إسلام الكتاتنى: محاولة الجماعة تغيير الهوية المصرية دفع الشعب لـ«30 يونيو»
قال إسلام الكتاتنى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن نزول الشعب المصرى ضد حكم جماعة الإخوان فى 30 يونيو ٢٠١٣ كان بسبب محاولة الجماعة تغيير هويته المصرية، اعتمادًا على الدعم الغربى و«الهالة المصنوعة» حول قوة الجماعة فى الشارع، رغم أن العدد الحقيقى لعناصر التنظيم الإخوانى لم يكن يزيد على ٣٠٠ ألف شخص.
ووصف «الكتاتنى»، خلال الجزء الثانى من حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، البرلمان الإخوانى، بأنه كان «سيرك هزليًا»، فيما كان حكمهم يسير بالبلاد نحو حرب أهلية، موضحًا أن الدولة المصرية انتصرت فى معركتها ضد التنظيم، الذى أصبح هشًا ومفككًا، لكنها لم تنتصر بعد فى معركتها ضد أفكار الجماعة وفى معركة تحقيق الوعى، لمواجهة المؤامرات التى تتعرض لها مصر، والأكاذيب والشائعات التى تعمل الكتائب الإلكترونية على بثها ليلًا ونهارًا، انتظارًا لفرصة القفز إلى المشهد من جديد.
■ كيف رأيت تحرك الإخوان للاستيلاء على الحكم بعد ثورة يناير؟
- المحطة الأخطر فى تحركات الإخوان، التى رسّخت لدىّ يقينًا بأن الأمر سيذهب إليهم، هى «جمعة قندهار» فى يوم ٢٩ يوليو ٢٠١١، ففى هذا اليوم قام الإخوان، بالاتفاق مع السلفيين والجماعة الإسلامية، بالتنسيق لجمع أكبر حشد ونزول ميدان التحرير، ليكون يومًا عنوانه استعراض القوة.
ووقتها كنت معتصمًا فى ميدان التحرير مع مجموعة «بنحب البلد دى»، ومنذ الليل رأيت الإخوان وهم يدخلون بمجموعاتهم، وكانوا مرتبين ومنظمين، ورأيت السلفيين وكل الفصائل الأخرى، وأصبح الميدان ممتلئًا بهؤلاء الذين لديهم غياب لفكرة الوطن.
واستعراض القوة هذا كان رسالة للشعب المصرى والغرب المخطط تقول إن الإخوان هم القادمون، وكنت أسمع هذا الكلام فى الميدان من أناس لا ينتمون للجماعة، وكانوا يقولون: «خلاص خلصت ورايحة للإخوان».
■ هل ترى أن الشباب والمجموعات السياسية والثورية أخطأوا فى قراءة المشهد بعد الثورة؟
- من ضمن الأخطاء التى وقع فيها رموز ٢٥ يناير الذين دعوا الناس للنزول عدم تخطى هذه اللحظة، فيناير صنعت لمعانًا لهؤلاء الشباب، لكن حاليًا مرت ١٣ عامًا عليها، وهناك مواقف كثيرة كانت كاشفة، ومن المفترض أن يتبين لهم حقيقة الوضع والمشهد، لكنهم للأسف الشديد لم يتخطوا هذه اللحظة، ويقولون لك: «إنتوا لسه بتتكلموا عن المؤامرة الكونية؟».
والحقيقة هى أن هناك مؤامرة على مصر، ومصر على مدار التاريخ تتعرض لمؤامرات، لأنها تتميز بالموقع الجغرافى والحضارة العظيمة، لذا لا بد من أن تكون هذه الدولة بمكوناتها تحت السيطرة، والعين تكون عليها، فما بالك بأن تُفسد مصر مخططًا مرسومًا للمنطقة، وهو مخطط «الشرق الأوسط الكبير»، وتمنع فكرة تقسيم مصر، فى حين أن المناطق والبلاد فى محيط الدولة المصرية ملتهبة ومصر صامدة.
