رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"العربية للتنمية الزراعية" تؤكد أهمية الابتكار لمواجهة تحديات التغير المناخى

التغير المناخي
التغير المناخي

أكد الدكتور إبراهيم آدم أحمد الدخيري، مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، أنه من خلال الابتكار والريادة، يمكن للزراعة في العالم العربي مواجهة التحديات العالمية والتأقلم معها مثل التغير المناخي والنمو السكاني.

جاء ذلك في كلمة الدخيرى اليوم في الاحتفال بيوم الزراعة العربي للعام 2024 الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الزراعية تحت شعار "نحو زراعة عربية مبتكرة من أجل مستقبل مستدام".

وقال الدخيري إن اختيار شعار الاحتفال لهذا العام يأتي للتأكيد على أهمية الابتكار في تحقيق التنمية الزراعية والأمن الغذائي وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة ما يتعلق منها بالقضاء على الفقر والجوع والاستدامة البيئية، وذلك لما يمثله الابتكار من قوة دافعة لإحداث تحولات إيجابية في النظم الزراعية والغذائية وسلاسل الإمداد؛ ما سيسهم في القضاء على الجوع والفقر وسهولة الوصول للغذاء وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة.

وأضاف أن الابتكار في الزراعة لا يعني استخدام تقنيات جديدة فحسب، بل هو نهج شامل يستند على المواءمة، وربما الدمج بين الممارسات والمعارف التقليدية والمعارف العلمية الحديثة والممارسات المستدامة في الإنتاج والتصنيع والتسويق لتعزيز الإنتاجية وتحسين الدخل وبناء المرانة والصمود وتحقيق الاستدامة.

وأشار إلى أن الابتكار يرتبط ارتباطًا وثيقًا وعضويًا مع الأعمال الريادية أي ما يعرف بريادة الأعمال وهو العمل بطرق مبتكرة وغير تقليدية تفضي إلى مقاربات مطلوبة ومرغوبة واكتساب الفرص التي تتيحها الظروف الماثلة، ويؤدي كل ذلك إلى زيادة الإنتاج وتحقيق الرفاه.

وقال "إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية ممثلة في جمعيتها العمومية سارعت باستحداث المكتب العربي لريادة الأعمال والذي استضافته الجمهورية اللبنانية واستكملت كل الإجراءات المطلوبة لانطلاقته الذي سيكون له الأثر الكبير في الدفع بقضية الابتكار والريادة خدمة للتنمية الزراعية والأمن الغذائي في المنطقة العربية".

ولفت إلى أن الابتكار لا يقتصر على استخدام التكنولوجيا في العمليات الزراعية المختلفة فحسب، بل يتعدى ذلك ليشمل كامل سلسلة القيمة ابتداء بعمليات ما بعد الحصاد من تدخلات فنية ومؤسسية، منوهًا بأن عاملًا واحدًا مثل تنظيم المزارعين بصورة ابتكارية وريادية سيكون له مردود في أداء النظام الزراعي كما دلت التجارب على ذلك.

وتابع: أنه نظرًا لأهمية الابتكار والريادة جاء اختيار شعار الاحتفال بيوم الزراعة العربي للتأكيد على أهميته على المستويين القطري والإقليمي في مواجهة المتغيرات والتحديات المعاصرة التي تواجه التنمية الزراعية والأمن الغذائي العربي، وتأكيدًا على أهمية إيلاء الابتكار والريادة في القطاع الزراعي العربي أهمية كبيرة في خطط وبرامج الدول العربية لما له من أهمية في الوصول إلى قطاع زراعي عربي قادر على مواجهة الصدمات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المعاصرة التي تتعرض لها المنطقة العربية.

ونبه بأن هذه التحديات تزايدت حدتها وتأثيراتها السلبية على الأمن الغذائي العربي خلال العقد المنصرم ومنها جائحة كورونا والتحديات الجيوسياسية، مثل الحرب الأوكرانية الروسية والصراعات الدائرة في بعض البلدان العربية والعدوان الغاشم على غزة ولبنان - والتي نسأل الله سبحانه وتعالي أن يلطف بهم وبكل البلاد العربية- حتى تنعم بالأمان والاستقرار خدمة للتنمية الزراعية وتحقيقًا للأمن الغذائي العربي.

وحول اتساع التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ والتي أثرت على القطاع الزراعي وعرضت مساحات واسعة من الزراعات العربية لموجات من التقلبات المناخية المتطرفة أبرز أهمية وضرورة تحوير وتكييف النظم الزراعية والغذائية العربية لزيادة مرونتها وقدرتها على الصمود أمام الصدمات والتحديات المختلفة، الأمر الذي يصعب تحقيقه دون تبني الابتكار والريادة كمنهج عمل ودون نشر وتبني التقنيات الحديثة في الزراعة العربية.

