بالتزامن مع تذكار رحيله.. من هو القديس أفستاثيوس بطريرك أنطاكية؟
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية، اليوم الثلاثاء، بتذكار رحيل القديس أفستاثيوس بطريرك أنطاكية، والذي ولد بمدينة سيدا في بمفيليّة فى أواسط القرن الثالث، وكان رجلًا عالمًا وكاتبًا مجيدًا. صبر على الآلام في أيام ذيوكلسيانس وليكينيوس، ولمع بنقاوة إيمانه الكاثوليكي في ذلك العهد الذي عكّرت صفائه البدع، ولاسيّما تلك الهرطقة الآريوسيّة الجهنميّة.
ووفقا لكتار سير القديسين فأنه أقيم أولًا أسقفًا على مدينة بيريه، أي حلب، في سورية. ثم اختاره الأساقفة والشعب لكرسي البطريركيّة الأنطاكية، لأنّه كان، كما يقول المؤرّخ ستولبرغ، أحد كبار أعمدة الكنيسة. فمانع كثيرًا في نقله، لأن القوانين الكنسية كانت تحظّر يوم إذٍ على الأساقفة إبدال كراسيهم بغيرها، إلاّ عن ضرورة قصوى ولأجل منفعة كبرى، وذلك لئلا يطمع الأسقف بغير كرسيّه، فيتوانى في خدمة أبرشيته مدى حياته. لكن الأساقفة والشعب ألخّوا عليه، فسلّم بالأمر الواقع وتسلّم زمام ذلك الكرسي الأنطاكي، بعد أن كانت صروف الزمان قد هزّت أركانه بسبب الفتن والمنازعات التي إنتابته. وكان ذلك سنة 324. فما لبث أفستاثيوس أن لمع بعلومه وفضائله وجميل مناقبه.
وعقب سنة، جمع قسطنطين الكبير أساقفة الدنيا في المجمع المسكوني النيقاوي الأول، للنظر في تعليم آريوس وهرطقته. فكان البطريرك أفستاثيوس ثالث الأحبار فيه. لأن المقام الأول كان لأسقف رومة العظمى الممثّل بنوابه أوسيوس ورفاقه، والثاني للبطريرك ألكسنذرس الإسكندري، والثالث للكرسي الأنطاكي. إلاّ أن أفستاثيوس شرّف منزلته الكبرى بسعة معارفه وصيت فضائله. وهو الذي افتتح المجمع بخطاب ممتع شكر فيه لقسطنطين الملك، بإسم الآباء الثلاث مئة والثمانية عشر، مساعيه الملكية في سبيل الكنيسة.
وبعد أن حرم المجمع آريوس وتعليمه وكل من يجرؤ أن يقول قوله، عاد الآباء إلى كراسيهم. فأخذ أفستاثيوس في إصلاح أمور شعبه. فجمع مجمعًا إقليميًّا من أساقفته، ونظّم طريقة قبول رجال الإكليرس، لئلاّ يتسلّل إلى الحظيرة من لم يكن راعيًا صالحًا. ثم وجّه عنايته الرسوليّة إلى طبقات الناس، وجعل همّه توحيد القلوب وإزالة الفتن وإبادة الضغائن، بصلاته ولسانه وقلمه. وعكف هو أيضًا على تقديس نفسه، فكان البطريرك العطوف المتواضع الصبور، الكثير الحلم الواسع الصدر.
ورحل القديس البطريرك في 20 فبراير،وبعد مرور نحو مئة وخمسين سنة على وفاة أفستاثيوس أعاد خلفه البطريرك كلنذيانس رفاته إلى أنطاكية.