الكنيسة البيزنطية تحتفل بتقدمة عيد ميلاد العذراء
تحتفل الكنيسة البيزنطية بتقدمة عيد ميلاد العذراء، وهناك تقليد قديم، ذكره في القرن الثاني بعد المسيح مؤلف كتاب "ميلاد مريم" واورده أيضاً في القرن الرابع مؤلف " انجيل يعقوب" المزوّر، نعرف منه أن يواكيم وحنّة، اذ لم يكن لهما ولد، تراءى لهما ملاك الرب وبشَّرهما بمولد ابنة لهما قد اختارها العليّ لشرف اثيل. بعد ميلاد الطفلة، حرصا أشدَّ الحرص على تربيتها، إلى يوم تمكنّا من تقدمتها إلى هيكل الرب حيث عاشت إلى أن خطبت ليوسف البتول.
تدعونا الكنيسة في رتبة العيد إلى التأمل في الدور الذي شغلته مريم العذراء في عمل الفداء. فمريم العذراء هي شريكة ابنها الفادي يوصفها امه. واذ اختارها الله منذ الأزل لتكون ام الكلمة المتجسد، نراها منذ مولدها سلطانة العالم، لانها هي التي اعطت البشرية شمس العدل، واغدقت عليها بابنها الالهي الفرح الابدي، ذلك ما يعبر عنه القدّيس يوحنا الدمشقي، اذ يهتف بيواكيم وحنّة:" هنيأً لكما، أَيها الزوجان! فإِن الخليقة كلها لمدينةٌ لكما. لانها استطاعت بكما أن تقدّم للخالق الهدية التي لا تعلوها هدية، الام البتول، التي هي وحدها جديرة بالخالق. فافرح يا يواكيم، لان الابن أعطيَّ لنا مولوداً من ابنتك".
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: في هذا العالم، أي في الكنيسة التي تتبع جمعاء المسيح، يقول هذا الأخير للجميع: "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني". لأنّ هذا الأمر ليس موجّهًا إلى العذارى، باستثناء النساء المتزوّجات؛ للأرامل، باستثناء الزوجات؛ للرهبان، باستثناء الأزواج؛ إلى رجال الدين، باستثناء العلمانيّين. الكنيسة جمعاء، جسد المسيح بأكمله، جميع الأعضاء، المميّزون والموزّعون وفقًا لوظائفهم، يجب أن يتبعوا المسيح. فلتتبعه جمعاء، هي الفريدة من نوعها، هي الحمامة، هي العروس؛ فلتتبعه، هي التي تمّ افتداؤها بدم العريس. لطهارة العذارى مكانتها هنا؛ لتعفّف الأرامل مكانته هنا؛ للعفّة الزوجيّة مكانتها هنا...
فليتبعوا المسيح، هؤلاء الأعضاء الذين يجدون مكانتهم هنا، كلّ واحد وفقًا لفئته، كلّ واحد وفقًا لمرتبته، كلّ واحد على طريقته. فليزهدوا بأنفسهم، أي ليمتنعوا عن الاتّكال على أنفسهم، أي ليتحمّلوا في العالم، من أجل المسيح، كلّ الإهانات التي سيوجّهها إليهم العالم. فليحبّوه، هو الوحيد الذي لا يخيّب الآمل، الوحيد الذي لا يُخدع، الوحيد الذي لا يخطئ. فليحبّوه لأنّ ما يعد به صحيح. لكن لأنّه لا يفي بوعده فورًا، يترنّح الإيمان؛ استمرّ، ثابر، تحمّل، اقبل هذا التأخير وتكون قد حملت صليبك.