تهنئة ميتسولا
على خلفية ضغوط اليمين القومى، الذى عزز حضوره، وقوّته، بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة، أعيد انتخاب روبرتا ميتسولا، منتصف الشهر الماضى، رئيسة للبرلمان الأوروبى، لفترة جديدة، واتصل بها الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، أمس الأول، الخميس، لتهنئتها، وتقديم الشكر لها عن دعمها مصر وتفهمها لما تشهده من تحديات مرتبطة بالصراعات والنزاعات المتزايدة فى المنطقة وآثارها الاقتصادية والأمنية، ونقل لها دعوة الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، لزيارة مصر.
روبرتا ميتسولا، Roberta Metsola، من الأعضاء البارزين فى «الحزب الوطنى» المالطى، و«حزب الشعب» الأوروبى، «يمين الوسط»، وبتوليها رئاسة البرلمان الأوروبى، فى يناير ٢٠٢٢، إثر وفاة رئيسه السابق ديفيد ساسولى، صارت ثالث امرأة تشغل هذا المنصب، وكانت أول زعيمة لمؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبى تزور كييف، بعد الأزمة الأوكرانية. كما واجهت، بشجاعة، فضيحة اعتقال إيفا كايلى، نائبتها السابقة، لاتهامها فى وقائع فساد عديدة، من بينها تلقى رشاوى وغسل أموال، وتشكيل منظمة إجرامية قدمت مبالغ مالية كبيرة وهدايا قيمة لمسئولين أوروبيين، وأعضاء آخرين فى ذلك البرلمان.
ما تشهده العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى من تطور غير مسبوق بعد ترفيعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، استعرضه وزير الخارجية مع رئيسة البرلمان الأوروبى، مؤكدًا أن مصر تهدف من هذه الشراكة إلى تعميق جميع أوجه التعاون بين الجانبين، الذى انعكس فى انعقاد مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، فى يونيو الماضى. ولعلك تعرف أن هذا المؤتمر شهد توقيع ٢٩ اتفاقية ومذكرة تفاهم قيمتها ٤٩ مليار يورو مع شركات تابعة للاتحاد الأوروبى، و٦ اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة ١٨.٧ مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى، سواء كانت أوروبية، غير تابعة للاتحاد، أو من جنسيات مختلفة.
اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى، تم توقيعها منتصف ٢٠٠١، ودخلت حيز التنفيذ فى يناير٢٠٠٤. غير أن العلاقات بين الطرفين بدأت تأخذ منحنى جديدًا، منذ سنة ٢٠١٥، وصولًا إلى توقيع الإعلان السياسى المشترك، لترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، خلال «القمة المصرية الأوروبية»، التى استضافتها القاهرة، فى مارس الماضى، وجمعت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص، إيطاليا، اليونان، النمسا، وبلجيكا.
ترفيع العلاقات، وصفته أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وقتها، بأنه إنجاز جديد، وأكدت، فى حسابها على شبكة «إكس»، أن أهمية العلاقات بين الجانبين ستزداد بمرور الوقت، نظرًا لـ«ثقل مصر السياسى والاقتصادى وموقعها الاستراتيجى فى منطقة مضطربة للغاية». وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن أولويات الشراكة المصرية الأوروبية الجديدة، المستمرة حتى سنة ٢٠٢٧، تم اعتمادها فى يونيو ٢٠٢٢، وأداتها المالية الرئيسة هى آلية «الجوار والتنمية والتعاون الدولى الجديدة»، NDICI، التى تستهدف توفير أكبر حصة تمويل خارج الاتحاد، ضمن برنامج طويل الأجل.
استنادًا إلى تلك الآلية، اتفق قادة دول الاتحاد الأوروبى، خلال مراجعة الميزانية الأوروبية النصفية، فى فبراير الماضى، على توجيه مخصصات مالية إضافية لدعم دول الجوار، التى من بينها مصر. ومن هذا المنطلق، أعرب وزير الخارجية، خلال اتصاله التليفونى برئيسة البرلمان الأوروبى، عن تطلعه إلى استمرارها فى القيام بدورها، الذى وصفه بـ«القيادى والرائد»، فى دعم الشراكة المصرية الأوروبية، داخل أروقة البرلمان، خاصة خلال فترة مناقشات حزمة التمويل الأوروبية لمصر.
.. وتبقى الإشارة إلى أن البرلمان الأوروبى ليس له أى تأثير رسمى، نظريًا أو فعليًا، على السياسات الداخلية أو الخارجية للدول الأعضاء، ولا يملك المبادرة التشريعية، أو سلطة اقتراح مشاريع القوانين، ولا يمكنه الاعتراض على الاتفاقيات و... و... وتأسيسًا على ذلك، لم يكن له أى دور، مثلًا، فى التصدى لمشكلات العنصرية والتمييز فى المجتمعات الأوروبية، ولم يفعل شيئًا لمساعدة الجياع والمشردين، ولم يستطع اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة الإرهاب وعنف الشوارع وجرائم الحض على الكراهية، وحماية حقوق وحريات الأوروبيين، الذين من المفترض أنه يمثلهم، ويكلّفهم حوالى مليارى يورو سنويًا!