وأشار إلى أنه من هذه التقنيات استخدام الزراعة الذكية بكل مكوناتها وأبعادها وانترنت الأشياء واستخدام أجهزة الاستشعار والبيانات الضخمة لتحليل أداء المحاصيل والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، ما يساعد المزارعين في اتخاذ قرارات مستنيرة تسهم في تحسين إدارة المحاصيل وزيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد.

واستشهد باستخدام الطائرات المسيرة في زراعة الغابات ومراقبة الحرائق والمحاصيل وتوزيع أو نثر الأسمدة والمبيدات بشكل فعال واستخدام التقنيات الحيوية الحديثة في استنباط أصناف مقاومة للإجهادات المختلفة وكل التدخلات الموجهة، التي تفضي إلى تحول الأنظمة الغذائية والزراعية الماثلة إلى نظم فعالة ومرنة وقادرة على الصمود والاستدامة.

كما أشار إلى أن الحكومات تضطلع بدور حيوي ومحوري في دعم التحول نحو الزراعة المبتكرة والمستدامة، من خلال سياساتها وتشريعاتها الداعمة والمحفزة للمزارعين، لتشجيعهم على تبني التقنيات الحديثة عبر الاستثمار في البني التحتية الزراعية والتكنولوجيا ودعم البحوث والتطوير في المجالات الزراعية المختلفة. 

وقال إن المنظمات وصناديق التمويل العربية والإقليمية والدولية تلعب أيضًا دورًا مهمًا في تشجيع الابتكار والريادة في الزراعة من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومات والمؤسسات المحلية لضمان تحقيق الأهداف المشتركة، وتعزيز الاستدامة والابتكار في القطاع الزراعي وذلك من خلال، تقديم الدعمين الفني والمالي، نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات، ودعم المبادرات التي تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة، تمويل المشاريع التنموية والبحثية في مجال الزراعة.

وأضاف أنه نظرًا لكون ما يزيد على 70% من الإنتاج الزراعي بالدول العربية يأتي من المزارع الصغيرة والمتوسطة، فقد ركزت استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة 2030 المقرة من القمة العربية بالجزائر في عام 2022 على الابتكار ونقل التكنولوجيا وريادة الأعمال والحفاظ على البيئة والتنوع الحيوي وبناء القدرات، وأبرزت لها أهدافًا استراتيجية وبرامج عمل رئيسية وفرعية تهدف إلى دعم صغار المزارعين وتنظيمهم وتشجيعهم على تطوير عملياتهم الزراعية، من خلال دمج المعارف والممارسات التقليدية بالمعارف العلمية الحديثة والممارسات الزراعية الجيدة والمستدامة، وبما يسهم في تطوير النظم الغذائية وزيادة مرونتها وقدرتها على الصمود والتكيف مع المتغيرات المعاصرة.

كما وجه الشكر إلى وزيرالزراعة واستصلاح الأراضي علاء الدين فاروق ولمصر رئيسًا وحكومة وشعبًا على رعاية الاحتفال بيوم الزراعة العربي، والشكر لجميع السلطات المعنية في مصر لما قدمته من تسهيلات ودعم لعمل المنظمة العربية للتنمية الزراعية في القاهرة في ظل التحديات التي واجهتها في المقر الرئيسي في الخرطوم الذي اضطرت لمغادرته بسبب الأحداث في السودان.

ويصادف يوم الزراعة العربي، اليوم السابع والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام وهو اليوم الذي وافق فيه مجلس الجامعة العربية على إنشاء المنظمة العربية للتنمية الزراعية بموجب قرار مجلس الجامعة رقم (2635) الصادر بتاريخ 11 مارس 1970م والذي بموجبه باشرت المنظمة عملها من مقرها الرئيس بالخرطوم في عام 1972م. 

ومن جانبه قال الوزيرالمفوض رائد على صالح الجبوري، مدير إدارة المنظمات والاتحاد العربية بجامعة الدول العربية والمشرف على وحدة التنسيق والمتابعة إن الابتكار قوة دافعة لإحداث تجولات إيجابية في النظم الزراعية وسلاسل الإمداد مما يسهم في القضاء على الجوع والفقر.

ونقل الجبوري - في مستهل كلمته - تحيات الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط والسفير علي بن إبراهيم المالكي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاقتصادية بالجامعة وتمنياتهما للمنظمة بمزيد من النجاح وتعزيز مسيرتها كذراع تنموي للجامعة وتدعيم مسارالتكامل الاقتصادي العربي ومواجهة التحديات التي يواجهها قطاع الزراعة العربي، ومواصلة المنظمة لتحقيق أهدافها التي أنشات من أجلها.

