رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكتبات المثقفين 32

ماهر زهدى: "عصر الحب" أول كتاب اشتريته وكنت فى الصف الأول الثانوى

ماهر زهدي
ماهر زهدي

تعد المكتبة من أبرز ما تجده في منازل الكتاب والمثقفين، بل تكاد منازل بعضهم تتحول إلى مكتبات يعيشون فيها.

وحول مكتبات المثقفين، وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم، وهل يعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور تقدمها "الدستور" في سلسلة حوارات مكتبات المثقفين.

وفي الحلقة الـ32 من حلقات سلسلة حوارات مكتبات المثقفين، يحدثنا المؤرخ الفني الكاتب ماهر زهدي، عن مكتبته وأول كتاب اقتناه، وما الكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، وأهم الكتب في مكتبته وغير ذلك.

متى اشتريت أول كتاب؟ 

قبل أن أشتري الكتب، تعلمت أولا عادة القراءة في غير الكتب الدراسية، من خلال والدتي عليها رحمة الله، رغم أنها لم تكن تجيد القراءة أو الكتابة، كانت حريصة جدا على أن تشتري لي الجرائد اليومية، وأنا في سن عشر سنوات، بعد وفاة والدي رحمه الله، ثم بدأت بشراء كتب الأطفال "ميكي جيب" التي كانت تصدر عن "دار الهلال"، ثم قصص أجاثا كريستي البوليسية، بعدها بدأت القراءة في الكتب التي تركها والدي رحمه الله، وكانت أغلبها كتب تراثية، كانت صعبة الفهم على طالب في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية، لكني كنت مستمتعا جدا بها، خاصة كتب السير، ومن خلالها أحببت عادة القراءة، ثم كان أول كتاب حقيقي اشتريته، في إجازة صيف الصف الأول الثانوي، وكانت رواية "عصر الحب" للكاتب العالمي نجيب محفوظ، بعدها كنت أحاول البحث عن الجديد في الكتب، وبدأت متابعة معرض القاهرة الدولي للكتاب وأنا في الصف الثاني الثانوي، وكنت أشتري في البداية الكتب "رخيصة الثمن" حتى أستطيع أن أشتري أكبر عدد من الكتب، واستطعت تكوين مكتبة ضخمة من السلاسل الأدبية من الهيئة المصرية للكتاب، ودار المعارف، ودار الهلال، وبالتأكيد أيضا من "سور الأزبكية"، وكذلك من خلال المشروع الرائع "مكتبة الأسرة".

 ما أهم الكتب في مكتبتك؟ 

الحمد لله المكتبة لدي متنوعة وأعتقد أنها ثرية بكل ألوان المعرفة، فهي تضم عددا كبيرا جدا من كتب الرواية، لدي العديد من الروايات لأهم كتاب الرواية العرب والأجانب، لدي أغلب روايات نجيب محفوظ، يوسف السباعي، عبدالرحمن الشرقاوي، يحيى حقي، طه حسين، وروايات لبعض الكتاب المعاصرين مثل، إبراهيم أصلان، إبراهيم عبدالمجيد، أحمد صبري أبوالفتوح، وحيد الطويلة، وغيرهم، وفي الشعر لدي دواوين لكثير جدا من الشعراء مثل: أبي الطيب المتنبي، محمود سامي البارودي، أحمد شوقي، عباس محمود العقاد، ومن المعاصرين، أحمد الشهاوي، عزمي عبدالوهاب، مصطفى عبادة، وغيرهم.

أما ركن المسرح في المكتبة، فحدث ولا حرج، بدأ من كتب المسرح مثل، كل أجزاء "المسرحية العالمية"، المسرح الروماني، المسرح اليوناني، نظريات الإخراج، إعداد الممثل، عدد كبير جدا من سلسلة مسرحيات "المسرح العالمي" التي كانت تصدر من الكويت كل شهر، فضلا عن عدد ضخم جدا من المسرحيات العربية، أعمال نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، رشاد رشدي، توفيق الحكيم، محمد تيمور، يوسف إدريس، ألفريد فرج، ميخائيل رومان، نجيب سرور، ترجمات محمد عناني، ومؤخرا ترجمات لروايات وكتب صينية للكاتب والمترجم دكتور أحمد السعيد، كذلك لدي مجموعة مهمة من المسرحيات العالمية، فأنا عاشق للمسرح الروسي وأعمال ديستوفيسكي، أنطوان تشيكوف، تولستوي، كذلك مسرح هنريك إبسن وموليير، وكتب في فن البالية والمكياج والموسيقى، والأوبرات العالمية.

