رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام على الجسر المصرى لدعم غزة

7 أكتوبر ولا أعلم لماذا اختارت «حماس» السابع من أكتوبر، بالرغم من وجود تاريخنا المقدس قبله بيوم وهو أيقونة الحروب العربية السادس من أكتوبر 73؟، هذه خاطرة وردت على بالى منذ اللحظة الأولى لهجوم «حماس» على غلاف غزة وعودتهم بمجموعة مخطوفين إسرائيليين، ولكن ما علينا ربما حساباتهم العسكرية كانت مناسبة فى هذا التاريخ، وربما أخرى لن نكتبها الآن وسوف نعود إليها عندما تسكت البنادق.
عام كامل على حرب غزة، وحصاد مرير على الأرض، نهر من الدماء وشهداء ومصابون ونزوح يتلوه نزوح وبنية أساسية عادت إلى ما قبل التاريخ، ومفاوضات تتلوها مفاوضات، وانتهى الأمر بأن جاءت حرب لبنان واغتيال نصرالله لتنسحب الأضواء من غزة ويتم تسليطها على الضاحية الجنوبية فى لبنان.
هذه ليست حروبًا ولكنها سيرك عالمى دخلنا إليه دون إرادة منا، ولا نمتلك حتى الآن خطة للخروج من باب هذا السيرك البشع الذى يلعب بالأعضاء البشرية وبالمستقبل وبالأحلام المشروعة للبشر، جاءت الحروب ووضع الله يد مصر الكبيرة فى التجربة، مصر التى كانت تغلق الباب تلو الباب فى مشاكلها الاستراتيجية سواء فى مياه نهر النيل أو لهب حرب السودان أو ارتباك الملف الليبى.
وما كان لحرب غزة أن تمر ومصرنا محايدة ولكنها ومنذ اللحظة الأولى كانت فى قلب الاشتباك، وقد تكذب الدنيا علينا بتلاسن من هنا أو حقد من هناك، لذلك كان لا بد أن أكتب ما شهدته بعينى على مدار عام كامل وأنا فى مدينة الإسماعيلية أتابع القوافل تلو القوافل التى تتجه نحو رفح لإغاثة الملهوف هناك، ولم تكن قوافل الغذاء والدواء وحدها هى مساهمة مصر ولكن العلاقة التاريخية بين مصر وقطاع غزة فرضت على مصر أن تؤدى دورًا محوريًا فى هذه الأزمة، وهنا شمرت مدرسة الدبلوماسية المصرية عن سواعدها لتكشف عن تاريخها العريق ومسئوليتها القومية تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. 
لن ألجأ إلى أرقام أو تواريخ كى أقدم الدليل على دور مصر أم الدنيا فى ملف الحرب فى غزة، وذلك لأننا تعلمنا أنه من الممكن للأرقام أن تكذب وأن الأهم من الأرقام هى تلك الحالة التى تقترب من التعبئة على مدار عام كامل لدعم شعبنا المكلوم هناك فى غزة، وهذا ليس غريبًا أبدًا عن مصر حيث تمثل العلاقة بين مصر وقطاع غزة علاقة وحدة الجسد الواحد وكلنا نعرف أنه تاريخيًا ارتبط المصيرين المصرى والفلسطينى منذ بداية التاريخ. 
لذلك يتجلى الدور المصرى بوضوح تجاه قطاع غزة من باب المسئولية التاريخية، حيث تعود العلاقة بين مصر والقطاع غزة إلى عمق زمنى طويل، لدرجة أن غزة عاشت مرحلة تاريخية تحت الإدارة المصرية من عام 1948 حتى عام 1967.
فى هذه المرحلة تحولت تلك العلاقة من مجرد إقليم تحت الإدارة المصرية إلى علاقة يربطها نسيج اجتماعى وسياسى مشترك، ومن هنا نفهم الجهود الدبلوماسية الجبارة التى تبذلها مصر لحماية حقوق الفلسطينيين فى المحافل الدولية. 
وإذا أضفنا إلى ذلك الشريان المشترك المعروف باسم معبر رفح الحدودى بين مصر وقطاع غزة وهو المعبر الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجى سوف نتأكد من أهمية ما فعلته مصر من أجل تخفيف معاناة سكان القطاع.
وأخيرًا نشير إلى أن مصر تدرك تمامًا أن تحقيق السلام والاستقرار فى قطاع غزة أمر ضرورى ليس لخدمة الفلسطينيين وحدهم، بل أيضًا لخدمة مصلحة الأمن القومى المصرى والإقليمى.