الأوراق الملعونة| كتب "غسل الدماغ".. ماذا يقرأ المتطرفون في أيام الإرهاب الأولى؟
"تقف البشرية الآن على حافة الهاوية، لا بسبب التهديد بالفناء المعلق على رأسها، ولكن بسبب إفلاسها في عالم (القيم)".. من مقدمة آخر ما كتبه سيد قطب، في كتاب "معالم في الطريق".
بدأ استخدام كلمة غسيل الدماغ brainwashing بعد الحرب الكورية، حيث أصبح هذا المصطلح جزءًا من الثقافة الشعبية، وصار موضوعًا للتندر والعناوين المثيرة، ومع ذلك لا تزال الطبيعة الحقيقية لهذه الظاهرة الشريرة غير مفهومة حتى الآن.
في كتاب غسيل الدماغ Brainwashing كشفت المؤلفة كاثلين تيلر العلم الكامن وراء هذه الممارسة، حيث جمعت آخر ما توصلت إليه البحوث في علم النفس والأعصاب لتستكشف ما يحدث بالفعل عندما تُغيَّر عقولنا من قوى خارج سيطرتنا، بدءًا بالتلفاز ووصولًا إلى السياسة والتعليم والكتب.
ثمة كتب أولى كانت وراء انتشار موجات التكفير والعنف التي اجتاحت العالم الإسلامي منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى وإلى اليوم.. كتب يمتد تأثيرها إلى أن نصفها بـ"غسيل الدماغ" قرأها المتطرفون في أيام الإرهاب الأولى وأصبحت بالنسبة لهم مرجعًا في هذا التحول والنهج الذى أنتهجوه؛ ومنها:
"في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق"
من بين هذه الكتب كتابا "في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق" لسيد قطب؛ والتي تعد من مجموعة الكتب التي كتبها في فترة سجنه عام 1954 والذى يعد بمثابة مرجع رئيسي درسه كل قادة الجماعات التى تبنت فكرتى التكفير والتفجير والاغتيالات؛ بدءا من شكرى مصطفى، وأيمن الظواهرى إلى أبوبكر البغدادى، وصالح سرية وعبد الله عزام وعبود الزمر حتى أيمن الظواهري كان سيد قطب هو الحاضر الغائب في استشهاداتهم.
ولكون سيد قطب يعد واحدًا من أفراد مدرسة أبوللو ذات الصلة بالأديب عباس محمود العقاد، وهو ما مّكنه من توطي أواصر العلاقة بينه وبين وجهاء عصر من النخبة الثقافية أمثال طه حسين، ونجيب محفوظ، وعبد الحميد جودة السحار، ويحيي حقي، وعبد المنعم خلاف؛ وغيرهم؛ إلا أن جميعهم لم يلتفتوا إلى أعماله الأدبية، مثل روايته الغرامية "أشواك"، أو سيرته الذاتية "طفل من القرية"، أو مقصوصته "الأطياف الأربعة، أو حتى لآشعاره؛ وكذلك من أنضموا فيما بعد إلى قائمة تيارات العنف والتشدد؛ لكون كتاباه "في ظل القرآن" و"معالم في الطريق" يمثلان فكر الحاكمية والتمايز والمفاصلة، الرسم لطريق الجهاد.. كان فكر سيد قطب نقلة نوعية للصحوة الإسلامية عموما، بحسب المؤرخ والمنظر الجهادي الشهير أبو مصعب السوري.
"فرسان تحت راية النبي"
يعد هذا الكتاب لأيمن الظواهرى؛ القيادي في جماعة الجهاد التي تأسست في مصر، وهي التي نشأت بالكامل على أفكار قطب، من الكتب التي تأثر صاحبها بأفكار سيد قطب المحرك الأول للجهاد في نفسه؛ وهو ما برز في الفصل الذى اتخذ عنوانا في هذا الكتاب باسم "البداية".
وتضمن هذا الكتاب آراءه الجهادية حول الحركة الجهادية المصرية في سرد كرونولوجي طويل يبدأ من عهد جمال عبد الناصر وبداية ما يسمى الصحوة الإسلامية، وينتهي عند ما قبل الحادي عشر من سبتمبر بقليل، أي السنوات القليلة الماضية.
الكتاب متوسط الحجم، لغته فصحى مطعمةٌ بأبيات شعر في كل موضع تقريبا، وكأي كتاب آخر يتطرق للتجارب الجهادية، أو يحسب عموما على حركات الإسلام المسلح، فهو كتاب مشبع بعبارات التفخيم والمبالغة، وتغلب عليه الحماسة والذاتية في سرد الأحداث ووضع الشخصيات تحت مجهر التقييم.