أيضا تضم المكتبة مجموعة كبيرة من الكتب الدينية والسيرة النبوية وتفاسير للقرآن الكريم، والعديد من كتب علم النفس، لسجموند فرويد، مثل موجز في التحليل النفسي، علم النفس المرضي للحياة اليومية، كتاب التحليل النفسي للهيستيريا "حالة دورا"، أيضا مجموعة من كتب الفلسفة لزكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي، كذلك تضم المكتبة العديد من الكتب في الفلك والتشريح، والعمارة، وكتب لوحات الفنانين العالميين ورواد عصر النهضة، وغيرهم.

ما الكتاب الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟

ليس كتابا واحدا.. بل مجموعة كتب من تلك التي يقال عنها "أمهات الكتب"، وهي مجموعة ورثتها عن والدي عليه رحمه الله، كتب في الأدب والسيرة، من بينها نسخة عتيقة من "ألف ليلة وليلة"، وهناك كتاب عن سيرة "عنترة بن شداد"، وكتب في المدائح النبوية، ونسخة قديمة جدا من "كليلة ودمنة"، وأجزاء الأميرة ذات الهمة، كتاب "شخصية مصر" للمفكر جمال حمدان، "القيم الجمالية في العمارة الإسلامية، الفن الإغريقي" للدكتور ثروت عكاشة، الطبعات الأولى من روايات نجيب محفوظ، سلسلة مسرحيات "المسرح العالمي" التي كانت تصدر من الكويت، فمثل هذه النوعية من الكتب لا يمكن الاستغناء عنها أو التفريط فيها، حتى لأعز وأقرب الناس، لأنه لا يمكن تعويضها، لأن قيمتها ليست في مضمونها فقط، بل في تاريخ نشر الكتاب أيضا، فهناك الآن نسخ حديثة من "ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة" وأغلب الكتب التراثية، لكنها بالتأكيد لن تكون في أهمية النسخ الأولى منها.

ما الكتاب الذي لديك منه أكتر من نسخة منه؟

أيضا ليس كتابا واحدا، فعدد كبير من الكتب التي صدرت من مكتبة الأسرة، يمكن أن يكون لدي منها نسختان أو أكثر، وبعض روايات نجيب محفوظ، كذلك كتب عن فنانين تشكيليين عالميين ولوحاتهم العالمية، وعصر النهضة، اقتني منها نسختين لأنها كتب نادرة، وبالتأكيد كتبي الخاصة التي كتبتها، وهي تقريبا 11 كتابا، كل كتاب منها أكثر من أربع أو خمس نسخ.

هل فكرت أن تستغني عن مكتبتك أو كتبت وصية بشأنها؟

المكتبة بالنسبة للكاتب أو من يعمل بالكتابة هي كل حياته، ماضيه وحاضره ومستقبله، لأن الأمر هنا يتعلق بصناعة منتج للفكر والروح وغذاء للعقل، ليس فقط للمثقف أو من يعملون بمهنة الكتابة، بل من المفترض أن تكون لكل إنسان، ولا بد أن تكون لكل منا ثقافة ممارسة واحترام تقاليد القراءة، ووجودي بجوار المكتبة والكتب وأنا أمارس الكتابة، يشعرني بحالة شديدة من الطمأنينة، فضلا عن أنها تأخذني لعوالم أخرى مختلفة، فأنا على سبيل المثال، كانت ولا تزال واحدة من أهم أمنيات أن أزور العديد من دول العالم، وطبعا إمكاناتي المادية لم تسمح لي بذلك، فوجدت في القراءة عوضا عن زيارة هذه البلدان من خلال أدب الرحلات، فعندما أقرأ أشعر بأنني ما زلت أحيا، فمن الصعب جدا، صعوبة تصل إلى حد المستحيل، الاستغناء أو التخلص من الجزء الأكبر والأهم من تكوينك الثقافي والنفسي والإنساني، لذلك أوصي أولادي دائمًا خيرا بالتعامل مع الكتاب واللجوء إليه، وأتمنى أن تكون هذه المكتبة سندا لهم في كل مراحل حياتهم، فالكتب هي الشيء الوحيد التي يمكن أن أورثها لهم.

