رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة الدولة لخفض معدلات التضخم إلى أقل من 10% بنهاية 2025

التضخم
التضخم

أكد خبراء اقتصاديون أهمية التقرير الصادر عن بنك الاستثمار الأمريكى «جولدمان ساكس» بشأن الاقتصاد المصرى، خاصة توقعه بتراجع معدلات التضخم إلى أقل من ١٠٪، قبل نهاية العام المقبل ٢٠٢٥، إلى جانب توقعه السابق بوصول الاحتياطيات النقدية فى مصر إلى ٦٠ مليار دولار بنهاية ٢٠٢٧. 

وقال الخبراء، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، إن تقرير «جولدمان ساكس» يمثل شهادة ثقة جديدة فى الاقتصاد المصرى، ويظهر قوة ومتانة هذا الاقتصاد فى مواجهة التحديات الحالية، مرجعين نتائجه إلى استمرار الحكومة فى تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية لتحسين بيئة الأعمال، وزيادة جاذبية السوق المصرية للاستثمارات، ومضاعفة التعاون بين القطاعين العام والخاص. 

كما أرجع الخبراء هذه الأرقام المبشرة إلى النجاح فى سد الفجوة التمويلية، الذى ارتكز على عدة محاور شملت: نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبى، وزيادة تحويلات المصريين فى الخارج، واستقرار سعر الصرف، مع توقعات بانتعاش السياحة، واستكمال برنامج الطروحات الحكومية.

 

زيادة الإنتاج المحلى وتحسين السياسات النقدية

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن تحقيق هدف الدولة بخفض معدل التضخم إلى أقل من ١٠٪، قبل نهاية عام ٢٠٢٥، يتطلب مجموعة من السياسات الاستراتيجية المدروسة، وتبنى نهج شامل يسهم فى تعزيز الاستقرار الاقتصادى.

وأضاف «السيد»: «الخطوة الأولى فى هذا الاتجاه هى زيادة الإنتاج المحلى، فتعزيز القدرة الإنتاجية فى مختلف القطاعات يعد عاملًا أساسيًا لتوفير المعروض من السلع والخدمات، ما يساعد فى تقليل الأسعار بطبيعة الحال»، مشيرًا إلى أن الإنتاج المحلى يسهم بشكل كبير فى تحسين مستوى الاقتصاد الوطنى، وزيادة فرص العمل.

وواصل: «تحسين السياسات النقدية يمثل عنصرًا ثانيًا حيويًا فى هذه العملية، ويتحقق من خلال ضبط أسعار الفائدة بشكل يتناسب مع مستوى التضخم المستهدف، وهذا أمر ضرورى للتحكم فى السيولة النقدية المتاحة فى السوق، ما يسهم فى تقليل الضغوط التضخمية».

ونبه الخبير الاقتصادى إلى ضرورة تعزيز جهود الحكومة لمكافحة جشع التجار والممارسات الاحتكارية، من خلال تكثيف الرقابة على الأسواق، بما يضمن التزام التجار بالأسعار العادلة، ما يحمى المستهلكين ويقلل من المخاطر التضخمية.

كما أشار إلى أهمية تعزيز مصادر دخل الدولة من العملات الأجنبية، عبر العمل على زيادة الإيرادات من السياحة، وتحسين تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وهى خطوات من شأنها تعزيز استقرار سعر الصرف، وبالتالى تقليل الضغوط التضخمية على الاقتصاد الوطنى.

وأشاد بعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية، وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد، بما يسهم فى تقليل تكاليف الإنتاج والنقل، وينعكس بدوره إيجابًا على الأسعار، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى ضرورة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تقديم تسهيلات مالية وإعفاءات ضريبية، بما يعزز قدرة هذه المشروعات على النمو والمنافسة، وبالتالى تحقيق فوائد كبيرة للاقتصاد بشكل عام.

واختتم مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية بقوله: «تحقيق هذه الأهداف يتطلب تكاتف الجهود بين جميع الجهات المعنية، وذلك لضمان مستقبل اقتصادى مستدام ومزدهر».

 

الاستمرار فى جذب الاستثمارات الأجنبية

وصف محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، تقرير بنك الاستثمار الأمريكى «جولدمان ساكس» عن الاقتصاد المصرى بأنه واقعى، ويحمل الكثير من التفاؤل حول استعادة مصر قوتها الاقتصادية، رغم التوترات الجيوسياسية فى المنطقة.

