"تشاتام هاوس": تحذيرات من تزايد الأزمات النووية فى مختلف مناطق العالم
فشلت دول العالم منذ 2010 في التوصل إلى إجماع حول مستقبل معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وذلك بعد فشل مؤتمر المراجعة الدورية للمعاهدة عام 2015، وانتهى مؤتمر المراجعة التالي في 2022 دون اتفاق بسبب عرقلة روسيا للإجماع على الوثيقة النهائية التي تم التفاوض عليها.
منع الانتشار النووي في العالم
وتقول الدكتورة ماريون ميسمير، كبيرة زملاء الأبحاث في برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشئون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني، في تحليل نشره موقع المعهد، إنه في حين استطاعت دول العالم على مدى نحو نصف قرن عزل هذه المعاهدة عن أي خلافات سياسية أخرى، أصبح الأمر أصعب في الوقت الحالي مع تزايد التوترات الدولية، وينطوي هذا على مخاطر كبيرة بالنسبة لنظام منع الانتشار النووي في العالم، مع تزايد رغبة العديد من الدول في امتلاك أسلحة نووية.
الاتفاق النووي مع إيران
والآن تتزايد الأزمات النووية في مختلف مناطق العالم، فبعد التقدم الذي تحقق في اتجاه إحياء الاتفاق النووي مع إيران خلال الشهور الأخيرة، سحبت طهران تصاريح عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المكلفين بالتحقق من العمل في عدة مواقع نووية إيرانية.
وهذه الخطوة قلصت قدرة الوكالة على مراقبة البرنامج النووي الإيراني، وأججت المخاوف من اقتراب الإيرانيين من تطوير أسلحة نووية، وهو ما يشعل التوترات الإقليمية.
مخاطر نشوب حرب نووية
وتابع التحليل: إسرائيل تقول باستمرار إنها ستدرس التدخل العسكري لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، والمملكة العربية السعودية قالت إنها ستمتلك أسلحة نووية إذا ما امتلكتها إيران، وهذا من شأنه تغيير الخريطة الجيوستراتيجية للشرق الأوسط بشكل لا رجعة فيه، ويزيد مخاطر نشوب حرب نووية.
ويمكن رؤية بعض تأثيرات انتشار الأسلحة النووية على الأمن الإقليمي في شبه الجزيرة الكورية، فتكثيف التجارب الصاروخية من جانب كوريا الشمالية يزيد مخاوف كوريا الجنوبية من نوايا جارتها الشمالية.
تزايد التهديدات النووية الإقليمية
وفي وقت سابق من العام الحالي، أعلنت حكومة سول أنها قد تفكر في إقامة برنامج لتطوير أسلحة نووية، إذا استمر تزايد التهديدات النووية الإقليمية من كوريا الشمالية.
فكوريا الجنوبية لا تنظر فقط إلى الخطر الشديد من جارتها الشمالية، وإنما أيضًا إلى التوترات المتصاعدة في منطقة المحيط الهادئ، بما في ذلك الممارسات الصينية العدوانية في المنطقة.
وحتى في أوروبا التي لم تشهد حربًا حقيقية على أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية، حتى بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي، أصبحت تشعر بقلق متزايد من الترسانة النووية الروسية خاصة مع تهديدات مسئولين روس كبار إلى السلاح النووي، إذا تحولت الحرب في أوكرانيا إلى تهديد وجودي لروسيا.
معاهدة منع الانتشار النووي حتى 2026
وخلال اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي عام 2026، والتي عقدت في الصيف الحالي بالعاصمة النمساوية فيينا، تم تشكيل مجموعة عمل مهمته تعزيز قوة عملية مراجعة الاتفاقية، وناقشت المجموعة فاعلية المناقشات والمسئولية عن تحقيق أهداف المعاهدة وشفافية تصرفات الدول الأعضاء فيها.
وقد يكون الوضع الراهن غير كاف في ظل هذه البيئة الأمنية المتطورة، وهناك حاجة لتطوير أساليب أخرى للمحافظة على بقاء المعاهدة وجدواها.
وتختم ماريون ميسمير المتخصصة في دراسات الحد من الأسلحة النووية والعلاقات بين روسيا وحلف الناتو تحليلها بالقول إن العالم يتطلع الآن أكثر من أي وقت مضى إلى قادته، للتصدي للتحديات وتبني التغيير المطلوب وتعزيز معاهدة منع الانتشار النووي، كحجر زاوية في السلام والأمن الإقليميين، ففشل المعاهدة ينطوي على ثمن لا يمكن تحمله، ويتضمن الاحتمالات الكارثية لانتشار الأسلحة النووية واستخدامها في الصراعات بين الدول.