رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من غشنا فليس منا.. إنذار لطالب الثانوية العامة "الغشاش"

كيف لطالب أن يبدأ حياته الجامعية وهى مبنية على الغش بعد حصوله على مجموع يؤهله لإحدى كليات القمة، أو أي كلية أخرى نتيجة اعتماده على الغش والتدليس.. كيف لأسر هؤلاء «الغشاشين» أن يسمحوا لأبنائهم بارتكاب هذه الجريمة؟.. كيف يأمن المجتمع على وظائف مرموقة لخريجين أسسوا حياتهم على الغش وسرقة مجهود زملائهم المجتهدين؟ 
لفت انتباهي قرار وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، إعادة امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة 2024 بإحدى لجان محافظة الدقهلية، وذلك بعد انتشار فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وإثبات واقعة قيام إحدى أولياء الأمور بتغشيش الطلاب وهى تقف بجوار سور المدرسة.. هذه الواقعة تذكرنا بمشهد فيلم «اللمبي وخالتي فرنسا.. أزمة الغش تبدأ من الأسرة التي تحرص كل الحرص على أن يحصل الابن على ما لا يستحقه من درجات، بالطبع ليس كل أولياء الأمور يرحبون بمثل هذه الجريمة وهى جريمة الغش في الامتحانات، ثم يأتي بعد ذلك دور المعلم الذي تسول له نفسه السماح بالغش، سواء كان المعلم مراقبًا داخل اللجنة أو مشرفًا على لجان الامتحانات أو المدرس الذي يكتب الإجابة من خارج المدرسة... هذه الجريمة وهى الغش في امتحانات الثانوية العامة أو أي شهادة أخرى من تعليم فني أو مراحل تعليمية مختلفة هى جريمة يعاقب عليها القانون، والمجرمون كُثر يسمحون بانتشار هذه الظاهرة. 
نتذكر معًا الانتقادات الواسعة والتعليقات على نتيجة إحدى كليات الطب 2023 بمحافظة أسيوط، حيث بلغت نسبة النجاح في السنة الأولى أقل من 40%، وأشارت التعليقات على النتيجة لعدم استحقاق هؤلاء الطلاب وعبورهم لإحدى كليات القمة بسبب الغش أثناء تأديتهم امتحانات الثانوية العامة، وتعمد رواد التواصل الاجتماعي نشر نتيجة مدارس هؤلاء الطلاب وحصولهم جميعًا على درجات تؤهلهم لكليات القمة.. كانت النتيجة رسوب 60% في كلية الطب.. وقبل سنوات اعتمدت طب المنصورة نتيجة 1200 طالب وحصولهم على درجة الصفر في مادة الجراحة. 
مثل هذه النتائج لا يجب أن تمر مرور الكرام، ولا نخجل من مواجهتها ودراسة هذه الظاهرة وإن كانت ظاهرة الغش الجماعي في امتحانات الثانوية العامة السبب الرئيسي لتأهيل هؤلاء الطلاب لكليات القمة التي لا تخضع لاختبار قدرات شخصية ويبقى مجموع الدرجات الكلي الذي يحصل عليه الطالب هو المعيار الوحيد لالتحاقه بالطب والهندسة.
بالبحث عن موقع المدرسة التي تم إلغاء نتيجة امتحان الكيمياء بقرار وزاري تبين أنها قرية مترامية الأطراف بعيدة عن سيطرة الأمن إلى حد ما، وهذا يدفعنا لسؤال أهم إذا كانت لجان امتحانات الشهادات العامة تتم تحت إشراف الأجهزة الأمنية التي تشكل كردونًا محكمًا حول حرم اللجان أثناء التوقيت المخصص لتأدية الامتحانات، هنا يكون السؤال البديهي كيف يتسنى لأهالي الطلبة تسريب الإجابات إلي داخل اللجان أو بثها عبر مكبرات صوت تصل إلى أذان الممتحنين في أماكن جلوسهم؟.. كل هذه الخروقات تتم على مرأى ومسمع  من الجميع، إلا من رحم ربي وأصحاب الضمائر الإنسانية التي ترفض أن يسرق مجهود آخرين من أجل ثلة تتعمد تجاوز القانون والأخلاق. 
الإجراء الذي تم به إلغاء مادة الكيمياء وإعادة امتحان لطلاب المدرسة الذين ثبتت إدانتهم يجب أن يكون قاعدة عامة لمن تسول له نفسه ارتكاب جريمة الغش في الامتحانات وسرقة مكان في إحدى الكليات هو مكان لطالب آخر مجتهد تم حرمانه من أن يلتحق بكلية هو أحق بها، 
نتمنى أن يتقدم أحد أعضاء البرلمان -حين عودته- بطلب إحاطة أو مشروع قانون ينظم هذه القضية التي يعاني منها كل طالب مجتهد حريص على دروسه وفهمه للمواد ثم يأتي من لايستحق أو بالأحرى طالب غشاش سمح لضميره بأن يسرق مجهود طالب يستحق.
رسالتي الأهم إلى أولياء الأمور كيف تسمح لابنك أو بنتك أن تبدأ حياتها الجامعية بالغش والتدليس؟.. كيف تأمن لابنك في حياته العملية أن تكون حياة جادة مخلصة؟.. عزيزي ولي أمر «الطالب الغشاش» حين يصبح طبيبًا أو مهندسًا أو أي مهنة أخري هل تأمن على ضميره العملي الذي سمح له يومًا ما أن يحصل على درجات لايستحقها؟؟!!