الكنيسة البيزنطية تحتفل بذكرى القدّيسَين الشهيدَين إرميلوس وستراتونيكوس
تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى القدّيسَين الشهيدَين إرميلوس وستراتونيكوس واستشهد هذان القدّيسان في عهد الإمبراطور ليكينيوس حول سنة (307-311).
العظة الاحتفالية
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: دُعي الملائكة منذ البدء بكمال طبيعتهم الروحيّة وبحكم ذكائهم إلى معرفة الحقيقة وإلى محبّة الخير الذي يعرفونه بطريقة كاملة أكثر بكثير ممّا هو متاح للإنسان. هذا الحبّ هو فعل إرادة حرّة... أي إمكانيّة اختيار أو عدم اختيار الخير، يعني الله بذاته. يجب أن نكرّر هنا ما ذكرناه في وقت سابق عن الإنسان: أراد الله بخلقه للكائنات الحرّة أن يتحقّق في العالم هذا الحبّ الحقيقي الذي لا يكون ممكنًا إلاّ على أساس الحريّة. أراد إذًا أن تتمكّن الخليقة التي تكوّنت على صورة الخالق ومثاله من التشبّه به، أي بالله الذي "هو محبّة". بخلقه هذه الأرواح الطاهرة ككائنات حرّة، لم يستطع الله، نتيجة عنايته الإلهيّة، ألاّ يتوقّع إمكانيّة خطيئة الملائكة. إنّما تحديدًا لأنّ العناية الإلهيّة هي حكمة أبديّة تحبّ، سيعلم الله كيف يستخلص من تاريخ هذه الخطيئة... الخير النهائي لكلّ الكون المخلوق.
في الواقع، كما يقول الوحي بكلّ وضوح، إنّ عالم الأرواح المحضة يظهر مقسومًا بين الأخيار والأشرار... كيف نفسّر هكذا انقسام؟... لا يتردّد آباء الكنيسة واللاهوتيّون في التحدّث عن "عمى" [بعض الأرواح الخيّرة] الناتج عن المبالغة في تقييم كمال طبيعتهم الخاصّة، لدرجة حجب تفوّق الله الّذي كان يطلب بالعكس فعل خضوع طيّع ومطيع. كلّ ذلك يبدو معبّرًا عنه بصورة مقتضبة بهاتين الكلمتين: "لن أخدمك!"، وهما تترجمان رفض المشاركة الجذري الّذي لا عودة عنه في بناء ملكوت الله في العالم المخلوق. يسعى الروح المتمرّد، أي الشيطان، إلى تحقيق ملكوته الخاصّ وليس ملكوت الله، فينصّب نفسه كعدو الخالق الأوّل، مقاومًا العناية الإلهيّة كمعادٍ حكمة الله المحبّة. فمن تمرّدِ إبليس وخطيئته، كما من تمرّد الإنسان وخطيئته، يجب أن نستخلص وأن نفهم الخبرة الحكيمة الواردة في الكتاب المقدّس الّذي يؤكّد: "في الكبرياء خراب واضطراب كثير".