وأرى أن إنكار ذلك للأسف الشديد هو مراهقة سياسية، وليس عيبًا أن نعيد القراءة، ونرى الموقف بشكل صحيح، وأن تقول: نعم لقد كنت مخطئًا، وتصحح المسار لتكون متسقًا مع ذاتك، لكن بعض رموز ثورة ٢٥ يناير وقعوا فى خطأ تضخم الذات إلى جانب الجرى وراء المصالح الضيقة، وهم دائمًا يتباكون على يناير، لكن يجب أن تحاسب نفسك، و«ليه متعملش مراجعات نقدية وتعرف لماذا فشلت؟»، لكن «كل واحد تكلمه من نشطاء يناير تشعر بأنه (جيفارا)، إيه يا جماعة؟، عادى كلنا شاركنا وفيه ٢٠ مليون نزلوا الميادين، هو إنتوا بس اللى شاركتوا؟».
وكان ذلك من بين الأسباب التى شوهت يناير، والنشطاء هم أول ناس أسهموا فى تشويه ثورة يناير التى شارك فيها ملايين المصريين للمطالبة بمطالب مشروعة، لأننا وللأسف الشديد، وبعد مرور الوقت، اكتشفنا وجود أجندات خارجية وتمويل، لكن فى اللحظة التى حدثت بها الثورة كانت العاطفة تأخذنا والشعارات البراقة، وكان هناك نوع من المراهقة السياسية، لكننا أدركنا ذلك لاحقًا، وأتمنى من بعض نشطاء يناير أن يراجعوا أنفسهم.
■ بالوصول إلى مرحلة انتخابات البرلمان ثم الرئاسة.. كيف كنت تتحرك فى تلك الفترة؟
- كنت أدرك تمامًا خطورة وصول جماعة الإخوان إلى السلطة، وكنت أرى أنها فى طريقها إلى ذلك، لأن الطريق كان ممهدًا ومفتوحًا، ولم تكن هناك قوة منظمة فى ذلك الوقت، كما كان هناك داعم غربى يدعم الجماعة.
ومن ضمن اللقطات التى رصدتها قبل انتخابات البرلمان «أحداث محمد محمود»، وقد سمعت وقتها مقولات مثل «إيه اللى منزلها؟» و«عباية بكباسين وإيه اللى وداها هناك؟»، وهذا جعل بعض الناس يدركون أن الصورة الحقيقية لجماعة الإخوان ليست تلك الصورة الوردية المرسومة لها منذ بداية نزولها فى ثورة يناير، وبعض الناس وقتها بدأوا يدركون أن الإخوان سلوكهم مش تمام، وأنهم ليسوا مع الثورة، بل يشوهونها، بالإضافة إلى فكرة العنف.
و«أحداث محمد محمود» كانت فى نوفمبر ٢٠١١، وكانت هناك قبلها جمعة فى أكتوبر شهدت أحداث عنف واستخدامًا للعنف بين المتظاهرين والإخوان، وبدأنا نرصد أن الإخوان سلوكهم مختلف ويبحثون عن مصالحهم فقط، وصورتهم بدأت تظهر إلى أن اتضحت تمامًا بتولى محمد مرسى الرئاسة.
وجماعة الإخوان طوال ٩٠ عامًا كانت تلعب لعبة المظلومية، وتقدم مجموعة من الخدمات للجماهير، عن طريق الجمعيات الخيرية والنقابات المهنية وخدمة الأعضاء، والصورة الوردية المرسومة عند جماهير الشعب المصرى هى أن الإخوان «بتوع ربنا» وأنهم جماعة ربانية وناس أخلاقهم حلوة، لكن الحقيقة بدأت تتضح رويدًا رويدًا لجماهير الشعب، من خلال الممارسة السياسية، ومن الجيد أنهم وصلوا للسلطة، لأن وجههم الحقيقى انكشف.
