رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهمة وقف الحرب| لأول مرة.. الفرقاء السودانيون تحت سقف واحد فى القاهرة

مؤتمر القوى السياسية
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية

بدأت فى القاهرة، جلسات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، وذلك فى إطار جهود مصر لبحث سبل إنهاء الصراع السودانى ووقف الأعمال القتالية التى تسببت فى مقتل وإصابة الآلاف، حيث تستضيف العاصمة الإدارية الجديدة، يومى السبت والأحد، المؤتمر الذى يجمع فرقاء السودان لمناقشة وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية والتحضير للمسار السياسى، فى حدث اعتبره مراقبون خطوة لكسر الحاجز النفسى وبناء الثقة بين فرقاء سيجلسون تحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب فى بلادهم قبل نحو ١٥ شهرًا.

ووجهت مصر الدعوة لأكثر من ٥٠ من قيادات القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وشخصيات قومية ورجال دين وإدارات أهلية. ووفقًا لخطاب الدعوة، فإن المؤتمر سيستمع، خلال جلسات متوازية، إلى رؤى القوى المدنية والسياسية بشأن التداعيات السلبية للصراع الراهن فى السودان، وسبل معالجته، وطبيعة الاحتياجات المطلوبة للمتضررين، وكذلك إلقاء الضوء على محددات الحوار السياسى السودانى- السودانى.

وأكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، السفير بدر عبدالعاطى، أهمية العمل للتوصل إلى وقف فورى ومستدام للعمليات العسكرية فى السودان، وذلك حفاظًا على مقدرات شعبه، حتى تتمكن مؤسسات الدولة من الاضطلاع بمسئولياتها تجاه مواطنيها، مشددًا على ضرورة التوصل إلى حل سياسى شامل يستجيب لآمال وطموحات الشعب السودانى.

وأعرب- خلال افتتاحه المؤتمر بحضور ممثلى تلك القوى، والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى، وعدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان- عن شكره جميع الحضور وقبول الدعوة الموجهة إليهم من مصر للمشاركة فى هذا المؤتمر المهم، قائلًا إن مصر حرصت على استضافة هذا المؤتمر لمناقشة الأوضاع المأساوية الحالية فى السودان الشقيق.

وأضاف أن هذا المؤتمر ينعقد فى لحظة تاريخية فارقة من عمر السودان الشقيق يمر خلالها هذا البلد، الجار العزيز والعظيم، بأزمة عميقة لها تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار فى القارة الإفريقية وعلى العالم أجمع وعلى دول جوار السودان بشكل خاص، باعتبار أنها الدول الأشد تأثرًا بهذه الأزمة، موضحًا: «ليس خافيًا على أحد خطورة الأزمة الراهنة التى يواجهها السودان الشقيق وتداعيات الاقتتال الدائر منذ ما يزيد على العام، والذى سالت خلاله دماء عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء ونزح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمنًا، سواء داخل السودان أو باللجوء إلى دول الجوار، فضلًا عن الخسائر المادية الجسيمة التى تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة، وتدمير العديد من المرافق الحيوية فى البلاد، ويضاف إلى ذلك العقبات التى تواجه الموسم الزراعى، ما ترتب عليه نقص حاد فى الأغذية، كما أدى الصراع أيضًا إلى تدهور المؤسسات الصحية ونقص فى الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية؛ الأمر الذى أدى إلى تداعيات صحية كارثية على مجمل الأوضاع الإنسانية».

وشدد على أن الوقف الفورى والمستدام للعمليات العسكرية فى السودان سيتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة من مختلف أطراف المجتمع الدولى، وبما يتفق مع فداحة هذه الأزمة الخطيرة، التى تتطلب بطبيعة الحال معالجتها من جذورها عبر التوصل إلى حل سياسى، مشيدًا بالجهد الكبير والموقف النبيل الذى اتخذته دول الجوار للسودان، التى استقبلت ملايين من الأشقاء السودانيين وشاركتهم مواردها المحدودة رغم الأوضاع الاقتصادية العالمية شديدة الصعوبة.

وطالب «عبدالعاطى» كل أطراف المجتمع الدولى بالوفاء بتعهداتها التى أعلنت عن التزامها بها فى المؤتمر الإغاثى لدعم السودان، الذى عقد خلال شهر يونيو ٢٠٢٣ فى جنيف، وكذلك خلال المؤتمر الدولى لدعم السودان ودول الجوار، الذى عقد فى باريس منتصف أبريل الماضى، لسد الفجوة التمويلية القائمة، لافتًا إلى أن مصر تعمل على تكثيف اتصالاتها تفعيلًا لمشاركتها فى مؤتمرى الاستجابة الإنسانية لدعم السودان، والعمل الوثيق مع كل المنظمات الإنسانية متعددة الأطراف، سواء فى جنيف أو نيويورك، وأيضًا مع الدول المانحة من أجل دعم دول الجوار الأكثر تضررًا من التبعات السلبية للأزمة، بما يعزز قدرتها على الصمود ويرفع المعاناة عن كاهل الفارين من النزاع إلى تلك الدول.