وقال «عبدالعال» إن مصر خطت خطوات مهمة فى تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية، التى تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادى، وزيادة الاستثمارات، مشيرًا إلى أن «الاقتصاد يشهد تحسنًا فى بعض المؤشرات الرئيسية، ما يبشر بمستقبل أكثر استقرارًا».

ونبه إلى أهمية استمرار الحكومة فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من خلال مشروعات استراتيجية مهمة، مثل مشروع تطوير «رأس الحكمة» وغيره الكثير، مضيفًا: «رأس الحكمة يمثل أحد أهم مشروعات التنمية المستدامة».

وواصل: «المشروع يهدف إلى تحسين البنية التحتية، وتعزيز القطاع السياحى، ما يعزز من تدفق النقد الأجنبى، خاصة مع جذبه استثمارات تقدر بنحو ٥٠ مليار دولار، بالإضافة إلى حصول مصر على ٣٥ مليار دولار».

 

زيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج

أكدت سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية، أن احتياطيات النقد الأجنبى شهدت زيادة ملحوظة، بما يسهم فى دعم الاستقرار المالى، والقدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، مشيرة إلى توقع «جولدمان ساكس» تجاوز هذه الاحتياطيات الـ٦٠ مليار دولار بنهاية عام ٢٠٢٧.

وأضافت الخبيرة المصرفية: «هذه الزيادة تعزز من الاستقرار المالى، وقدرة البلاد على مواجهة الأزمات الاقتصادية المستقبلية، ما يساعد فى دعم الجنيه، ويعزز من ثقة المستثمرين فى الاقتصاد الوطنى».

ونبهت إلى أهمية زيادة التحويلات المالية من المصريين العاملين فى الخارج، على ضوء دورها المحورى فى تحسين احتياطيات النقد الأجنبى، مشيرة إلى أن هذه التحويلات سجلت ارتفاعًا كبيرًا وصل إلى نحو ٣ مليارات دولار، فى سبتمبر الماضى، ما يسهم فى دعم الاقتصاد، وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين.

وشددت على عودة الثقة إلى الاقتصاد المصرى بفضل الجهود الحكومية والإصلاحات الاقتصادية التى تم تنفيذها طوال السنوات الماضية، ما أسهم فى جذب استثمارات ضخمة جديدة، بالإضافة إلى دخول نحو ٢٠ مليار دولار من «الأموال الساخنة» إلى السوق المصرية، ما يعزز من النشاط الاقتصادى ويحفز النمو.

وأتمت الخبيرة المصرفية بقولها: «الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح، مع توقعات باستمرار الزخم الإيجابى فى السنوات المقبلة، خاصة أن ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبى، وزيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، يعكسان جاذبية السوق المصرية، ويعززان قدرة الحكومة على تنفيذ خطط التنمية المستدامة».

 

الاهتمام بالمشروعات العملاقة مثل رأس الحكمة

رأى الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، أن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج تُعد مصدرًا مهمًا للدخل القومى والنقد الأجنبى، مشيرًا إلى أن التحويلات سجلت نحو ٣ مليارات دولار، فى سبتمبر الماضى، ما يعكس دور المصريين بالخارج فى دعم الاقتصاد المحلى.

وأضاف «السيد»: «التوقعات تشير إلى أن مصر تعمل بجد على سد الفجوة التمويلية من النقد الأجنبى، عبر عدة محاور استراتيجية، منها المشروعات الاستثمارية العملاقة، مثل رأس الحكمة ورأس جميلة، وغيرهما من المشروعات المشتركة مع الإمارات والسعودية».

وواصل: «هناك تحسن كبير فى احتياطيات النقد الأجنبى لمصر»، متوقعا أن تسهم هذه الاحتياطيات المرتفعة فى تحسين المركز المالى للبلاد، ما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

 

إجراء تطوير شامل فى قطاع السياحة

توقع الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن تشهد مصر انتعاشًا ملحوظًا فى قطاع السياحة، الذى يعد من الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطنى، ويحتاج إلى إجراء تطوير شامل لزيادة مساهمته فى خفض معدلات التضخم. 

وقال «جاب الله» إن تقرير «جولدمان ساكس» يتوقع وصول أعداد السياح إلى ١٨ مليون سائح بحلول ٢٠٢٦، ما يسهم بشكل كبير فى زيادة الإيرادات السياحية، ويعزز من موقف مصر كوجهة سياحية عالمية.