■ كيف رأيت أداء الإخوان فى البرلمان؟
- أداء جماعة الإخوان فى البرلمان كان هزليًا، وكلنا رأينا السيرك الذى كان يحدث، وأقل ما يمكن أن يقال عن الإخوان هو أنهم «مراهقون سياسيون»، فلا يمكن أن يكون ذلك هو سلوك أعضاء فى مجلس الشعب، وقد شهدنا وقتها العديد من المواقف، مثل من يرفع الأذان فى المجلس، وأمورًا لا تليق بأن يكون ممثل الشعب المصرى بهذا السلوك.
وقد بدأت وقتها مرحلة جديدة للجماعة، فقد بدأت بمجلس الشعب وصولًا إلى الرئاسة، وكنت مقاطعًا أثناء الجولتين فى تلك الانتخابات، لأن الممارسة السياسية لجماعة الإخوان لا تتسم بالشرف أو الأخلاقيات.
■ ما تقييمك لقوة الجماعة شعبيًا على أرض الواقع؟
- جماعة الإخوان لم تكن لديها قوة شعبية على أرض الواقع، كما كانت تروج طوال الوقت، وفى العام الذى شهد حكم الإخوان للدولة المصرية كان عددهم الحقيقى حوالى ٣٠٠ ألف شخص، منهم ٥٠ ألف «أخ عامل»، أما الباقى فهم من الدرجات التنظيمية، لكنهم حاولوا الترويج إلى أن أعدادهم تصل إلى ملايين الأشخاص.
وإذا أضفنا على هذا الرقم أعداد تنظيم السيدات والأطفال والمتعاطفين سيصل العدد إلى ٢ مليون مواطن فقط، لذا كانوا يعتمدون فقط على الهالة الكبيرة التى يحاولون صناعتها، وذلك نتيجة قدرتهم على الحشد والقدرة التنظيمية، فيتضح أمام الناس أن هناك شعبية كبيرة لديهم.
ولذلك، حين تقول لهم إن هناك ٣٣ مليون مواطن مصرى خرجوا ضدكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، يقولون لك إن الشعب معهم وليس ضدهم، ويحاولون دائمًا الترويج إلى أن هذا العدد الضخم الذى حُشد فى مختلف ميادين مصر كان قد تم تزييفه ببرنامج «فوتوشوب»، ولكن الحقيقة أنه كان هناك دعم غربى للإخوان فى مصر، فضلًا عن التمويل والقدرة على الحشد والتنظيم، كما أنهم استغلوا حالة الفوضى والمناخ العام خلال تلك الفترة، الأمر الذى أسهم فى وصولهم للحكم بتلك الطريقة الملتوية.
■ ما كواليس مشاركتك فى مظاهرة «الثلاثاء العظيم» ضد الإخوان؟
- موقفى من جماعة الإخوان كان معلنًا وواضحًا حتى قبل وصولهم الحكم فى مصر، ولكن كانت هناك نقطة فاصلة فى العلاقة معهم بعد «الإعلان الدستورى» مباشرة، وتحديدًا فى يوم ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢، وقد أعلنت عن موقفى حينها بشكل مباشر أمام مبنى ماسبيرو.
وكانت تلك بداية الحراك الحقيقى للاعتراض على جماعة الإخوان من قبل النخبة المصرية، ونزول الجماهير إلى الشارع، عقب إعلان محمد مرسى «اللا دستورى» فى نوفمبر ٢٠١٢، الذى أعطى بموجبه لنفسه صلاحيات مطلقة، وكأنه إله يحكم فى الأرض لا يوجد عليه حسيب أو رقيب، من خلال حكمه الثيوقراطى والمطلق والاستبدادى باسم الدين، ما جعل الناس تدرك أننا نسير نحو الكارثة.