وقال إن مصر بادرت باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين فور اندلاع الأزمة فى السودان، حيث وصل عدد السودانيين الذين يعيشون فى مصر إلى ما يقرب من حوالى ٥ ملايين مواطن سودانى. وأضاف أن الحكومة المصرية قدمت مساعدات إغاثية عاجلة، تضمنت مواد غذائية وإعاشة ومستلزمات طبية للأشقاء القادمين من السودان، كما قدمت مصر مستلزمات طبية للمتضررين من النزاع داخل الأراضى السودانية، إضافة إلى استمرارها فى تنفيذ العديد من المشروعات التنموية لتوفير الخدمات الأساسية لهم، كمشروع الربط الكهربائى وإعادة تطوير ميناء وادى حلفا.

وذكر أن مصر ستستمر فى بذل كل ما فى وسعها بالتعاون مع كل الأطراف لوقف نزيف الدم السودانى والمحافظة على مكتسبات الشعب السودانى العظيم، والمساعدة فى تحقيق تطلعاته التى عبّر عنها الملايين خلال ثورتهم المجيدة فى العيش فى وطنهم بأمن وحرية وسلام وعدالة، مؤكدًا أن مصر ستعمل على تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضى المصرية، من خلال التنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية.

وأشار وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج إلى أن النزاع الراهن فى السودان هو قضية سودانية خالصة، وأن أى عملية سياسية مستقبلية ينبغى أن تشمل كل الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية دون إقصاء، وفى إطار من احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه وعدم التدخل فى شئونه الداخلية والحفاظ على الدولة ومؤسساتها.

وقال إن الحفاظ على هذه المؤسسات هدف أساسى وضمانة كبيرة للحفاظ على الدولة السودانية وأمنها القومى وحماية شعبها وتحقيق آماله، كما أن وحدة القوات المسلحة السودانية لها أهمية بالغة أثبتتها التطورات الجارية لدور هذه المؤسسة فى حماية السودان ووحدته والحفاظ على سلامة مواطنيه، ومواجهة أى تهديدات ضد هذه السلامة أيًا كان مصدرها.

وأضاف: «وفى إطار حرص جمهورية مصر العربية على بذل كل الجهود الممكنة لمساعدة السودان الشقيق على تجاوز أزمته الراهنة ومعالجة تداعياتها الخطيرة على شعبه العظيم وعلى أمن واستقرار المنطقة، لا سيما دول الجوار، وانطلاقًا من الروابط التاريخية والاجتماعية والأخوية العميقة التى تربط الشعبين الشقيقين المصرى والسودانى، وتأسيسًا على التزام مصر بدعم كل جهود تحقيق السلام والاستقرار فى السودان- فإننا نستضيف هذا المؤتمر الكريم الذى يضم كل القوى المدنية السياسية فى السودان، وبحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، عبر حوار وطنى سودانى- سودانى يتأسس على رؤية سودانية خالصة».

وتابع «عبدالعاطى»: «إن استضافة مصر هذا المؤتمر يعد استكمالًا لجهودها ومساعيها المستمرة من أجل وقف الحرب الدائرة فى السودان، وفى إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لا سيما دول الجوار للسودان، وأطراف مباحثات جدة والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية ومنظمة الإيجاد والاتحاد الأوروبى».

وأعرب عن تطلعه إلى المشاركة الفعالة من جانب كل القوى السياسية والمدنية السودانية والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وتكاتف الجهود من أجل ضمان نجاح هذا المؤتمر فى تحقيق تطلعات الشعب السودانى الشقيق، موجهًا- فى ختام كلمته- رسالة إلى الشعب السودانى قائلًا: «إن مشاهد الخراب والدمار والقتل التى نراها يوميًا إنما تدمى قلوبنا جميعًا، ونشعر بمعاناة أشقائنا فى السودان ونتألم لألمهم».. داعيًا الله، عز وجل، أن يزيل هذه المحنة فى أسرع وقت ممكن، وسنسعى وبدعمكم وبجهودكم وإخلاصكم، لتحقيق هذا الهدف النبيل، مؤكدًا أن مصر ستظل دائمًا داعمة للجهود الساعية لعودة الاستقرار للسودان الشقيق.