مماليك مصر.
وتولى السلطان المملوكى سيف الدين قطز، حكم مصر، بعدما خلع نور الدين على بن أيبك، ويُعدّ بطل معركة عين جالوت وقاهر التتار المغول، ومحرر القدس من التتار؛ كما يعد أحد أبرز ملوك مصر، على الرغم من أن فترة حكمه لم تدم سوى أقل من عام واحد، إذ نجح في إعادة تعبئة وتجميع الجيش الإسلامي، واستطاع إيقاف زحف التتار، الذي كاد أن يقضي على الدولة الإسلامية، فهزمهم "قُطز" بجيشه هزيمة كبيرة في عين جالوت، ولاحق فلولهم حتى حرر الشام بأكملها من سلطتهم.
قطز ومعركة عين جالوت
كان الخطر المغولى يهدد البلاد العربية والإسلامية، واستطاع السيطرة على الكثير منها، بعدما سقطت الدولة الخوارزمية، ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أيامًا فاستبيحت المدينة وقتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين وخضعت لهولاكو، وكان الهدف القادم لهم هى مصر، فاستعدت مصر بقيادة القائد المملوكى قطز من أجل الدفاع عن البلاد.
واستعد "قطز" لمعركة عين جالوت، إذ كانت الصراعات السياسية الداخلية تحوم فى البلاد، وانتهت باعتلاء قطز عرش مصر، وعلى الفور قام بترتيب البيت الداخلى لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم، ثم أصدر عفوًا عامًا عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاى بمن فيهم بيبرس، ثم طلب من العز بن عبد السلام إصدار فتوى تُشرع له جمع الضرائب على سكان مصر بعد أن واجهته أزمة اقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش، وكان له ما أراد وأصدر العز بن عبد السلام فتوى تجيز جمع الضرائب بشروطٍ خاصة ومحددة، ما إن انتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت.
وقعت معركة عين جالوت بعدما انتظرت جيوش المسلمين على الجيش المغولى فى سهل عين جالوت، وبعد صلاة فجر يوم الجمعة 25 رمضان 658 هـ / 3 سبتمبر 1260، رتب الجيش صفوفه واستعد، وما إن أشرقت الشمس حتى أتى جيش التتار لسهل عين جالوت من الشمال، ولم يكن فى السهل أحد من المسلمين، فقد كانوا يختبئون خلف التلال، وكانت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس لا تخفى نفسها، وكان الهدف من هذه الخطة حتى يعتقد جواسيس التتار أن هذه المقدمة هى كل الجيش، وبدأت مقدمة الجيش فى النزول من أحد التلال لسهل عين جالوت، وكان هذا النزول نزولًا على عدة مراحل، كانت أول كتيبة نزلت لمواجهة التتار تلبس ملابس ذات لون أحمر وأبيض بقيادة القائد سنقر الرومى، وهكذا استطاع قطز أن يقود المعركة عن بعد، ووقف ركن الدين بيبرس بقواته على المدخل الشمالى لسهل عين جالوت.
واستطاع المماليك وقف تمدد المغول العسكرى فى الشام وفلسطين والأناضول، ولم يتمكن المغول من غزو بلاد الشام لفترة من الزمن، وكان من أهم نتائج معركة عين جالوت أن هولاكو الذى استقر فى تبريز لم يفكر فى إعادة احتلال الشام مرةً أخرى، وكان أقصى ما فعله ردًا على عين جالوت هو إرسال حملة انتقامية أغارت على حلب.