رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلم عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب

دار الإفتاء
دار الإفتاء

قالت دار الإفتاء، عبر صفحتها الرسمية، إن سماع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم وشعورهم به، فمِن المقرَّر أنَّ الإنسان إذا مات، فإنَّ موته ليس فناءً محضًا أو عدَمًا لا حياة فيه، بل هو انتقال من حياةٍ إلى حياة؛ فالميت له إدراك بما حوله يشعر بمَن يزوره ويردُّ عليه السلام إذا سلَّم عليه، وهذا ثابت في نصوص الشريعة.

تلقين الميت وشرعيته

وتابعت "دار الإفتاء"  ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث متعدِّدة: كحديث عَرْض الأعمال على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واستغفاره لنا صلَّى الله عليه وآله وسلم؛ حيث قال: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُحْدِثُونَ وَيَحْدُثُ لَكُمْ. وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ: فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ». رواه البزار في "مسنده"، وصححه جمع غفير من الحفَّاظ؛ كالإمام النووي والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي وغيرهم.
ولأجل هذا المعنى شُرع تلقين الميت؛ ولولا أنه يسمع التلقين وينتفع به لَمَا شُرِعَ ذلك.

 


الإفتاء: الموت ليس فناء محضًا


وأوضحت دار الإفتاء أن الموت في نفسه ليس فناءً محضًا أو عدَمًا لا حياة فيه؛ كما يقول الماديون والملاحدة، بل هو انتقال من حياة إلى حياة، وقد أثبت الشرع أن للموتى إدراكًا، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن سماعهم أشد من سماع الأموات في نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حق موتى الكفار: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» متفق عليه، ودعوى الخصوصية لا دليل عليها، بل وترُدُّها رواية البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ»، وإذا كان الموت لا يحول بين الكفار وبين السمع والإدراك- مع ما هم فيه من سوء العاقبة- فلأن يسمع موتى المؤمنين مِن باب أَوْلى وأحرى؛ وذلك لأن إدراك الروح خارج الجسد أوسع وأقوى من إدراكها وهي داخل الجسد الذي هو عائقٌ لها.

قال الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" (6/ 129، ط. دار الفكر): [اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه: هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم.. وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدّمتين الأولى منهما: أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث متعدّدة؛ ثبوتًا لا مطعن فيه، ولم يذكر صلى الله عليه وآله وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت.

والمقدمة الثانية: هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وآله وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها] اهـ.

الموت في حق الأنبياء والصالحين ارتقاء إلى حياة أكمل ودرجة أسمى


كما أن الموت في حق الأنبياء والصالحين ارتقاء إلى حياة أكمل ودرجة أسمى؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الأنبياء بأنهم أحياء في قبورهم يصلون، كما نص القرآن على حياة الشهداء، في نحو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 154].

وقد جاءت في ذلك كله أحاديث كثيرة:
- كحديث عرض الأعمال على المصطفى واستغفاره لنا صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث قال: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُحْدِثُونَ وَيَحْدُثُ لَكُمْ. وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ: فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ» أخرجه البزار في "مسنده"، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، والديلمي في "مسند الفردوس"، وصححه جمع غفير من الحفاظ؛ كالإمام النووي وابن التين والقرطبي والقاضي عياض والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي في "الخصائص الكبرى"، والمناوي في "فيض القدير"، والملا علي القاري، والخفاجي في "شرح الشفا"، والزرقاني في "شرح المواهب"، وقال الحافظ العراقي في "طرح التثريب": إسناده جيد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.