كم مكتبة فقدت لظروف خارجة عن إرادتك؟

هو ليس فقدا كاملا، لكن كان لدي عدد كبير من الكتب وضعتها في الكراتين، لضيق المكان، وللأسف طال هذه الكراتين مياه، وفسد أغلبها ولم تعد على حالتها الأولى، ما سبب لي حزنا شديدا، لأني أحب جدا أن يبقى الكتاب على حالته لأني حتى لو قرأت الكتاب أكثر من مرة، أحرص على أن يظل على حالته، لأنه من المحرمات لديّ إهانة الكتاب، أيضا في إحدى المرات اصطحبت معي مجموعة من الكتاب المهمة عندي سفري لإحدى الدول العربية في التسعينيات، وتم احتجازها في المطار بحجة الاطلاع عليها أولا قبل السماح بدخولها البلد هناك، لكن للأسف ضاعت ولم أستردها.

ما الكتاب الذي تمنيت اقتناءه ولم تعثر عليه؟

أعتقد اليوم الكتاب متاح بشكل يسير جدا، حتى لو كان غالي الثمن، فأضعف الأيمان يمكن الحصول عليه إلكترونيا وطباعته، ورغم أنني أمتلك نسخة منها، لكني كنت أتمنى أن يكون لدي الطبعة الأولى من رواية "أولاد حارتنا" التي صدرت في لبنان عن دار الآداب عام 1962، ومنعت وقتها من دخول مصر، وللأسف لم أحصل عليها، لكني حصلت على نسخة منها وقرأتها بعد فوز أديبنا العالمي بجائزة نوبل.

هل تشتري كتبًا ولا تقرأها لظروف ضيق الوقت أو غيرها؟

وارد طبعا، أحيانا عندما أشترى مجموعة كبيرة من الكتب دفعة واحدة، فكان من الممكن في سنوات سابقة أن اشترى ثلاثين أو أربعين كتابا من معرض الكتاب، وبالطبع لا يتاح لي قراءة كل ما اشتريه في وقته، حيث يكون لي أولويات في القراءة، لكن أي كتاب سيأتي عليه الدور في القراءة، وأحيانا أحتاج لكتاب بعينه ولا أعرف أنني سبق واشتريته لأنني لم أقرأه، فأقوم بشرائه مرة أخرى.

هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميا في مناسبات كمعرض الكتاب؟

بالتأكيد وهي عادة تعودت عليها منذ أن كنت طالبا في الثانوي، وبعد ذلك وأنا طالب في المعهد العالي للفنون مسرحية بأكاديمية الفنون، فكان في الأكاديمية مكتبة كبيرة للهيئة المصرية للكتاب، كنت أزورها بشكل يومي، وأشتري كتاب أو اثنين من مصروفي بشكل يومي، وفي الوقت نفسه كنت أدخر جزءا من أجري من العمل خلال إجازة الصيف، حتى يكون معي مبلغا محترما في موسم معرض الكتاب، يتيح لي شراء ما أريده من الكتب، لأنني كنت أحزن جدا إذا كنت أريد شراء كتاب وليس معي ثمنه، أما الآن فالأمر يخضع للظروف، في ظل ارتفاع أسعار الورق وبالتبعية أرتفع سعر الكتاب، لذا فأحيانا نتحايل على الأمر بطباعة نسخة "pdf" من الإنترنت، أو أقوم بتصوير كتاب من صديق لي.

هل تعير كتبك لأحد، وهل تستعيدها أم لا ترد إليك، وهل تستعير كتب من الأصدقاء وهل تعيدها؟

هناك مقولة أعتقد هي للكاتب والشاعر والرسام والفنان الراحل صلاح جاهين حول إعارة أو استعارة الكتب تقول: "غبي من يعير كتابا لغيره، وأغبى منه من يعيد الكتاب"، وأنا شخصيا من الصعب جدا بالنسبة لي، أن أعير كتابا من مكتبتي، وتزداد الصعوبة لتصل إلى حد المستحيل، أن أعير كتابا من الكتب التراثية، أو الطبعات الأولي لكتاب ما، لكن ممكن أن أستعير كتابا من أحد الأصدقاء وأقوم بتصويره ورده في نفس اليوم أو اليوم التالي، وأجتهد في أغلب الأحيان ألا أعيده، خاصة إذا كان كتابا مهما وغير موجود في المكتبات أو على سور الأزبكية، حتى لا تنطبق عليّ مقولة الراحل صلاح جاهين.