رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلد العميان

هى من أروع قصص الأدب العالمى  للروائى الإنجليزى «هـيربرت. ج. ويلز»، والتى طبعت لأول مرة عام 1936، وما زالت تطبع حتى الآن.
«بلد العميان».. هى قصة خيالية، يحدثنا فيها المؤلف عن مرض غريب، انتشر فى قرية نائية معزولة عن العالم تقع فى جبال الأنديز.. فأصاب المرض سكان القرية بالعمى. ومنذ تلك اللحظة، انقطعت صلتهم بالعالم، ولم يغادروا قريتهم قط، وتكيفوا مع العمى، وأنجبوا أبناء عُميانًا.. جيلًا بعد جيل.. حتى أصبح كل سكان القرية من العميان، ولم يكن بينهم مبصر واحد..
وذات يوم، وبينما كان متسلق الجبال «نيونز» يمارس هوايته، انزلقت قدمه.. فسقط من أعلى القمة إلى القرية. لم يصب نيونز بأذى.. إذ سقط على عروش أشجار القرية الثلجية. 
أول ملاحظة له كانت أن بيوت القرية بدون نوافذ، وأن جدرانها مطلية بألوان صارخة، وبطريقة فوضوية.. فحدث نفسه قائلًا: لا بد أن الذى بنى هذه البيوت شخص أعمى. وعندما توغل إلى وسط القرية، بدأ فى مناداة الناس.. فلاحظ أنهم يمرون بالقرب منه، ولا أحد يلتفت إليه، هنا تأكد «نيونز» أنه فى «بلد العميان». تواصل مع مجموعة من أهل القرية، وبدأ يعرفهم بنفسه: من هو؟ وما هى الظروف التى أتت به إلى قريتهم؟ وكيف أن الناس فى بلده يبصرون؟ وما إن نطق بهذه الكلمة حتى انهالت عليه الأسئلة: ما معنى يبصرون؟ وكيف؟ وبأى طريقة يبصر الناس؟
سخر منه غالبية سكان القرية، وبدأوا يقهقهون. بل وصلوا إلى أبعد من ذلك، حين اتهموه بالجنون وقرر بعضهم نزع عيون «نيونز» لأنهم اعتبروها مصدر هذيانه وجنونه.
لم ينجح «نيونز» بطل القصة فى شرح معنى البصر، فكيف يفهم من لا يبصر.. معنى البصر؟
هرب «نيونز» قبل أن يقتلعوا عينيه، وهو يتساءل: كيف يصبح العمى صحيحًا.. بينما البصر مرضًا؟!
«بلد العميان» هو كل مجتمع يسوده الجهل والفوضى والفساد والتخلف والفقر والعنف والتعصب، بسبب أفكار فاسدة.. غير صالحة ومهيمنة عليه، تلك الأفكار التى تواجه أى دعوة تنويرية بالرفض والريبة والشك..
«بلد العميان» هى كل مجتمع تسوده الطائفية، ورفض الآخر المختلف وكرهه، وتبرير الأذى لكل من اختلف بالتمييز والتنمر والتحرش ضده..

نقطة ومن أول الصبر..
«بلد العميان» هو ذلك المجتمع الذى يوجد فيه أفراد.. همهم الشاغل هو ماذا يأخذون منه؟ وليس ماذا يقدمون له؟!