شخصيات روائية 10
الكاتبة صفاء عبد المنعم: الشخصية الحقيقة فى الرواية تفرض سطوتها دائمًا
منذ إنسان الكهوف الأول، وفن الحكاية/ الرواية، زاده الخيالي والمعرفي، فيه يبدع ويخلق عوالم هي خليط ما بين واقعه وبين ما يحلم أن يكونه، حتي أنه سجل هذه الحكايات منقوشة قبل أن ينطق باللغة أو يعرف الكتابة، كرسومات كهوف "ألتاميرا" والتي تعود إلي العصر الحجري القديم والذي يمتد لأكثر من 40 ألف سنة.
في الرواية حيوات وعوالم بشر وحجر
وحتي بعدما انتقل الإنسان من مرحلة عيش الكهوف ونزل من فوق الأشجار مودعا مرحلة الجمع والالتقاط، ليعرف لأول مرة الاستقرار بجانب مجاري الأنهار ويتعلم الزراعة فينشأ الحضارة، كما في الحضارات المصرية والصينية وحضارة ما بين النهرين. كان أيضا للحكاية نصيبها الأكبر من حياة أصحاب وبناة هذه الحضارات، تركوها خلفهم سجلا وتأكيدا بأنهم عاشوا وكانوا هنا، تركوا حكاياتهم من خلال آثارهم، فبلا أثر لا توجد حكاية.
في الحكاية/ الرواية، عوالم وحيوات، بشر وحجر، وشخصيات روائية، خلقها مبدعيها، منهم من ينجح في أن يجعل شخصيته الروائية من لحم ودم حتي وأننا ــ خلال التلقي ــ نكاد نستشعر وجودها المادي بحواسنا جميعا.
الشخصية الروائية قد تتمرد علي خالقها وتتأخد مصائرها بنفسها، وترسم دروبها بمفردها، ومنها المذعن من يرضخ لــ “ألاعيب السرد والحبكة” فتكون حياته خيوط عرائس ماريونيت يحركها المبدع كما يشاء.
وبين هذه الشخصيات ومبدعيها/ خالقيها، نقدم لكم في “الدستور” هذه السلسلة من الشخصيات الروائية، يتحدث عنها مبدعيها، كيف خلقوها، خلفيات هذه الشخصيات الاجتماعية والتاريخية، وهل الشكل الأخير الذي وصلت لنا بهذه هذه الشخصيات، هو نفسه الذي خلقه مبدعها في المبتدا.
الشخصية الحقيقة فى الرواية دائما تفرض سطوتها
عن الشخصية الروائية ثالت الكاتبة صفاء عبد المنعم: الشخصية الحقيقة فى الرواية دائما تفرض سطوتها وقوة شخصيتها مهما حاولت وضع بعض اللمسات للتجميل أو أضفت بعض المواقف والمفارقات لأستمرارية العمل تظل هى المسيطرة على المشهد وفرض شروطها وسطوتها.
وأوضحت “عبد المنعم”: وقد حدث هذا كثيرا فى الروايات التى كتبتها بداية من رواية من حلاوة الروح عام 2000 وحتى أخر رواية.
ولكن لن أنسى أبدا شخصية “أم جابر” في رواية “التي رأت”. كانت تملك من القوة والمعرفة بذاتها ما أجهله أنا كاتبة النص فكانت أحيانا تمحو ما أفكر فيه، وتظهر شخصيتها الموجودة وكأنها تتماثل أمام عيني حتى أنني كنت أشعر بأنفاسها على الورق وتتحرك أمامي كما يحلو لها وكما تشاء، وأنا مجرد مسجل آمين للكلمات والحوار والمواقف، وأراها تشتبك بقوة وعنف مع الشخصيات الأخرى، حتى عندما تحكي عن موقف حدث لها فى الطريق كانت تحكيه من وجهة نظرها هى، وليس للكاتبة أي دور سوى محاولة التسجيل السريع وراءها وكأنني كنت فى حالة لهاث حتى لا تضيع مني لحظة وأحيانا كنت استيقظ من النوم على صوتها تناديني كي أكتب ما تفكر فيه بسرعة.
واختتمت “عبد المنعم” مؤكدة علي: ويوم توفيت “أم جابر” فى الرواية بكيت كأنني أبكي شخصية حقيقية عشت معها لحظة بلحظة.