وكيل الأزهر يطالب بتوظيف العلوم الحديثة فى توثيق السيرة النبوية
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أنَّ التاريخ العريق للمسلمين، وما أنتجه من علوم وحضارة، بدأ من تلك اللحظة التي ولد فيها نبينا الأكرم ﷺ، والذي كان بين ميلاده ووفاته سيرة عجيبة؛ غيرت وجه العالم، مبينًا فضيلته المنهجية الصحيحة للتعامل مع السيرة النبوية، مع كشف زيف شبهات المشككين في تاريخ الإسلام، وسيرة نبيه الأكرم ﷺ.
وكيل الأزهر: القرآن الكريم أورد أخبار الرسول
وأضاف وكيل الأزهر الشريف، خلال كلمته بالملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تحت عنوان: "منهجية التعامل مع السيرة النبوية بين ضوابط التجديد وانحرافات التشكيك"، بحضور فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود رئيس جامعة الأزهر، وفضيلة الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد عبدالمالك نائب رئيس الجامعة لقطاع الوجه القبلي، ولفيف من عمداء كليات جامعة الأزهر بالقاهرة والأقاليم؛ أنه قد تساءل المشككون: "هل السيرة النبوية صحيحة؟" ثم كذبوها؛ بحجة أن تدوينها متأخر، ووثائقها مفقودة، ومن ثم فمصدرها آيات القرآن! دون مرويات السنن، وأخبار السير والمغازي! وهو طرح مردود؛ لعدة أسباب:
أولًا: لأن القرآن الكريم– وهو كتاب "هداية، وإرشاد"؛ أورد قدرًا يسيرًا من أخبار الرسول ﷺ بما يتوافق وهدفه الإصلاحي في (العقيدة والأخلاق والشريعة)، وليس القرآن كتابًا للتأريخ وتوثيق الأخبار والمغازي، ولو أننا اكتفينا بالقرآن كما يطلبون؛ فمن أين لنا أن نعرف الأخلاق العملية، والمهارات الحياتية، والترجمة الحقيقية لأوامر القرآن؟ ولذا حاول بعض العلماء كفاية المسلمين في ذلك، فجمعوا كل "المرويات والحكايات الشفهية" بهدف بناء وترتيب السرد التاريخي والقصصي، المتعلق بأخبار الرسول ﷺ ومغازيه، وهو عمل ضروري لا غنى عنه.
"الضوينى" يرد على منكرى السنة والمفترين
وتابع وكيل الأزهر الشريف أن ثاني أسباب كذب منكري السنة والمفترين عليها القول إن كُتاب السير التزموا كلهم بجمع صحيح المرويات وفقط، هذا فرض مختلق، وإلزام لهم بما لم يلتزموه، ودليل على عدم اطلاع المتكلم بهذا على كتب السيرة ودرجاتها؛ فقد جمع بعض كتاب السيرة (القصص والأخبار) حول الحادثة الواحدة، دون النظر إلى قبولها أو ردها؛ ولذلك ظهر في كتبهم [الضعيف والواهي]! وليس هذا اكتشافًا وصل إليه دعاة التنوير بعد جهد وعناء، بل إن تراث المتقدمين نفسه قد نبه على ذلك، فكان منهم النقاد الذين ينخلون المرويات؛ ولذا نجد في المقابل محدثين كتبوا في السير والغزوات والشمائل والخصائص؛ أفلم يكن هؤلاء المحدثون يعرفون قواعد الجرح والتعديل، وأحوال الرواة صحة وضعفًا؟
واستكمل فضيلته ثالث الردود على منكري السنة الذين قالوا: إن عدم العلم، يستلزم علم العدم، أهذه قاعدة جديدة، تصحح الحكم بزيف سيرة ابن إسحاق؛ لعدم العثور على مخطوطاتها أو نسخ منها، إن ابن إسحاق ليس المنفرد بالتصنيف في السيرة، ولا هو الأسبق فيه، وعلى فرض أن مخطوطات سيرته مفقودة، وهذا فرض بعيد ومردود بأدلة الواقع، وبفهارس المكتبات، لكن على فرض ضياع مخطوطات ابن إسحاق؛ أفليست سيرة ابن هشام مروية عنه بالسند المتصل بعد (اختصارها وتهذيبها)؟ وهذه وحدها تتوافر منها عشرات النسخ في أكثر خزانات العالم.