وبناء على ما سبق، تم تشكيل «جبهة الإنقاذ»، ودعت لأول مظاهرة كبيرة ضد الإخوان، وعرفت باسم مظاهرة «الثلاثاء العظيم»، وكانت فى يوم ٤ ديسمبر ٢٠١٢، واليوم التالى من ذلك التاريخ شهد «مذبحة الاتحادية»، وشاركت بنفسى فى تلك المظاهرة بميدان التحرير، وتوجهنا بعد ذلك إلى مبنى ماسبيرو، وحينها طلب أحد الصحفيين إجراء حوار معى، وتحدثت معه بمنتهى الشفافية، وكشفت عن أهم أسرار الإخوان فى ذلك الوقت، وأنهم أتوا بإرادة أمريكية، وأن من يحكم مصر هو مكتب الإرشاد وليس محمد مرسى.
وبعدها، قام الصحفى بنشر ذلك الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعى، بعنوان: «إسلام الكتاتنى ينشق عن الإخوان»، رغم أننى خرجت عنهم منذ عام ٢٠٠٩، الأمر الذى ساعد بشكل أكبر فى انتشار ذلك الفيديو كالنار فى الهشيم، وأحدث ضجة واسعة بين الأوساط السياسية والصحفية.
■ هل أسهمت تلك الأحداث فى زيادة الرغبة الشعبية فى التخلص من حكم الجماعة؟
- الشعب المصرى نزل فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لأن جماعة الإخوان أرادت تغيير هويته، وليس بسبب أزمات معيشية أو أى أسباب أخرى، كما ادعت الجماعة، فالسبب الحقيقى كان يكمن فى رغبة الإخوان الرئيسية فى تغيير صبغة الشعب التى عُرف بها طوال تاريخه، وحتى الدول التى احتلت مصر من قبل لم تجرؤ على ذلك، وفشلت فشلًا ذريعًا فى تغيير الهوية المصرية.
والجماعة استخدمت العنف ضد كل من اعترض على حكم رئيسها محمد مرسى، كما رأينا على سبيل المثال فى «مذبحة الاتحادية»، حين تمت مداهمة وحرق خيام المعتصمين باستخدام أسلحة نارية وميليشيات إرهابية، وكان من المستحيل أن تكمل مصر هذا الطريق والسير نحو حرب أهلية.
وشخصية محمد مرسى لم تكن مقنعة تمامًا للشعب المصرى، كما أننا كنا نعلم جيدًا أن من يدير الدولة هو مكتب المرشد وخيرت الشاطر، وكل تلك العوامل جعلت الشعب المصرى يتخذ قرارًا لوضع حد لهذه الجماعة الإرهابية، ولذا ظهر ذلك التفاعل الواسع من قبل الشعب المصرى مع حملة «تمرد».
■ ما كواليس توقيعك استمارة «تمرد» على الهواء مباشرة؟
- وقّعت على استمارة «تمرد» على الهواء مباشرة فى أوائل يونيو ٢٠١٣، حين كنت ضيفًا مع الإعلامى يوسف الحسينى، وتعمدت فعل ذلك لأتحدى جماعة الإخوان أمام الجميع، وأقول لهم إننى من كنت برفقتكم يومًا ما أعلن الآن عن تمردى عليكم وعلى هذه الجماعة، وذلك كان موقفًا من ضمن المواقف التى أفتخر بها.
وخيرت الشاطر كان وقتها الآمر الناهى فى جماعة الإخوان، كما أنه كان السبب الرئيسى فى عدم استجابة سعد الكتاتنى لطلب اللواء محمد العصار، وقتها، بشأن حضور اجتماع ٣ يوليو ٢٠١٣، الذى يعنى أنه لم تكن هناك رغبة فى استبعاد الإخوان كحزب سياسى، أو الدخول فى صدام معهم بعد عزل محمد مرسى، وتأكيدًا لهذا الحديث رأينا العديد من الفرص التى أعطاها لهم الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد ٣٠ يونيو.
ولنتذكر خطاب الرئيس المعزول محمد مرسى، الذى كرر فيه كلمة «الشرعية» أكثر من خمسين مرة، وقال فيه أيضًا: «الشرعية دونها دمى»، وهو بهذه الجملة أراد أن يقود الدولة نحو حرب أهلية، فهذه الكلمة ليس لها معنى إلا «أنا يا قاتل يا مقتول»، وهو أراد أن يرسخ لمفهوم «يا نحكمكم.. يا نقتلكم».
