في الذكرى 103 للقديس الصعلوك.. تعرف على تفاصيل اللقاء الأول بين السعدنى وعبد الرحمن الخميسى
تمر اليوم الذكرى 103 لميلاد الكاتب الموسوعي عبد الرحمن الخميسي، والذي ولد في مثل هذا اليوم الموافق 13 نوفمبر 1920، يروي الكاتب الساخر محمود السعدني التفاصيل الكاملة للقاء الأول الذي جمعه بالقديس الصعلوك على مقهى عبد الله.
يسرد الكاتب الساخر محمود السعدني تفاصيل اللقاء الأول الذي جمعة بالكاتب عبد الرحمن الخميسي، قائلًا: “لا أستطيع أن أحدد الوقت على وجه الدقة، ولكنها كانت ليلة باردة قبل حرب فلسطين، ربما فى شتاء عام ١٩٤٧”.
وتابع السعدني: "كنت أجلس على قهوة محمد عبد الله بميدان الجيزة مع عدد من كبار الأدباء، أنور المعداوى والدكتور عبد القادر القط وزكريا الحجاوي والشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل والشيخ قطامش المحامى الشرعى، وكانت له علاقة بالأدب باعتباره صديق زكريا الحجاوي وأنور المعداوى وعبدالحميد الديب، وفجأة وجدت الجميع يقفون للترحيب برجل شاب على مشارف الأربعين، كان وسيمًا وأنيقًا صافح الجميع، ثم احتضن زكريا الحجاوي وتبادلا العناق والقبلات، ثم جلس وسط حلقة ضربها الأدباء حوله، كان صوته دافئًا وعميقًا، وراح يتحدث بلا انقطاع، وكان حديثه عن حرب فلسطين وشعبها وأبطالها، وعن المعارك التي تدور في أرجائها.. بينهم وبين اليهود.
وتوقف حديث السياسة ثم طلبوا منه أن يسعهم آخر قصائده، ثم راح ينشد شعره وهو يعتصر الكلمات من قلبه بينما كان يهز رأسه ويرعش حاجبيه وكأنه يغنى، إذن القادم الجديد شاعر وأنا الذى تصورت أنه ضابط مقاتل عندما انهمك في الحديث عن معارك العرب في فلسطين، ومن خلال الحوار اكتشفت أن الرجل اسمه الخميسي، هذا إذن هو عبد الرحمن الخميسي، وكنت قد سمعت عنه حكايات ونوادر من الحجاوي ومن المعداوي ومن كامل الشناوي.
وتابع: مضى الوقت سريعا وأخذ الأدباء المجتمعون ينصرفون، انصراف أولا أنور المعداوي ثم تبعه الدكتور عبد القادر القط ثم الشاعر محمود حسن إسماعيل ثم الشيخ قطامش، ولم يبق على القهوة إلا زكريا الحجاوي وأنا، كنت شرخ الشبابولم أكن مشغولا بأي شيء، في الخامسة صباحا اعتذر الحجاوي وانصرف وبقيت وحدي مع الخميسي، في السابعة صباحا اعتذرت لأنصرف، سألني الخميسي: وراك إيه ؟ قلت له: بصراحة مفيش حاجة لكن عشان أنام وأسيبك تنام إنت راخر، فرد: أنا ما بنامشي يابني، بكرة ننام كتير، خليك معايا أنا نفسي آكل شوية فول من عند أبو ظريفة، ما تيجي معايا.
واستطرد: “لم أعلق بكلمة ولكني سرت معه على الفور، في دكان أبو ظريفة جلست أنا والخميسي في مواجهة كل منا الآخر، خلع نظارته ويمسخ زجاجها ثم قال لي بلهجة أخوية.. عارف يا واد يا محمود ـ وأنا قدك كده كان نفسي آكل عند أبو ظريفة كل يوم، بس ما كانش فيه فلوس، أنا أصلي دخت كتير في البلد دي، في الوقت اللي كان فيه أدباء من بتوع الأزهر راكبين عربيات ولا بسين بلاطي وبيشربوا سجاير أمريكاني”.
وتابع: “أرعشت حاجبي دهشة، لقد كان الخميسي لحظة هذا الحديث يرتدي بدلة حرير وكرافتة فرنساوي وحذاء إيطالي، ولو قال للعبد لله إنه ابن بيه وحفيد باشا لصدقته، ولكن صراحته المتناهية، وتعرية نفس للعبد لله هدمت كل السدود التي بينه وبيني، تمنيت لو كان الخميسي يعيش في القاهرة والتقي به كل يوم، ولكن لسوء الحظ أن أن الخميسي كان يعمل في إذاعة الشرق الأدنى ومقرها حيفا وكان يسكن في تل أبيبت، وكان يزامله في العمل سامي داود وعميد الإمام والشيخ فريد السنديوني وسليم الوزي وعبد المجيد أبو لبن ومحمد الغصين”.