رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد القس: تعقيد شخصية أكرم الشريرة أسهم في نجاح برغم القانون (حوار)

محمد القس ومحرر الدستور
محمد القس ومحرر الدستور محمد مجدي

قال إن الشركة المتحدة تتسم بالاحترافية والتقدير الكبير لدور الفن

- تعقيد شخصية «أكرم» الشريرة أسهم فى نجاح «برغم القانون»

- ردود أفعال الجمهور فاجأتنى وأيقنت أن الأداء الصادق يصل سريعًا للمشاهدين

تألق الفنان محمد القس فى المشهد الدرامى المصرى، ففى السنوات الأخيرة قدم أعمالًا متنوعة أثبت من خلالها قدرته على تجسيد شخصيات مختلفة، وبعد أن أثبت موهبته فى تقديم الأعمال الكوميدية والتشويقية، انتقل إلى عالم الدراما الاجتماعية بمسلسل «برغم القانون»، وقد شكلت شخصية «أكرم» فى المسلسل تحديًا جديدًا له، نظرًا لتقلبات الشخصية وانفعالاتها المتباينة.

وفى حواره مع «الدستور»، يتحدث «القس» عن كواليس العمل، والصعوبات التى واجهها، وكيف أثرت هذه الشخصية على حياته، وكيف تمكن من مواجهة التناقضات بين طبيعته الإنسانية ودوره فى أداء الشخصية المركبة نفسيًا.

■ كيف رأيت ردود أفعال الجمهور على نجاح المسلسل؟

- فاقت ردود أفعال الجمهور على المسلسل كل توقعاتى، والعمل كان تحديًا فنيًا ونفسيًا كبيرًا، وقد تأثرت بشدة بالشخصية التى جسدتها، وترك تفاعل المشاهدين الكبير مع الأحداث فى نفسى أثرًا إيجابيًا مهمًا، مما زاد من حماسى كفنان، وأعطانى دافعًا قويًا لمواصلة مسيرتى الفنية.

■ هل كان من الصعب عليك الفصل بين الشخصية وحياتك اليومية بعد التصوير؟

- الشخصية التى جسدتها كانت تواجه معاناة بالغة، ما أثار فى نفسى صراعًا داخليًا مستمرًا بين التعاطف والكراهية، هذا التناقض النفسى جعل الأداء التمثيلى تجربة غنية وممتعة، ولكنه كان مرهقًا فى الوقت نفسه، لقد غصت فى أعماق هذه المعاناة لدرجة أننى وجدت صعوبة فى فصل نفسى عنها بعد انتهاء التصوير، خاصة فى المشاهد التى تجسدت فيها لحظات ضعفها، فأحيانًا أنتهى من التصوير، لكن تظل مشاعر الشخصية ملازمة لى، وأشعر بالألم بسبب تصرفاتها وتداعياتها.

والتأثر بالشخصية بشكل كبير قد يؤدى بك إلى مشكلات كبيرة خلال التصوير، فإذا كان التماهى مع الشخصية قد يضفى عمقًا وواقعية على الأداء، إلا أنه قد يتسبب فى حدوث صعوبات أثناء التصوير، كما حدث مع دانيال دى لويس، الذى أدى دور الجزار فى فيلم عصابات نيويورك، وقد تماهى مع الشخصية حتى إنه دمر ديكور الفيلم، وعلى النقيض من ذلك، فإن أداء ليوناردو دى كابريو الهادئ والعميق قد أثبت أن التعبير عن المشاعر المعقدة يمكن أن يتم بطرق أكثر رقة ودقة، مما يترك أثرًا بالغًا فى نفوس المشاهدين.

من هذا المنطلق، كانت شخصية أكرم، فى العمل، تسللًا إلى داخلى من مشهد إلى آخر، وعشت صراعًا داخليًا مستمرًا معها، بين رفضى لأفعالها، خاصة مشهد ضرب عم صلاح، وبين إدراكى لاتساق هذه الأفعال مع سلوك الشخصية، هذا التناقض جعل الشخصية أكثر جاذبية للجمهور، حيث قدمت صورة معقدة لشخصية تتناقض أفعالها مع قناعاتى، مما أثار فضول المشاهدين ودفعهم إلى متابعتها.

■ هل أثر التماهى مع الشخصية على حالتك النفسية؟

- لن أكذب عليك بالقول إننى تأثرت تمامًا بالشخصية، فقد كنت «أهزر» بعد انتهاء تصوير المشاهد، لكن فى بعض الأحيان كان هناك تأثير، ليس فى الجوانب الشريرة، لأنى أكره ذلك على المستوى الشخصى، لكن كان علىّ أن أؤمن بالشخصية وتصرفاتها حتى تصل للجمهور، وهذا صراع نفسى كبير.

■ برأيك هل تعتبر الشخصية طيبة أم شريرة؟ 

- حرصنا على إبراز الجوانب الإنسانية لشخصية أكرم، وتقديم مبررات لأفعالها التى قد تبدو غريبة للبعض، فكل إنسان يحمل فى داخله خليطًا من الصفات الحسنة والسيئة، وهذا ما يجعل الشخصيات الدرامية أكثر واقعية وجاذبية، وتوقعنا اختلاف ردود أفعال الجمهور على هذه الشخصية، فمن الطبيعى أن يتعاطف البعض معها بينما يستنكرها البعض الآخر، هذا التباين فى الآراء جعل المسلسل مثيرًا للجدل، حيث يدفع المشاهدين إلى التفكير والتأمل فى طبيعة الإنسان ودوافعه المعقدة.