وهنا، برز دور الجيش المصرى، وهو الدور الوطنى المعروف على مر التاريخ، الذى تمثل فى فض الاشتباك بين شخص بجماعته يريدون جر البلاد نحو الحرب الأهلية، وبين الشعب المصرى المسالم الأعزل الذى ليس معه سلاح يدافع به عن نفسه.
ودور الجيش المصرى هو حماية أمن الدولة المصرية، وما قام به الجيش فى ثورة ٣٠ يونيو هو نفسه ما قام به فى ثورة ٢٥ يناير، التى استمر المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد بعدها لمدة ١٨ شهرًا.
■ قضيت ١٠ سنوات فى الجماعة وتعرف التكتيكات التى تستخدمها.. فهل توافق على أنها هى من ابتدعت فكرة الحديث عن «تعليق الأخطاء على شماعة الإخوان» وأنهم لم يعودوا موجودين رغم أنهم يعملون ويحاولون استعادة ما كان؟
- جماعة الإخوان هى من تلقى بفكرة أن الإخوان انتهوا، وأنهم لم يعودوا موجودين، حتى يخفوا رغبتهم وتحركاتهم للعودة إلى المشهد من جديد.
من جانبى، أرى أن الدولة المصرية فى معركة مع جماعة الإخوان من ثلاثة مناحٍ، هى: معركة التنظيم، ومعركة الأفكار، ومعركة الوعى أو المناوءة السياسية.
وبالنسبة للمعركة الأولى، أرى أن الدولة المصرية نجحت فى معركة التنظيم، واستطاعت تحجيمها من خلال المواجهة المسلحة عقب ثورة ٣٠ يونيو، والجيش تولى الضربة بالنيابة عن الشعب المصرى، وتلقاها بصدر رحب، وهو دوره الوطنى المنوط به، وهذا لا يعنى أنه لا يوجد إخوان فى مصر، لكن الإخوان الذين قاموا بعمل ممارسات شغب وإرهاب فى الدولة تتم محاكمتهم، ومن بقى هم من يعملون ضمن اللجان الإلكترونية.
أما عن معركة الأفكار، فهى من المعارك الخطيرة جدًا، فهناك أفكار مثل «الحاكمية» و«الجاهلية» و«العزلة الشعورية» و«الطليعة المؤمنة» و«التكفير» و«الوطن حفنة من تراب»، وأفكار حسن البنا وما يقوله مثل أن «الخلاف الذى بيننا وبينهم أنهم يعتبرون الوطن بالحدود الجغرافية ولكننا نعتبرها بالعقيدة»، وبذلك هم ضد فكرة الوطن تمامًا، فى حين أننا نعمل على ترسيخ فكرة الوطن والمواطنة، وكل هذه الأفكار البائسة لا بد من مواجهتها.
أما المعركة الثالثة فتتمثل فى الوعى والمناوءة السياسية، نحن نرى الإخوان طيلة الوقت، منذ ٣٠ يونيو وحتى هذه اللحظة، يعملون على ترويج الأكاذيب والشائعات من خلال عدة أدوات يستخدمونها حاليًا.
■ ما محددات مستقبل جماعة الإخوان من وجهة نظرك؟
- هناك أربعة محددات لمستقبل جماعة الإخوان، أول هذه المحددات يتمثل فى وضع قيادات الإخوان الموجودة فى السجون، وهى القيادات المعترف بها من كل فصائل التنظيم الموجودة حاليًا، والمحدد الثانى يتمثل فى وضع النظام المصرى الحالى، والله يحفظ لنا الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمحدد الثالث يتمثل فى الداعم الغربى ومدى استخدامه هذه الورقة أو عدم استخدامه لها، أو تبطيئها أو استبدالها، أما المحدد الرابع فيتمثل فى صمود الشعب المصرى وعدم الانسياق وراء جماعة الإخوان، أو التأثر بمحاولات ابتزازه عاطفيًا.
