رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التغيير الوزارى.. هل نشهد ثورة تصحيح جديدة؟

تغيير وزارى، وتفاؤل بسياسات جديدة، ليس تعديلًا وزاريًا، ولكنه تغيير بما تحمل كلمة تغيير من معانٍ، لذلك نرى ضرورة أن تتحدد أولويات المرحلة المقبلة في محورين، الأول هو التوجه المباشر نحو ما يمس حياة المواطن اليومية من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم وغيرها، والاستماع بدقة، بل الإنصات إلى ما يمكنه أن ينقل حياة الشعب المصري نحو الأمام، إذا تم رصد تلك الأجندة، وفي ظني أنها في ذهن القائمين على الأمر، سوف نحتاج وبشدة إلى المحور الثاني، وهو تفعيل الرقابة البرلمانية على أداء وسلوك الحكومة، سواء مجتمعة أو كل وزير على حدة.

الآمال المنعقدة على الحكومة كبيرة وثقيلة، وبقدر الألم يكون الأمل، المقربون من دوائر صنع القرار أرسلوا أكثر من إشارة تفيد بأن الحديث داخل أروقة الدولة يدور حول التغيير الشامل في السياسات وتحسين الأداء الحكومي، ولو صحت تلك الإشارات- وليس أمامنا إلا التسليم بصحتها- سوف نجد أنفسنا أمام ثورة جديدة للتصحيح.

المتابعة والمراقبة والمحاسبة، أدوات أساسية وضمانة رئيسية لنجاح أي خطة حكومية يتم التوافق عليها، لذلك نثمن عاليًا دور البرلمان والأجهزة الرقابية، وكذلك المجالس المحلية حال انتخابها، الهموم المصرية في حاجة إلى تضافر الجهود من أجل إزاحة تلك الهموم، صار الحديث عن الإنجازات حديثًا من الماضي، نعتز به ولكننا لا نعيش عليه، بلادنا في المرحلة المقبلة تنشد الشفافية منهجًا في التعامل بين الحكومة والناس، تحلم بالمسئولية الجماعية التي تجعل كل أطراف المعادلة في موقع الفاعل كي تتحقق الشراكة الكاملة، وتتوقف الحملات الممنهجة التي تقابلنا على مدار الساعة من تشكيك وأرقام مغلوطة يبثها خصوم من الخارج، فتصنع في بلادنا إزعاجًا نحن في غنى عنه.

حكومة جديدة ومنهج جديد لتنفيذ سياسات جديدة تجعلنا نؤكد حضورًا قويًا للدولة في ضرب الاحتكارات والسلاسل الوسيطة بين المنتج والمستهلك، ولذلك نقول إننا شهدنا في المرحلة السابقة انتشارًا كثيفًا لمنافذ توزيع السلع الأساسية للمواطن، هذا إلى جانب السلاسل التابعة لوزارة التموين التي اعتبرها الاقتصادي العظيم الراحل الدكتور أحمد جويلي سلاسل للدفاع عن الأمن القومى المصري، نقول حان الوقت مع التوجه الجديد للحكومة الجديدة أن تكون تلك المنافذ والسلاسل هي الملجأ الآمن للشعب المصري من أجل الحصول على السلعة بسعرها العادل، مع إحكام الرقابة المالية والفنية عليها، الرقابة الصارمة على الأسواق هي الملاذ الوحيد للمواطن البسيط كي يتأكد أن الدولة هي سنده الذي يحميه من السقوط في بلاعات مبالغات أسعار التجار.

ولأن لكل حكومة برنامجًا كنا نسمع عنه في أزمنة سابقة بالخطة الخمسية، وتزامنًا مع ألعاب ارتفاع سعر الدولار الأمريكي، نجد أنه من المناسب ومن اللائق سياسيًا أن نستمع إلى قرارات يدعمها القانون بمنع استيراد كل السلع التافهة والناهبة للرصيد الدولاري في مصر، كل ما يمكن أن يبدعه الصانع المصري في الداخل، يتم حظر استيراده من الخارج، وكان لنا في فوانيس رمضان ومفرقعات العيد وعشرات، بل مئات السلع التي تزدحم بها وكالات الموسكي والعتبة وغيرهما، نحن في غنى عنها، والسوق المصرية أولى بها الصانع المصري المنضبط.

سوف نعرف كل التفاصيل من السيرة الذاتية المرافقة لكل وزير في موقع مسئوليته، حيث لا مكان في مصر الآن إلا للكفاءة المهنية القادرة على العبور بمصر وشعبها إلى بر الأمان، خاصة أننا نعيش مرحلة مرتبكة بالنظر إلى ما يدور حولنا عربيًا وإفريقيًا وعالميًا، وتصاعد الصراعات بشكل غير مسبوق، مَن منا كان يتخيل امتداد حرب روسيا وأوكرانيا كل هذا الوقت، ومَن كان يتوقع الصراع المسلح في غزة واستطالته وانسداد أفق حله، فضلًا عن السودان وليبيا واليمن وانعكاسات ما يدور فيها علينا.

مرحلة جديدة تحتاج عشر حكومات جديدة متداخلة من أجل إنقاذ السفينة المصرية التي تواجه الصعاب وحدها.