وأضاف الخبير الاقتصادى: «قطاع السياحة يمثل أهمية استراتيجية، ويسهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أحد أهم موارد العملة الأجنبية، والجهود الحكومية أسهمت فى تحسين البنية التحتية السياحية، وتعزيز الأمن والسلامة، ما عزز من جاذبية مصر للزوار». وواصل: «التوقعات تشير إلى أن ارتفاع أعداد السياح سيفتح آفاقًا جديدة للإيرادات، ويعزز من فرص العمل فى القطاعات المرتبطة بالسياحة، مثل الضيافة والمطاعم والنقل».

وأشار إلى أن أحد العوامل الرئيسية التى تدعم الانتعاش المتوقع هو الاستقرار النسبى فى الأوضاع الأمنية والسياسية فى البلاد، ما يشجع السياح على زيارة المعالم السياحية الشهيرة، مثل الأهرامات ومعابد الأقصر وأسوان، بالإضافة إلى الافتتاح التجريبى للمتحف المصرى الكبير، وإطلاق حملات تسويقية مكثفة تستهدف الأسواق الأوروبية والآسيوية، ما ساعد فى جذب مزيد من الزوار. ورأى أن افتتاح المتحف المصرى الكبير يمثل تجربة فريدة تعزز من جاذبية السياحة فى مصر، متوقعًا أن يصبح المتحف وجهة رئيسية للسياح، فى ظل أنه يضم مجموعة من الآثار الفريدة التى تروى تاريخ الحضارة المصرية العريقة.

وواصل الخبير الاقتصادى: «الافتتاح التجريبى للمتحف المصرى الكبير يسهم فى جذب السياح من جميع أنحاء العالم، ويقدم لهم فرصة لمشاهدة القطع الأثرية النادرة فى بيئة حديثة ومتكاملة».

وتوقع أن يلعب تطوير المنتجعات السياحية الجديدة دورًا محوريًا فى زيادة التدفق السياحى، خاصة مع سعى الحكومة إلى إنشاء مشاريع سياحية مبتكرة، ما يسهم فى تنويع العروض السياحية وزيادة عدد الزوار، خاصة مع تحسين جودة الخدمات، وتدريب العاملين فى القطاع، الأمر الذى يعزز من تجربة الزوار ويجعلهم يعودون مرة أخرى.

جذب 5 مليارات دولار من طرح المطارات والبنوك

قالت هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية، إن الحكومة المصرية تسعى لجذب نحو ٥ مليارات دولار، من خلال مشروع تطوير وإدارة وتشغيل بعض المطارات، وطرح حصص بعض البنوك والشركات الحكومية فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى، وهى خطوة تعزز من قدرة الحكومة على تأمين سيولة دولارية جديدة، وبالتالى تعزيز احتياطيات النقد الأجنبى.

أما خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، فأكد أهمية عودة السياحة كعامل رئيسى فى سد الفجوة التمويلية، مع توقعات بوصول عدد السياح إلى ١٨ مليون سائح بحلول ٢٠٢٦، مضيفًا: «هذا يسهم بشكل كبير فى زيادة الإيرادات الدولارية».

وواصل «الشافعى»: «زيادة تحويلات المصريين فى الخارج عامل مهم ورئيسى، خاصة بعد وصولها إلى ٣ مليارات دولار، فى سبتمبر الماضى»، لافتًا إلى أن هذه التحويلات تعد مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبى، ما يسهم فى دعم الاقتصاد الوطنى، ويعزز من القدرة على مواجهة الفجوات التمويلية.

 

سد الفجوة التمويلية بزيادة التدفقات الدولارية

أكد الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، أن مصر سعت بجدية لسد الفجوة التمويلية، عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة من خلال مشروعات استراتيجية، مثل مشروع تطوير «رأس الحكمة»، بتكلفة تصل إلى ٣٥ مليون دولار، معتبرًا أن هذا المشروع خطوة محورية نحو تعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف «الإدريسى»: «مشروع رأس الحكمة يتمتع بموقع استراتيجى متميز على الساحل الشمالى، ما يجعله وجهة مثالية للمستثمرين، ويهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز السياحة، ما يسهم فى زيادة الإيرادات الدولارية لمصر».

وتوقع تزايد اهتمام المستثمرين بالمشروعات السياحية والعمرانية، وأن يكون لـ«رأس الحكمة» دور بارز فى جذب تدفقات دولارية جديدة إلى الاقتصاد الوطنى ككل.