وأكد أهمية القطاع الزراعي في الدول العربية خاصة في ظل حقيقة أن الزراعة مصدر دخل رئيسي للعديد من الدول العربية، منوهًا إلى الدور الحيوي للعديد من الحكومات في تحقيق التحول القائم على الابتكار في الزراعة من خلال سياستهم في تشجيع المزراعين ودعم البنية الزراعية الحديثة ودعم البحوث، ومن خلال الدمج بين المعارف التقليدية والمعارف العلمية الحديثة.

وقال: إنه من خلال الابتكار يمكن للزراعة أن تواجه التحديات الجديد مثل التغيرات المناخية والنمو السكاني.. مشيرًا إلى أن عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية ركز بشكل خاص على الابتكار من أجل الوصول لوضع تدابير فعالة لتحقيق التنمية المستدامة.

وأشار إلى أن العالم العربي يواجه مخاطر التغيرات والتحولات المناخية.. موضحًا أنه خلال الاجتماعات الأخيرة للجنة العليا لتنسيق العمل العربي المشترك أصبح الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال في مقدمة اهتمامات العمل العربي المشترك.. قائلًا: إن قرارات القمم العربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي تؤكد وحود إرادة سياسية عربية لتحقيق الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، ولكن المتحقق ما زال دون مستوى الطموحات.

ومن جهته، قال عبدالحكيم الواعر، مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحد (الفاو) والممثل الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا: إن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وفلسطين إضافة إلى تأثيراته على حياة البشر، فإنها تضرب أيضًا قطاع الزراعة.. مشيرًا إلى أن المسوحات الجوية تكشف عن أن 70% من قطاع الزراعة بغزة تم تدميره بالكامل.

وأضاف: "نشعر بالحزن والأسى من الاعتداءات على لبنان ونتمنى أن نستطيع مساعدته في تحقيق التعافي مجال الزراعة لديه".. واصفًا المنظمة العربية للتنمية الزراعية بأنها قصة نجاح متميزة، قائلا إنه لا توجد منطقة إقليمية أخرى التي تعمل بها الفاو على مستوى العالم لديها منظمة إقليمية متخصصة في المجال الزراعي، منوهًا إلى وجود مراكز عربية أخرى عاملة في مجال الزراعة مثل المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"، وبعض المؤسسات الأخرى التي أسست لدعم قطاع الزراعة بالمنطقة، وهذا يشير لبعد نظر منذ خمسة عقود من قبل القيادات العربية.

وتابع: "إننا نسمي المنظمة العربية للتنمية الزراعية بفاو جامعة الدول العربية وهي الشريك الأساسي للفاو بالمنطقة، وهذه قصة نجاح نحاول إبرازها لباقي دول العالم"، موضحًا أن التقرير الإقليمي لحالة الأمن الغذائي يشير إلى أن نسبة انتشار الجوع بالمنطقة تصل إلى 30%، لافتًا إلى أن كل المنطقة العربية خارج المسار الصحيح للتنمية المستدامة فيما يتعلق بهدف التخلص من الجوع خاصة أن المنطقة العربية تعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء من الخارج.

وأشار إلى أن النسبة الأكبر من غياب الأمن الغذائي وانتشار الجوع تقع في مناطق النزاعات بالدرجة الأولى والسبب الرئيسي هو انهيار المؤسسات الرسمية، الأمر الذ أصاب قطاع الزراعة بالشلل، قائلًا: إن ثماني دول عربية من أكثر عشر دول جفافًا في العالم، وهناك ندرة في الموارد الضرورية للزراعة مثل الأرض والماء بالمنطقة، مشددًا على أن هذه التحديات يجب أن تدفع لتعزيز الشراكة بين دول المنطقة.

وقال: إن هذه المنطقة هي ربما الأكبر جفافًا في العالم وبالتالي التحديات التي تواجها لا توجد في ممطقة أخرى، وأكثر حدة، إضافة لتأثير الصراعات مثل الحرب الأوكرانية، وأصبح هناك تركيز كبير على قدرة الدول على الإنتاج الزراعي، مشيرًا إلى أن منظمة الفاو تدعو لتحول في قطاع زراعة لكي يكون أكثر كفاءة واستدامة وتعزيز الزراعة بشكل ابتكاري، مشددًا على أن الابتكار أصبح ضرورة في ظل ندرة الموارد الزراعية مع زيادة الطلب على الإنتاج الزراعي.