رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى فوزه بها رغم رفضه.. ماذا قال جان بول سارتر عن جائزة نوبل؟

سارتر
سارتر

في مثل هذا اليوم من عام 1964 رفض الفيلسوف والكاتب العالمي جان بول سارتر جائزة نوبل في الأدب، ولم يكن الأديب الأول الذي يرفضها، فقد سبقه الكاتب جورج برنارد شو فهو أول من رفض استلام الجائزة، إذ فاز بها عام 1925، ويرجع سبب رفضه إلى عدم إيمانه بأهمية جائزة نوبل، وكذلك الروسي بوريس باسترناك، بعد أن منعته سلطات موسكو من القدوم إلى ستوكهولم لتسلم الجائزة.

سارتر وجائزة نوبل 

جاء رفض سارتر لجائزة نوبل مختلفًا تمامًا عن سابقيه، فقد أعلن عن رفضه قبل أن تمنح له ما أوقع أعضاء الأكاديمية السويدية في حيرة من أمرهم، وكشف عن أسباب موضوعية لرفضه لها، وهو ما أوضحه تقرير نشر بمجلة "أقلام" بعددها رقم 5 الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 1964، جاء على لسان سارتر قائلًا: "إن الكاتب الذي يتخذ مواقف سياسية واجتماعية أو أدبية يجب أن يعمل فقط بوسائله الخاصة أي بالكتابة، فجميع ما يتلقاه من تمييزات خارجية سيعرض حتمًا قراءه لضغط لا أرى أنه مرغوب فيه".

وأضاف، أن المعركة التي يمكن أن تقوم الآن على الصعيد الثقافي هي معركة التعايش السلمي بين ثقافتين متقابلتين؛ شرقية وأخرى غربية، وإني لأعلم أن تصادم هاتين الثقافتين لا بد أن يكتسي بصبغة الصراع، لكنه صراع يجب أن يمتد إلى الأشخاص والثقافات دون أي تدخل أو تأثير أيديولوجي.

وبيّن الأسباب التي من أجلها يرى أن التناقض لا يزال قائمًا بين هاتين الثقافتين قال: "إن ميولي تتجه نحو الاشتراكية أو ما يسمى بالمعسكر الشرقي، ولكنني ولدت ونشأت في أسرة برجوازية، ولهذا فإنني لن أقبل أي جائزة تمنحها لي مؤسسة ثقافية عليا سواء كانت في الشرق أو الغرب، وسأرفض مثلًا جائزة لينين للسلام فيما لو منحت لي".

وعما تعنيه جائزة نوبل؛ استطرد: "أن جائزة نوبل تعتبر في المرحلة الراهنة امتيازًا يمنح لأدباء الغرب وللأدباء الثائرين في الشرق، وأنه لمؤسف أن تُمنح الجائزة لباسترناك قبل أن تمنح لشولوكون، وأن يكون العمل الأدبي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل في روسيا معروفًا في الخارج وممنوعًا في روسيا نفسها، موضحا فكرته: لقد كنت مستعدًا لقبول جائزة نوبل مع كامل الامتنان أثناء حرب الجزائر، حينما وقع مائة وواحد وعشرون كاتبًا عريضة تطالب باستقلال الجزائر. لو منحت الجائزة لي في ذلك الوقت لكانت شرفًا وتقديرًا للحرية التي كافحت من أجلها، ولكن شيئًا من هذا لم يقع".

وهناك سبب موضوعي آخر كشفه سارتر فقال: "إن الأمر يتعلق بمفهوم الحرية في الغرب حيث يتحدثون عن حرية عامة، أما أنا فأقصد حرية واقعية أقل تجريدًا، قوامها الحصول على أكثر من زوجين من الأحذية وعلى الطعام الوفير، ويبدو لي أن رفض الجائزة أقل خطورة من قبولها، لأن قبولها معناه أنني ارتضيت لنفسي ما سأسميه (بالاستعادة الموضوعية). ولست أقصد بهذا أن جائزة نوبل برجوازية، ولكن هذا هو التفسير البرجوازي الذي ستعطيه لها دون شك بعض الأوساط التي أعرفها جيدًا".