وعلى المستوى التنظيمى، فإن التنظيم فى أسوأ حالاته، وهو مفكك ومهلهل، وهناك حاجز وجدار قوى جدًا بين الإخوان والشعب المصرى، وكذلك فى المنطقة العربية، حتى إن بعض الدول الأوروبية بدأت تتخذ إجراءات ضد هذه الجماعة.
■ فى عقود سابقة كانت المواجهة بين الجماعة والسلطة أو النظام وكان يوجد تعاطف من الشعب.. لكن هذه المرة لم تفطن الجماعة إلى أن الصدام حدث مع الشعب بعد أن رأى ممارساتها وعنفها ما أحدث معها قطيعة نفسية.. فهل يفطن الإخوان لذلك أم أن هناك حالة من الإنكار؟
- لدى الإخوان حالة من الإنكار والغرور والتعالى وعدم قبول فكرة المراجعات، فالإخوان يرون أنفسهم لا يخطئون، وهم لا يقبلون فكرة الاعتذار أو أنهم أخطأوا فى حق هذا الشعب وحق هذا الدين، ولن تجد واحدًا من الإخوان يخرج ويقول: «أنا غلطان».
والإخوان لم يتركوا أقل القليل من الذى يمكن للشعب من خلاله أن يختلق لهم العذر، ويقولون: «يمكن الناس دى غلطت وهتراجع أخطاءها»، بل على العكس من ذلك، فنحن نرى صورة مختلفة تمامًا عندما يأتى نشطاء من الذين بدأوا يتعاطفون مع الإخوان حاليًا ويقولون لنا إنه لا بد أن نتوب من ٣٠ يونيو، وبالتالى فهم يحولون الفعل السياسى ويُلبسونه رداءً دينيًا مرة أخرى، وإذا كان هذا تفكير المتعاطفين مع الإخوان.. فما بالك بتفكير الإخوان أنفسهم؟
وهناك مسألة إلهية لا يفطن إليها الإخوان، وتتجلى فى قوله تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا».
ولو افترضنا أن جماعة الإخوان جماعة دينية حقيقية، فالإيمان والعمل الصالح هما من السمات الواضحة التى ينبغى أن تتسم بها، لكن الإخوان يتاجرون بالشعارات الدينية، حتى إن هناك من ادّعى منهم أن «مرسى» رأى الرسول.
وأقول لهم: «يا جماعة عيب عليكم.. أنتم لم تتركوا للشعب فرصة أبدًا ليقول عفا الله عما سلف»، فالإخوان ما زالوا يصرون على بث الشائعات والأكاذيب وانتهاج العنف والإرهاب، وبذلك قطعوا حبال الود مع المصريين، كما ابتعدوا كل البعد عن المواطنة، فأين الوطن فى فكر الإخوان؟، فالذى يشغل كل بالهم هو الجماعة، ولا توجد مصر فى فكرهم أبدًا، ففكرهم هو «يحكمنى مسلم ماليزى ولا يحكمنى مسيحى مصرى».
وفى نهاية حديثى.. أحب أن أقول كلمة من أعماق قلبى، وهى: «الحمد لله أننى خرجت من الإخوان برجلى اليمنى.. غفرانك.. غفرانك».
د. عبدالواحد النبوى يتحدث ل «محمد الباز » فى برنامج «الشاهد
■ ما أبرز أدوات الجماعة لبث الأكاذيب والشائعات؟
- جماعة الإخوان تستخدم عدة أدوات لبث الأكاذيب والشائعات فى الشارع المصرى، على رأس هذه الأدوات مجموعة من القنوات الإعلامية، ومجموعة من «اليوتيوبرز»، وعدد من الصفحات والمواقع الإخبارية، إلى جانب اللجان الإلكترونية، والمنظمات الحقوقية الدولية المتعاطفة مع الإخوان، وشركات للعلاقات العامة التى تلمّع صورتهم، وطبعًا الدعم الغربى، وتحديدًا من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وأيضًا بعض النشطاء السياسيين فى الداخل المصرى.