وأشكر كل القائمين على كتابة هذا العمل، بداية من الفكرة إلى السيناريو، لأنهم قدموا عملًا رائعًا ومميزًا، وهذا ما بدا من ردود أفعال المشاهدين، فحين تطلب منى سيدة مسنة، أكثر من مرة، معرفة تفاصيل الحلقة الأخيرة، فذلك يعنى نجاحًا كبيرًا للغاية.

■ كيف تفسر ميل شخصية أكرم إلى الشر؟

- شخصية أكرم سيكوباتية، وهناك من يضع أعذارًا لنفسه ويتحجج بأشياء غير واقعية من أجل أن يبرر سلوكياته، وهناك حالة من الغموض والتعقيد فى شخصية أكرم، والأسباب التى تدفعه إلى ارتكاب هذه الأفعال الشاذة لا يعلمها إلا هو وحده، فبينما نراه يبكى بحرقة فى بعض المشاهد، نراه فى مشاهد أخرى يرتكب أفعالًا متناقضة مع تلك الدموع، مثل حديثه مع خطيبة وليد، شقيق زوجته، والجمهور تفاعل جدًا مع هذه الشخصية، لذا شعرت بأننا حققنا هدفنا، بتصوير أكرم على أنه شخصية غير اعتيادية يمكن تحليلها بسهولة.

■ هل يعنى ذلك أنك استمتعت بأداء الشخصية؟

- بالتأكيد، هى معقدة وملهمة للممثل، بالرغم من أنها مؤذية، وليست سهلة على الإطلاق، وتحضيراتها كانت ممتعة للغاية، والتعاون مع إيمان العاصى وباقى فريق العمل كان مثمرًا.

■ كيف وجدت مدينة بورسعيد؟

- مدينة جميلة جدًا، وبها راحة نفسية غير طبيعية، وأحببت أكل السمك بها، وأنصح الجميع بالذهاب إليها، خاصة إذا كانوا يبحثون عن صفاء الذهن والاستقرار النفسى. 

■ كيف رأيت التعاون مع الشركة المتحدة فى «برغم القانون»؟

- هذه هى تجربتى الأولى فى التعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وقد تركت فىّ انطباعًا بالاحترافية والاحترام الكبير للعمل الفنى، لقد سعدت كثيرًا بالتعامل معها ومع العاملين بها، الذين استقبلونى بحفاوة وقدموا لى كل الدعم والمساعدة، وقد شعرت وكأننى لست ضيفًا فى هذا المكان، بل شريك فى العمل، وهذا ما جعلنى أشعر بالراحة والطمأنينة خلال فترة التصوير.

■ وكيف رأيت التعاون مع ريمون مقار منتج وصاحب فكرة العمل؟

- عندما جلسنا فى المرة الأولى لقراءة السيناريو تناقشنا كثيرًا حول الشخصية وكيف يمكن تجسيدها على النحو الأفضل، وهذا الأمر تكرر مع إيمان العاصى، أى أنك تتعامل مع شخص محترف يعى جيدًا أدوات العمل وتفاصيله، ومن ثم فإن النجاح لم يأت من فراغ، وأنتهز هذه الفرصة كى أشكره كثيرًا على الثقة التى منحها لى.

■ هل تجاربك الشخصية تظهر فى أعمالك الفنية؟

- أنا لست ممن يخططون لكل تفاصيل حياتهم، لكننى أؤمن بأننا نتأثر بما نراه ونسمعه، مثلما تأثرت بكلمات الفنان نور الشريف عن التأثير البصرى، كما تأثرت بعبارة «حبيبى حبيبى» التى استخدمها عبدالحليم حافظ مخاطبًا الفنان عبدالوهاب، هذه اللحظات العابرة تبقى عالقة فى الذاكرة، وتجد طريقها إلى أعمالنا الفنية بطرق غير متوقعة. وأعتقد أن هذا التنوع فى التأثيرات يضيف عمقًا وجمالًا للإبداع الفنى، خاصة إذا أديتها بطريقتك الخاصة.

■ حدثنا إذن عن حياتك قبل التمثيل وكيف استفدت من تجاربك؟ 

- بدأت حياتى بالعمل حمالًا للبلاط أو الرخام، واستفدت كثيرًا من هذه التجربة، فقد علمتنى الصبر، وهو عامل أساسى للنجومية، وقبل أيام كنت أتحدث مع الفنان محمد رضوان، الذى قال إن الممثل دائمًا يبحث عن فرصة للظهور، فى البداية يبحث عن مشهد، ثم يبحث عن مشهد أكبر فأكبر، ومن أجل تحقيق هذه الخطوات عليك أن تتحلى بالصبر، فخطواتك فى طريق الفن تكون بطيئة فى البدايات، لكن مع السعى والصبر ستصل لهدفك فى النهاية.

■ وكيف كان للصبر دور فى هذا النجاح بمصر؟

- حاولت الوصول إلى مصر منذ ١٢ عامًا، وعندما دخلتها كنت محظوظًا للغاية، فتجربة «موضوع عائلى» كانت بداية الانطلاقة، ثم تأكد حضورى بمسلسل «برغم القانون»، وأنا سعيد بكل الأمور التى جعلتنى أصل إلى تلك المكانة فى قلوب الجمهور الذى أحبه. 

■ ما الجديد خلال الفترة المقبلة؟

- حاليًا، ليس لدىّ شىء معين، وأخطط لرؤية والدتى التى أوحشتنى للغاية، كما سأتابع ردود الأفعال على الحلقات الأخيرة من المسلسل، وبالمناسبة، كان تعليق والدتى على شخصيتى فى «برغم القانون» كوميديًا، لأنها استغربت من «كمية الشر التى أظهرتها» فى العمل.